الشجار بين الأبناء فرصة لتعليمهم إدارة الخلاف

واشنطن – لا يخلو أي بيت فيه أبناء من أصوات الشجار والصراخ والمشاحنات. وكثيرا ما يضجر الأولياء من هذه الأجواء ويملون من فض الشجار في كل مرة، أو قد يبالغون في تدخلاتهم المنحازة إلى طرف دون آخر، فتتفاقم المشاعر السلبية بين أبنائهم كلما تقدموا في السن. يرى باحثون، وفق دراسة نشرت بموقع “كيدز هيلث” التربوي الصحي الأميركي، أن تدخل الوالدين الدائم في الشجارات يجعل الأبناء يعتمدون عليهما كعنصر يتوسط دائماً لإنهاء المشكلات، فلا يعتمدون على أنفسهم في حلها. التنافس والغيرة بين الأشقاء يخلقان أحيانا جوا مشحونا بينهم، ولكي تتضاءل حدة الخلاف يوصي باحثون بتعليم الأبناء طرقا بسيطة في إدارة الخلاف، عبر التنازل حينا والتفاوض حينا آخر والاعتذار عند الضرورة وقبول الخسارة أحيانا أخرى.
وتعرض الدراسة الأميركية نصائح للأهل لاحتواء الشجار ومنع تطوره إلى نزاع مؤذ، ومنها التفريق بين المتخاصمين حتى يعود الهدوء وقد تكفي هدنة قصيرة لتخطي الأزمة.
وينبه الأخصائيون إلى ضرورة تجنب السؤال عمن كان المذنب في البداية، فكل قتال يتطلب فريقين متخاصمين وكلاهما مسؤول إلى حد ما عن جانب من الشجار، لكن من الضروري مراقبة أفعال الشقيق الأكبر الذي قد يتصرف دائما بطريقة تسلطية. ويظل الحل الأمثل هو الوصول إلى حلول وُسطى تحقق لكل الأطراف المتخاصمة نوعا من المنافع أو المكاسب، فإذا كان الشجار حول لعبة، يمكن أن يتفق المتخاصمون على اللعب بها سويا.
كما نقل الموقع الألماني دويتشه فيله عن الدكتورة الألمانية غايل غروس، المتخصصة في شؤون التربية، مجموعة من الوسائل الأخرى التي قد تمنع نشوب الشجار، ومنها تجنب إظهار أي نوع من المحاباة، حتى إذا كان أحد الأبناء أقل عدوانية من الآخرين. وتوصي غروس بتشريك الابن الأكبر في رعاية أخيه المولود الجديد، على ألا يتم تكليفه بالاهتمام به لأنه لا يزال غير قادر على تحمل مسؤولية رعاية طفل.
وتشدد الباحثة الألمانية على عدم جعل مجتمع الطفولة اشتراكيا يتقاسم الجميع فيه كل شيء، فتصل الأسرة في النهاية إلى طريق مفتوح يصبح فيه الجميع غير مسؤولين عن أي شيء لأنهم لا يشعرون بامتلاكهم له.
وأوضحت مجلة “غيا إنفانتيل” الإسبانية أن العديد من الأطفال وخاصة الأقل نضجا، غالبا ما يحاولون إثارة الخلافات بينهم وبين أشقائهم بهدف جلب انتباه الوالدين ودفعهما إلى القيام برد فعل، ضد الشقيق الأكبر. كما أن غياب الوالدين خلال تطور هذا النزاع يمكن أن يجعلهما غير عادلين عند اتخاذ قرار معاقبة أحدهم، ما من شأنه أن يولد الضغينة بين الأطفال ويخلق مسافة بينهم.