الشركات التركية تنتعش في ليبيا خلال عهد حكومة الدبيبة

حالة الانقسام السياسي وحاجة الدبيبة إلى حليف قوي، شكل فرصة ثمينة بالنسبة إلى تركيا لتعزيز استثماراتها في ليبيا.
الأربعاء 2023/02/01
الأتراك يتطلعون إلى المزيد من الاستثمارات

طرابلس - شهدت الشركات التركية في ليبيا انتعاشة في عهد حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، والتي يواجه رئيس وزرائها عبدالحميد الدبيبة اتهامات من خصومه المحليين بتوظيف ورقة الاستثمارات لكسب دعم حلفاء إقليميين ودوليين.

وحصلت الشركات التركية، خلال العامين الماضيين، على العديد من المناقصات في قطاعات مختلفة مثل المطار ومحطة الطاقة والطرق والجسور والحدائق العامة والمستشفيات وأعمال البنية التحتية وإنشاء المباني الحكومية والخاصة.

وقال حسن تحسين تشبي، صاحب شركة مقاولات تركية في ليبيا، إنه “يجب على الشركات التركية ذات الرؤية المستقبلية ألا تتجاهل السوق الليبية”.

وأوضح تشبي أن “الأوضاع في ليبيا يمكن أن تكون قاسية في بعض الأحيان والفرص محدودة، لكن السبب الأول لنجاح الشركات التركية حول العالم هو الخطوات الجريئة التي اتخذتها”.

وأضاف “لدينا روابط ثقافية وتاريخية عميقة بهذه المنطقة، والفرص الممنوحة لنا، بغض النظر عن الظروف، تعتبر مهمة كبيرة لنا”.

150

مليار دولار حجم الإمكانات الاستثمارية التي تنتظر رجال الأعمال الأتراك في ليبيا

وتابع تشبي “لدينا في الوقت الحالي ثلاثة مشاريع في ليبيا، اثنان منها في العاصمة طرابلس والثالث في مصراتة”.

وذكر أن أحد المشاريع في العاصمة هو “مبنى البرلمان القديم الواقع في محيط سوق الثلاثاء، المكان الأكثر شهرة في طرابلس”.

وأوضح أنه بدلاً من مبنى البرلمان سيتم بناء أبراج مكتبية ومناطق تجارية واجتماعية، لافتًا إلى أن هذا المشروع يعتبر من أكبر المشاريع وأكثرها تميزًا بعد فترة الراحل معمر القذافي والثورة الليبية. وأشار إلى أن أعمال الحفر وتحليل التربة لبناء المشروع تم تنفيذها من قبل المهندسين الأتراك.

وتتمركز الاستثمارات التركية في المنطقة الغربية التي تخضع لسيطرة حكومة الدبيبة، وقد سجلت الاستثمارات التركية بداية انتعاشة لها، لاسيما بعد نجاح التدخل التركي في وقف زحف الجيش الليبي صوب العاصمة طرابلس، لتبلغ مستوى لافتا خلال الفترة الأخيرة.

ويرى خبراء اقتصاد أن حالة الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا، وحاجة الدبيبة إلى حليف قوي مثل أنقرة، شكل فرصة ثمينة بالنسبة إلى تركيا لتعزيز استثماراتها في هذا البلد.

وتشهد ليبيا أزمة سياسية تفاقمت منذ مارس الماضي بعد تشكيل حكومة جديدة بقيادة فتحي باشاغا بدعم من البرلمان في مواجهة حكومة الوحدة التي انتهت ولايتها في يونيو الماضي.

الاستثمارات التركية تتمركز في المنطقة الغربية التي تخضع لسيطرة حكومة الدبيبة

ويسعى الدبيبة منذ ذلك الحين إلى تقديم إغراءات لدول قريبة منه مثل تركيا لدعمه في مواجهة جهود للإطاحة به.

وكان رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي مرتضى قرنفل ذكر في وقت سابق أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ أربع مليارات دولار، مشيرا إلى وجود إمكانات استثمارية تقارب 150 مليار دولار تنتظر رجال الأعمال الأتراك في ليبيا.

وقال المهندس التركي زكي أرار إنه قدم إلى ليبيا لأول مرة عام 1980 بعد تخرجه في الجامعة، وأنه يعمل منذ عامين في مشروع جسر وطريق في العاصمة طرابلس.

وأوضح أرار أن “المشروع عبارة عن تسهيل لحركة المرور بين منطقتي أبوسليم وبوابة الجبس على طريق المطار القديم”.

وأكد أنه بعد ثمانية أشهر سيتم تسليم المشروع والطرق الرابطة فيها إلى السلطات الليبية، مشيرًا إلى أن الهيكل الفولاذي لأعمدة الجسر والحواجز الخرسانية المسلحة ستُجلب من تركيا.

وذكر أن لدى شركته حاليًا ثلاثة مشاريع، اثنان منها سدود، وأن الشركات التركية بدأت بالقدوم إلى ليبيا مرة أخرى.

من المشاريع الكبرى التي تبنّى المهندسون الأتراك العمل عليها في ليبيا تحديث أحد أكبر مستشفيات العيون على مستوى أفريقيا

وأضاف أرار “الجميع يفكر في العودة إلى ليبيا، والشركات التي نعرفها تجري مفاوضات هنا وأعتقد أننا سنكون ناجحين للغاية كما كنا سابقا”.

وتابع “ليبيا بالنسبة إلينا حجر الزاوية في العقود الخارجية ومن الضروري إدراك أهمية ذلك وعدم مغادرتها”.

ومن المشاريع الكبرى التي تبنّى المهندسون الأتراك العمل عليها في ليبيا تحديث أحد أكبر مستشفيات العيون على مستوى أفريقيا، والذي انتهى معظم بنائه في عهد القذافي.

وبحسب مسؤول الشركة في ليبيا محمد أبوزيد، وهو مواطن تركي من أصل مصري، فإن المشروع بدأ عام 2010، لكن توقف في 2011.

وقال أبوزيد “بدأنا العمل على المشروع قبل ستة أشهر، ونهدف إلى استكماله في نهاية 2023”. وأضاف أن المستشفى الذي يتسع لـ250 سريرًا ويقدم خدماته للمرضى من ليبيا وخارجها، يعتبر من أكبر مستشفيات العيون في أفريقيا.

ويعمل في المشروع 40 عاملًا محليًا وأجنبيًا، و23 فنيًا من تركيا يعملون في مجال الكهرباء والميكانيك.

وكانت الشركات التركية بدأت استكشاف فرص الاستثمار في ليبيا منذ سبعينات القرن الماضي، وقد تضاعف حضورها خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، لتشكل الفترة الحالية أوجها مع حكومة الدبيبة.

4