الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والبحرين لا تخلو من بعض المنغصات

مراقبون يرجحون أن تثير البحرين خلال الحوار الاستراتيجي قلقها من تحركات السفير الأميركي بالمنامة.
الأربعاء 2022/03/02
زيارة مرتقبة لولي العهد البحريني إلى واشنطن

المنامة - تجري هذه الأيام فعاليات الحوار الاستراتيجي الثاني بين مملكة البحرين والولايات المتحدة التي تمتد على مدار أسبوع وتهدف إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية في مختلف المجالات، مع بحث التطورات الإقليمية والدولية التي لها انعكاس على كلا الجانبين.

وافتتح وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن الحوار الثلاثاء عبر تقنية الاتصال الإلكتروني المرئي.

وذكر البيت الأبيض أن المسؤولين الأميركيين والبحرينيين سيعقدون مجموعات عمل على مدار الأسبوع الجاري لدعم الأمن الثنائي والإقليمي، وتشجيع التعاون الاقتصادي، ومكافحة الإرهاب والتهديدات العابرة للحدود الوطنية، وتوسيع التبادلات بين الجانبين، وتعزيز اتفاقيات أبراهام، واتخاذ خطوات لتعزيز حقوق الإنسان.

ويتزامن الحوار الاستراتيجي مع الإعلان عن زيارة مرتقبة لولي عهد البحرين رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى واشنطن دون أن يتم تحديد تاريخها.

ويجسد الحوار الاستراتيجي أحد أبرز أدوات التفاعل بين الولايات المتحدة وشركائها التقليديين ومن بينهم دول الخليج لتقييم العلاقات الثنائية بهدف تعزيزها ومناقشة التحديات المشتركة.

ويعد الحوار الجاري بين المنامة وواشنطن الثاني بينهما حيث جرى الأول في ديسمبر 2020، ويعكس عمق العلاقات الثنائية، رغم بعض المنغصات التي تطرأ بين الحين والآخر في علاقة بموقف واشنطن من الأوضاع الداخلية في المملكة، حيث تطالب واشنطن السلطات البحرينية بفسح المجال لنشاط المعارضة السياسية والحقوقيين وتخفيف القبضة الأمنية، وهو أمر ترفضه المنامة بشدة وتعتبره تدخلا في شؤونها الداخلية.

وأثارت تحركات للسفير الأميركي الجديد ستيفن بوند مؤخرا ولقاؤه بعدد من ممثلي الجمعيات الأهلية في البحرين استفزاز المملكة التي سارعت إلى استدعائه داعية إياه إلى احترام المعايير الدولية.

وذكرت وزارة الخارجية البحرينية في بيان أن “الوزير عبداللطيف الزياني أبلغ السفير تحفظ المملكة على اللقاء بما يحمله من دلالات لا تتفق مع القوانين والأعراف الدولية في هذا الشأن”. وتابعت “أبدى السفير تفهما كاملا لكل ما نشر من مختلف الجهات في البحرين بهذا الشأن، والحرص على علاقات البلدين”.

ويرجح مراقبون أن تثير البحرين خلال الحوار الاستراتيجي قلقها من تحركات السفير بوند الذي يذكرها بالسفير الأسبق توماس كراجيسكي ومواقفه خلال انتفاضات ما سمي بالربيع العربي.

وللبحرين حساسية كبيرة من مناقشة المسائل الداخلية الخاصة بها، ويقول المراقبون إن الولايات المتحدة تدرك ذلك جيدا وأنه على الرغم من تحفظاتها على المسلك البحريني في هذا الجانب إلا أنها تسعى لتجنب إثارة توتر في العلاقات الثنائية.

عبداللطيف الزياني: نتطلع إلى الاستفادة من الخبرة الأميركية في تعزيز حقوق الإنسان

ويشير المراقبون إلى أن واشنطن التي تشهد علاقاتها مع بعض القوى الخليجية الوازنة مدا وجزرا لا تريد إرسال رسائل أو إشارات من شأنها أن تزيد من تعقيد الأوضاع مع المحيط الخليجي، لافتين إلى أن الحوار الجاري بين البحرين والولايات المتحدة سيركز على تطوير التعاون الثنائي وبحث التحديات المشتركة.

ويأتي الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والبحرين في ظرفية إقليمية ودولية حساسة في علاقة بالمفاوضات النووية بين إيران والمجموعة الدولية والتي بلغت “اللحظة الحاسمة”، والأزمة الأوكرانية التي تحاول دول الخليج النأي بنفسها عنها.

وأكد وزير الخارجية البحريني في افتتاح فعاليات الحوار مع نظيره الأميركي أن “هذا الحوار فرصة مهمة لمراجعة وتقييم التطورات الإقليمية والدولية، والتأكيد على وجهات نظرنا المشتركة، وتبادل الأفكار حول كيفية المضي قدمًا”، مضيفًا أن “السلام المستدام في اليمن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حل سياسي شامل وإنهاء معاناة الشعب اليمني وإزالة مصدر زعزعة الاستقرار الإقليمي بشكل كبير”.

وأشار الزياني إلى اتفاق البلدين على أن هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تشنها ميليشيا الحوثي على المنشآت المدنية غير مقبولة وتشكل أعمالًا إرهابية، الأمر الذي يؤكد أن هناك حاجة إلى دراسة جادة على المستوى الدولي لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.

وقال وزير الخارجية البحريني إن “البحرين تعتبر الشراكة مع الولايات المتحدة إحدى السمات والمزايا الاستراتيجية الفريدة، وهو ما انعكس في جهودنا الجماعية للحفاظ على أمن واستقرار منطقة الخليج والشرق الأوسط من خلال عمل الأسطول الأميركي الخامس وبناء الأمن البحري وتنسيقنا السريع والفعال في عمليات الإجلاء من أفغانستان”.

وأكد الزياني أن مملكة البحرين “مصممة على الالتزام بأعلى المعايير في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتتطلع إلى الاستفادة من الخبرة الأميركية في تطبيق أفضل الممارسات الدولية”. وأشار إلى أن “جدول أعمال هذا الحوار الاستراتيجي يؤكد اتساع وعمق شراكتنا الثنائية الطويلة والفعالة”، مؤكدا أن “البحرين تتطلع إلى بناء تعاون أكبر من أجل المستقبل، والتغلب على التحديات واغتنام الفرص لمواصلة تحقيق أهدافنا المشتركة وتعزيز أمن وازدهار البلدين”.

من جانبه أكد وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة تقدر شراكتها مع البحرين في مجال الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، معربًا عن تطلعه إلى أن تثمر الأيام المقبلة تعزيز هذه العلاقة من خلال مجموعات العمل الأربع التي ستركز على مناقشة سبل توطيد التعاون في مختلف المجالات منها الأمنية والتجارية والثقافية وغيرها من المجالات المهمة.

وتحتضن البحرين الأسطول الخامس للبحرية الأميركية الذي يلعب دورا رئيسيا في مواجهة التهديدات الإيرانية وأعمال القرصنة والإرهاب في المنطقة.

3