الشرعية اليمنية تحقق انتصارا جزئيا في صراعها المالي ضد الحوثيين

دعوة البنك المركزي المصارف العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين بنقل مقراتها إلى عدن يشكل قرارا مؤلما للجماعة التي عبرت عن انشغالها بالتبعات المحتملة.
الاثنين 2024/04/15
العملة التي أفاضت الكأس

عدن- تتجه السلطة اليمنية المعترف بها دوليا بقيادة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى تحقيق أول انتصاراتها في صراعها الاقتصادي والمالي ضدّ جماعة الحوثي التي عملت على مدى السنوات الماضية على انتزاع امتياز التحكّم بالجهاز المالي من يد الحكومة اليمنية متسببة في تقسيم البنك المركزي إلى فرعين أحدهما في صنعاء والآخر في عدن.

وبدا القرار الذي اتّخذه البنك المركزي التابع للشرعية اليمنية مؤخرا وألزم بموجبه كافة البنوك العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين بنقل مقراتها إلى عدن مؤلما على نحو خاص لجماعة الحوثي، التي وقفت على الأضرار المالية التي يمكن أن تنجم عنه.

وجاء القرار كردّة فعل على قيام جماعة الحوثي بسك عملة معدنية قالت إنّ الهدف منها تعويض الأوراق المالية التالفة من عملة الريال، لكن الحكومة اليمنية وصفت الخطوة بـ”الفعل التصعيدي الخطير وغير القانوني الذي لا يأخذ بعين الاعتبار بأي شكل من الأشكال مصالح المواطنين”، محمّلة الحوثيين “تبعات هذا التصعيد اللامسؤول وما يترتب عليه من تعقيد وإرباك في تعاملات المواطنين والمؤسسات المالية والمصرفية داخليا وخارجيا”، وفق ما  ورد في بيان للبنك المركزي في عدن.

◄ قرار نقل مقرات البنوك من صنعاء إلى عدن يسبب إرباكا ماليا للحوثيين قد يجبرهم على وقف عرقلة تصدير النفط

وقال خبراء اقتصاديون وماليون يمنيون إنّهم لا يتوقعون تسجيل فوائد عاجلة ومباشرة للسلطة اليمنية من وراء قرارها إلزام المصارف بنقل مقراتها من مناطق سيطرة الحوثيين، لكنّهم توقعوا في المقابل تحصيل فوائد غير مباشرة من قبيل إرغام السلطة الموازية التي يديرها الحوثيون على تقديم تنازلات في المجال الاقتصادي والمالي للحدّ مما قد يترتّب على القرار من خسائر وأضرار من شأنها أن تؤثّر على الوضع المالي في مناطقهم والذي بدا إلى حدّ الآن أكثر استقرارا، ولو نسبيا، مما هي عليه الحال في مناطق الشرعية التي عانت انهيارات كبيرة في قيمة عملة الريال أثرت على الأوضاع الاجتماعية لسكان تلك المناطق بما تسببت فيه من تضخّم وغلاء مشطّ في أسعار المواد الأساسية من أغذية وغيرها.

ولوحظ أن انهيار قيمة الريال بات يشمل أيضا مناطق سيطرة الحوثيين، منذ صدور قرار الحكومة اليمنية بشأن نقل مقرات البنوك.

ولاح من ضمن الفوائد غير المباشرة التي يمكن للشرعية اليمنية جنيها من قرارها الأخير بشأن مقرات المصارف، لجوء الحوثيين إلى مقايضة تقوم على تخلّيهم عن عرقلة تصدير النفط في مقابل عدول الشرعية عن القرار.

حسين العزي: القرار يمثل تصعيدا غير مبرر تجاه تبديل عملة المئة ريال التالفة
حسين العزي: القرار يمثل تصعيدا غير مبرر تجاه تبديل عملة المئة ريال التالفة

وسيمثّل ذلك بحسب الخبراء مكسبا كبيرا للسلطات اليمنية التي تضرر وضعها المالي كثيرا جرّاء استهداف الحوثيين لمنشآت وموانئ تصدير الخام في مناطق الشرعية، الأمر الذي تسبب بخسائر مالية فادحة قدرت ببضعة مليارات من الدولارات.

ونقلت وسائل إعلام عربية ويمنية عن مصدر حكومي قوله إنّ الحوثيين عبّروا في رسائل وجهوها إلى الحكومة اليمنية عبر وسطاء عن استعدادهم للتراجع عن عرقلة تصدير النفط في مقابل العدول عن نقل مقرات البنوك إلى عدن.

وجاء لجوء الحوثيين إلى هذه الصفقة المحتملة بعد عجزهم عن ثني البنوك عن تنفيذ القرار الحكومي في ظل مطالبة أصحاب تلك المؤسسات ببدائل تحمي مؤسساتهم من العقوبات التي هدد البنك المركزي بتسليطها عليهم بعد انقضاء مهلة الستين يوما الممنوحة لهم.

وسبق لقياديين في جماعة الحوثي أن كشفوا عن انشغالهم بالتبعات المحتملة لمغاردة البنوك لمناطق سيطرة جماعتهم. وقال عبدالملك العجري عضو الوفد الحوثي المفاوض للجماعة إنّ “على الجهات الحريصة على السلام وخارطة الطريق، وبالذات المملكة العربية السعودية باعتبارها الطرف الأساسي فيها أن تضع حدا لهذا العبث”. ووصف في تعليق عبر منصة إكس قرار البنك المركزي في عدن بأنّه “خطوة تصعيدية أخرى بدفع أميركي واضح الهدف منه الضغط على موقف صنعاء من غزة، وفرصة للهروب من استحقاقات السلام وتخريب خارطة الطريق”.

أما حسين العزي نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين فقال إن القرار يمثل “تصعيدا غير مبرر تجاه تبديل عملة المئة ريال التالفة، وإصرارا على هدم ما بنيناه مع الجوار”.

كما دعا العزي عبر حسابه في منصة إكس الرياض إلى التدخل لدى الحكومة اليمنية لوقف تنفيذ قرار البنك المركزي في عدن تعبيرا عن حسن النوايا.

3