الشركات الوسيطة في غزة تستهدف حفظ حقوق العمال أم زيادة أعبائهم

من المتوقع أن تنهي عدد من الشركات إجراءاتها القانونية لتبدأ العمل مطلع سبتمبر الجاري.
الثلاثاء 2023/09/05
العمال بين ضغوط المشغل الإسرائيلي وحسابات حماس

غزة - أثار قرار وزارة العمل التابعة لحكومة حماس في قطاع غزة بتفعيل نظام “شركات التشغيل الوسيطة” بين العمال من غزة والجهة الإسرائيلية المُشغّلة، نقاشا بشأن مدى قدرتها على حفظ حقوق العمال الفلسطينيين في إسرائيل، في ظل شكوك كبيرة حول دوافع إنشائها.

وقال مسؤولون حكوميون في غزة إن هذه الشركات تسعى “لتوفير فرصة عمل للفلسطيني الحاصل على تصريح للعمل في إسرائيل، كما أنها تحميه من ابتزاز السماسرة (الأفراد) الذين يتقاضون أموالا طائلة مقابل توفير فرصة عمل، فضلا عن حماية حقوقه العمالية”.

في المقابل، يرى آخرون أن هذه الشركات هي “شركات سمسرة مرخصة ومشرعنة لاحتكار سبل العمل”.

ومنتصف أغسطس الماضي، أعلن وكيل وزارة العمل إيهاب الغصين اعتماد لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة توصية وزارته بتفعيل نظام شركات التشغيل الذي تم إقراره عام 2019.

وقال الغصين في بيان إن هذا القرار يأتي “بناء على المصلحة العامة للعمال الراغبين بالعمل في الداخل المحتل (إسرائيل)، ومنعا لاستغلالهم وابتزازهم ماليا، وفي ظل انتشار تجار وسماسرة تصاريح العمل”.

مصطفى إبراهيم: دور هذه الشركات جمع ضرائب دخل من العمال
مصطفى إبراهيم: دور هذه الشركات جمع ضرائب دخل من العمال

وبحسب الوزارة، وصل عدد الفلسطينيين من غزة الحاصلين على تصاريح للعمل في إسرائيل حوالي 18 ألفا و500 عامل، بينهم 2700 تصريح مشغل، والباقي تصاريح “احتياجات اقتصادية”.

وفي 7 أكتوبر 2021، قالت وزارة العمل في غزة إن إسرائيل وافقت على إصدار تصاريح عمل داخل إسرائيل والضفة الغربية المُحتلّة خاصة بالتجار والاحتياجات الاقتصادية.

وخلال 2022، منحت تل أبيب الآلاف من التصاريح لعمال من غزة للعمل في إسرائيل أو الضفة، بما يتيح لهم المرور عبر حاجز بيت حانون (إيرز) شمالي القطاع، وصولا إلى مكان عملهم.

ويرى الكاتب الحقوقي مصطفى إبراهيم أن “هدف هذه الشركات تنظيمي يخص حكومة غزة أكثر من كونه متعلقا بحماية حقوق العمال”.

وبيّن إبراهيم أن “العمال تعرضوا، وما زالوا، لانتهاكات كبيرة”، متسائلا “أي جهة ستدافع عنهم إسرائيلية أم فلسطينية؟”.

وأوضح أن دور هذه الشركات يبدو كأنه “قائم على جمع ضرائب دخل من العمال وليس تعزيز وحماية حقوقهم، بما يضيف عقبات أكثر على العمال”.

وتابع “هذه الشركات للبحث عن العمل وليس لحفظ الحقوق، وهي طريقة أخف من طرق السماسرة الذين يفرضون مبالغ مالية كبيرة، وأيضا شرعية، لكن في النهاية دفع العامل مبلغ يقدر بنحو 600 شيكل هو اقتصاص من حقه”.

ولفت إبراهيم إلى أن “حماية حقوق العمال الفلسطينيين في إسرائيل غائبة منذ سنوات طويلة، حيث لم يحصل عشرات الآلاف من الفلسطينيين سواء من غزة أو الضفة على حقوقهم، فيما هناك خلاف بين السلطة الفلسطينية والاحتلال حول مستحقات العمال التي تحتجزها إسرائيل”.

تل أبيب منحت خلال 2022 الآلاف من التصاريح لعمال من غزة للعمل في إسرائيل أو الضفة، بما يتيح لهم المرور عبر حاجز (إيرز) وصولا إلى مكان عملهم

ويرى أن المطلوب “أن يتم تحميل الحكومة الإسرائيلية التي تُشغل العمال المسؤولية عن هذه الحقوق”.

وفي السياق، قالت “جبهة العمل النقابي التقدمية” الذراع العمالية “للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” في بيان “تفاجأنا بمنح تصاريح لشركات المشغل، التي ستكون وسيطا بين العامل والمشغل الصهيوني، مقابل شهرية”.

وأضافت النقابة أن “مدة التصريح المتعارف عليها 6 شهور، أي سيكون إجمالي ما يدفعه العامل نحو 3 آلاف و600 شيكل (950 دولارا) في ظل عدم وجود ضمانات لاستمرارية العمل طوال هذه الفترة”.

واعتبرت أن “قرار استمرار أو وقف العمل سيكون بيد المشغل الإسرائيلي، ما يعني أن هذه الشركات هي شركات سمسرة مرخصة لاحتكار سبل العمل”.

وأعربت “جبهة العمل النقابي التقدمية” عن قلقها إزاء هذا الملف خاصة في ظل ما قالت إنها “ضبابية الإجراءات غير المعلن عنها حول طبيعة علاقة هذه الشركات مع المشغل”.

ودافعت الحكومة التي تسيطر عليها حركة حماس على إنشاء هذه الشركات، وقال مدير عام التشغيل في وزارة العمل محمد طبيل إن الهدف منها “تنظيم عملية الحصول على تصاريح عمل مشغل للعاملين في الداخل المحتل (إسرائيل)، ووقف الابتزاز من بعض سماسرة العمال، وحفظ حقوقهم”.

"جبهة العمل النقابي التقدمية" أعربت عن قلقها إزاء هذا الملف خاصة في ظل ما قالت إنها "ضبابية الإجراءات" غير المعلن عنها حول طبيعة علاقة هذه الشركات مع المشغل

وأضاف طبيل أن الشركة سيكون لديها التزامات مختلفة “حيث تعمل وفق قانون العمل الفلسطيني، وتحافظ على حقوق العمال، وتوفر فرص عمل حقيقية لهم في شركات معروفة في إسرائيل ليحصلوا على حقوقهم كاملة، ولا يتعرضون لأي ابتزاز”.

وبيّن أن “تصاريح المشغل تختلف عن تصاريح الاحتياجات الاقتصادية، لأن الثانية لا تضمن حقوق العمال في حال إصابات العمل أو الوفاة أو مكافأة نهاية الخدمة أو غيرها من الحقوق”.

وتابع “إلا أن تصريح المشغل، يعطي الفلسطيني صفة العامل، بما يضمن له حقوقه ويتيح للجهات الفلسطينية متابعة هذا الملف”.

وذكر طبيل أن عدد الشركات المتقدمة للحصول على ترخيص للعمل كشركات مشغلة بلغ نحو 15 شركة.

ولفت إلى أنه “لم يتم منح أي ترخيص لأي شركة، حيث من المتوقع أن تنهي عدد من الشركات إجراءاتها القانونية لتبدأ العمل مطلع سبتمبر” الجاري.

وأشار إلى أن الوزارة تسعى من وراء هذه الشركات “لإشراك القطاع الخاص في قطاع التشغيل والمساعدة في الحد من البطالة”. وأردف أن “عمل المكاتب لن يقتصر على العمل في إسرائيل إنما في غزة والخارج أيضا”.

وأشار إلى أن “السماسرة الأفراد كانوا يتقاضون نحو 4 آلاف شيكل (1055 دولارا) من الراغبين في الحصول على تصريح عمل (كدفعة أولى)، وشيكات شهرية تزيد عن ألفين و500 شيكل (660 دولارا)”.

ولفت إلى أن وزارته، مع بدء شركات التشغيل العمل، لن تستلم أي “تصريحات مشغل إلا من خلال هذه المكاتب المرخصة”.

2