الشبهات تحاصر أنشطة حزب الله في أميركا الجنوبية

ريو دي جانيرو (البرازيل)- أعاد توقيف شخصين في البرازيل هذا الأسبوع بشبهة “التحضير لهجمات إرهابية”، نسبتها إسرائيل إلى حزب الله، طرح السؤال حول ما إذا كان الحزب ينشط في أميركا الجنوبية؟
وبينما لم تدل السلطات البرازيلية بعد بتفاصيل حول التحقيق في هذه القضية، قال جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” في بيان إنّه تعاون مع السلطات البرازيلية “لإحباط هجوم في البرازيل، خططت له منظمة حزب الله الإرهابية لمهاجمة أهداف يهودية وإسرائيلية” هناك.
وهو ما رد عليه وزير العدل البرازيلي فلافيو دينو باتهام الموساد بكونه يريد “استباق نتيجة تحقيق ما يزال جاريا.. من أجل الدعاية السياسية”.
ويحيط بوجود حزب الله في أميركا الجنوبية الكثير من الغموض في ظل حديث تقارير دولية عن امتلاكه شبكات كبيرة لتهريب المخدرات وتبييض الأموال تعتمد على طرق ملتوية للتهرب من الرقابة، وخاصة من العقوبات الأميركية. ويعتمد الحزب على المتعاطفين معه من أصول لبنانية وعربية في دول مثل فنزويلا وكولومبيا.
وفي 2019 كشفت تقارير عن تمكن الولايات المتحدة بالتعاون مع أجهزة مخابرات دولية، لاسيما كولومبية وكندية وأسترالية، من تفكيك شبكة مرتبطة بعصابة “لا أوفيسينا” الكولومبية تعمل على تهريب أموال بالمليارات من الدولارات لتمويل الأنشطة العسكرية لحزب الله.
وتتركز الشبهات حول وجود حزب الله في المنطقة بالأساس على منطقة الحدود بين الأرجنتين والبرازيل والبارغواي، حيث يقيم العديد من السكان المتحدرين من أصول لبنانية.
وتتميز كبرى مدن المنطقة سويداد ديل أستي الواقعة في الباراغواي بسمعة غير طيبة، حيث تعتبر قطبا للاتجار غير القانوني في مواد متنوعة تشمل الأسلحة. وهي منطقة حرة تشتهر بإقبال السياح عليها لشراء معدات منزلية كهربائية معفاة من الضرائب بأسعار مخفضة.
ويقول مكتب مكافحة الإرهاب الأميركي إن حزب الله يستعمل هذه المنطقة قاعدة لجمع أموال.
وفي يناير أكد سفير الولايات المتحدة في باراغواي أن حزب الله يقيم “بشكل منتظم” أنشطة يقدم من خلالها رشاوى لسياسيين محليين، بمن فيهم الرئيس الأوروغواياني السابق أوراسيو كارتس (2013 – 2018)، في مقابل السماح للحزب بامتيازات مختلفة. لكن كارتس والمحيطين به نفوا هذه الاتهامات.
ويتهم مكتب مكافحة المخدرات الأميركي حزب الله بالحصول على أموال من خلال مساعدة عصابات محلية على غسل الأموال بواسطة مكاتب لصرف العملات يسيرها أشخاص متحدرون من لبنان.
وفي العام 2014 أكدت صحيفة “أو غلوبو” البرازيلية، نقلا عن تقارير أمنية مسربة، أن مهربين لبنانيين على صلة بحزب الله ساعدوا إحدى كبرى عصابات الجريمة المنظمة في البرازيل، المعروفة باسم “بي سي سي”، على شراء أسلحة وبيع متفجرات مسروقة.
أما في الأرجنتين فقد اتهمت النيابة العامة الحزب في العام 2006 بكونه منفذ الهجوم الذي استهدف في العام 1994 بتفجير مركز للجالية اليهودية الذي خلف 85 قتيلا و300 جريح.
واتهم المدعون العامون مسؤولين إيرانيين كبارًا بأنهم أعطوا الأمر بتنفيذ هذا الهجوم، لكن القضية لم تحسم بعد نهائيا.
وتنفي طهران أيّ ضلوع فيها.
واتهمت الحكومة الأميركية عدة مواطنين من بلدان في أميركا الجنوبية بتمويل حزب الله، ومن بينهم المواطن اللبناني الباراغوياني أسعد بركات الذي أدين في قضية غسيل أموال.
وفي يونيو طلبت الأرجنتين من الشرطة الدولية أنتربول إصدار مذكرة توقيف من درجة حمراء ضد أربعة لبنانيين يشتبه في صلتهم بحزب الله، ويحمل ثلاثة منهم أيضا جنسيات برازيلية أو بارغوايانية.
وتصنف الأرجنتين والباراغواي حزب الله اللبناني “منظمة إرهابية”.
لكن الاتهامات حول ارتباط منطقة الحدود بين الأرجنتين والبرازيل والبارغواي بأنشطة محتملة للحزب تثير حفيظة البلدان المعنية. فقد طلبت البرازيل والباراغواي في عدة مناسبات من واشنطن تقديم أدلة حول الأنشطة “الإرهابية” المفترضة.
وأوضحت الخبيرة البرازيلية إزابيل سوما دي كاسترو مؤخرا أن “الولايات المتحدة لم تقدم أدلة على الاتهامات الموجهة حول منطقة الحدود بين البلدان الثلاثة، خلال العقود الثلاثة الماضية”.