الشراكة الإستراتيجية مع هولندا ترسخ مكانة عمان في صناعة الهيدروجين

خطط لإنشاء ممر تجاري للتوريد من ميناء الدقم إلى ميناءي أمستردام ودويسبورغ.
الاثنين 2025/04/21
مجرد بداية لتأسيس مشروع المستقبل

قدمت سلطنة عمان دفعة قوية لتوسيع نطاق مشاريع الهيدروجين عبر شراكة إستراتيجية مع هولندا خلال زيارة السلطان هيثم بن طارق، أملا في تطوير صناعة ناشئة صار الرهان عليها كبيرا، ليس فقط لمسح البصمة الكربونية، وإنما أيضا لجعل البلد مركزا إقليميا لسلاسل الإمداد مستقبلا.

مسقط – تعمل سلطنة عمان على تسريع وتيرة الاستثمار في الهيدروجين الأخضر باعتباره جزءا من تنويع مصادر الطاقة والمساهمة في الجهود العالمية لخفض الانبعاثات المضرة بالبيئة مع تحقيق أقصى استفادة عبر زيادة المشاريع في إطار شراكات دولية وازنة.

وتمثل الاتفاقيات التي وقعتها مجموعة أوكيو للطاقة خلال زيارة السُّلطان هيثم بن طارق إلى هولندا نقطة محورية لترسيخ مكانة البلد الخليجي كمركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر وشريك إستراتيجي في تعزيز أمن الطاقة العالمي.

وتفتح الاتفاقية التي وقّعتها أوكيو بالتعاون مع شركة هيدروجين عمان (هايدروم) وميناء الدقم، إلى جانب عدد من الشركاء الأوروبيين البارزين، آفاقا واعدة نحو إنشاء أول ممر تجاري في العالم مخصص للهيدروجين السائل بين الدقم ومينائي أمستردام ودويسبورغ.

فراس العبدواني: الشراكة كانت تتويجا للاتفاقية الموقعة خلال كوب 28
فراس العبدواني: الشراكة كانت تتويجا للاتفاقية الموقعة خلال كوب 28

وأوضح فراس العبدواني مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة والمعادن أن التعاون القائم بين السلطنة وهولندا بدأ منذ التوقيع على مذكرة تفاهم خلال كوب 27 بشرم الشيخ عام 2022.

وركزت المذكرة حينها على محاور أهمها النظر في إمكانية فتح ممرات نقل الهيدروجين بين البلدين على أن تكون هولندا إحدى البوابات الرئيسية لتزويد غرب أوروبا بالطاقة البديلة والتعاون والتكامل في المجالات التي يعول عليها في تطوير قطاع الطاقة والهيدروجين.

وبحسب العبدواني، فإن الشراكة الأخيرة كانت تتويجا للاتفاقية التي وقعت في كوب 28 والتي أسست لدراسة أولية للجدوى الاقتصادية والتقنية لممر هيدروجين أخضر، تبعتها دراسة من استشاري متخصص وتوجت بالاتفاقية التي “شهدناها في هولندا”.

وقال لوكالة الأنباء العمانية الرسمية الأحد، “لقد تضمنت عدة شراكات خاصة في سلسلة التوريد ابتداءً من محطة تسييل الهيدروجين بالدقم إلى منشآت التخزين والتصدير بميناء الدقم وأيضا تخصيص سفن للنقل إلى محطات إعادة التحويل إلى غاز في ميناء أمستردام.”

وأكد العبدواني أن جميع الأطراف المعنية مع علمها بالتحديات التي تواجه العالم في ملف تحول الطاقة والحياد الصفري وخاصة ملف الهيدروجين قليل الانبعاثات والأخضر، مؤمنة بأهمية التحول النظيف ودفع عجلة الحلول بالتشارك والتعاون البنّاء.

وتزايد اهتمام مسقط بالهيدروجين الأخضر الذي ينتج عن طريق تحليل الماء إلى عنصرين باستخدام الكهرباء من مصادر الطاقة البديلة، بشكل لافت أسوة بباقي دول الخليج باعتباره وقود المستقبل لتقليل انبعاثات الكربون التي تنجم عن الوقود الأحفوري.

وتجسيدا لذلك، شكلت في عام 2021 تحالفا وطنيا للهيدروجين يضم 13 مؤسسة من القطاع العام والخاص بهدف تأسيس صناعة لإنتاج ونقل واستخدام الوقود الذي تتطلع دول الخليج إلى الاستثمار فيه بشكل متزايد لتلبية الطلب العالمي على الوقود النظيف.

ويؤكد عبدالعزيز الشيذاني، المدير العام لشركة هايدروم، أن الممر يُعدّ خطوة إستراتيجية نحو ترسيخ مكانة السلطنة كمصدّر رئيسي للهيدروجين الأخضر على مستوى العالم.

8

ملايين طن من المقرر إنتاجها سنويا بحلول 2040 ارتفاعا من مليون طن بحلول 2030

وقال إن ذلك “يترجم فعليا الجهود المبذولة لتحويل موقع سلطنة عُمان الجغرافي إلى نقطة ربط رئيسية بين الشرق والغرب في سوق الطاقة النظيفة.”

وشدد على أن الأهمية الاقتصادية للممر تتمثل في فتح الباب أمام استثمارات ضخمة على طول سلسلة القيمة بدءًا من الإنتاج، ومرورا بالبنية الأساسية، ووصولا إلى الشحن والتوزيع.

كما يسهم في تحفيز نمو الصناعات المرتبطة وتوفير فرص عمل وتعزيز القيمة المحلية المضافة. أما دوليا، فهو يمثل نموذجا متكاملا للتعاون عبر الحدود، ويعزز ثقة الأسواق الأوروبية في قدرة سلطنة عُمان على تقديم حلول طاقة آمنة ومستدامة.

وأكد الشيذاني أن التوصل إلى هذه الاتفاقية في هذا التوقيت يُعزز الثقة الدولية في المنظومة التي تقودها السلطنة بقيادة هايدروم ويمنح الجولة الثالثة من المزايدات زخما إضافيا.

والأمر لا يتوقف عند ذلك، بل يعكس مدى جدية البلد الخليجي في تنفيذ المشاريع المعلنة، وقدرته على تحويل الخطط إلى شراكات ملموسة ومشاريع قيد التنفيذ.

وقال الشيذاني “هذا التوقيت يرسل رسالة واضحة للأسواق بأن سلطنة عُمان لا تنتظر التغيرات العالمية، بل تسعى جاهدة مع شركائها لإيجاد واقع جديد قائم على الوضوح الاستثماري والتكامل المؤسسي والجاهزية الوطنية.”

والممر هو محفّز مباشر لتسريع تنفيذ المشاريع وتحقيق أهداف سلطنة عُمان للإنتاج بحلول 2030، فوفقا للجدول الزمني المعتمد، من المتوقع أن تغادر أول شحنة للهيدروجين السائل المنتج في سلطنة عُمان إلى أوروبا بحلول عام 2029.

عبدالعزيز الشيذاني: أهمية الممر تتمثل في فتح الباب أمام استثمارات ضخمة
عبدالعزيز الشيذاني: أهمية الممر تتمثل في فتح الباب أمام استثمارات ضخمة

وتسعى هايدروم إلى تحقيق هدفها المتمثل في إنتاج مليون طن سنويا من الهيدروجين الأخضر، على أن يزيد إلى نحو 8 ملايين بحلول عام 2050، إذ سيقوم المطورون بتسليم مشاريع متكاملة، بما في ذلك إنتاج الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين وتحويله واستهلاكه.

وتقدر الحكومة أن الأمر سيتطلب استثمارات بنحو 140 مليار دولار للوصول إلى هذا الهدف، ما يعني أنها تحتاج إلى شركاء عالميين لهم قدرة على التخطيط والتنفيذ.

ويجري حاليا العمل على استكمال الدراسات الهندسية، وتطوير المرافق المركزية في ميناء الدقم، والتنسيق مع الشركاء في أوروبا لضمان جاهزية البنية الأساسية على طول الممر الجديد المقرر إنشاؤه.

ويخطط الميناء العماني المطل على بحر العرب لإنتاج ما يقرب من 330 ألف طن من الأمونيا الخضراء من طاقة متجددة مجمعة تبلغ حوالي 1.3 غيغاواط في المرحلة الأولى.

ويعتقد أشرف المعمري، الرئيس التنفيذي لأوكيو، أن التعاون مع هولندا لا يقتصر على البعد الدبلوماسي، بل يشكّل نقطة نحو شراكة إستراتيجية تُسهم في تنويع الاقتصاد العماني وتسريع وتيرة التصنيع الأخضر وبناء منظومة طاقة مرنة تلبي متطلبات المستقبل.

وقال “نحن لا نشيد بنية تحتية أساسية فحسب، بل نُشيد جسورا للفرص، تربط ما بين الجغرافيا والمهارات العُمانية وبين احتياجات أوروبا من الطاقة وطموحاتها البيئية.”

وأكد أن أوكيو تواصل حضورها العالمي عبر بناء شراكات دولية تعزز سلاسل الإمداد العالمية، وتسرّع من وتيرة نقل التكنولوجيا، وتُسهم في ابتكار حلول مشتركة تتماشى مع إستراتيجية الاتحاد الأوروبي ورؤية عمان 2040.

10