الشباب الباكستاني يتحسس خطاه في مجال الابتكار التكنولوجي

الباكستاني عمر ماجد وارايش يطلق تطبيقا يسمح للمزارعين في بلاده بالبيع مباشرة للزبائن.
الجمعة 2020/01/31
يبحثون عمن يأخذ بأيديهم

لاهور (باكستان) – أطلق الباكستاني عمر ماجد وارايش تطبيقا يسمح للمزارعين في بلاده الذين بقوا لفترة طويلة تحت سطوة وسطاء عديمي الرحمة، بالبيع مباشرة للزبائن وهو أمر قد يعني زيادة في مداخيلهم.

أيقن عمر أن فكرته يمكن أن تساعد الآلاف على كسب المزيد من محاصيلهم، لكن المشكلة تمثّلت في عدم معرفته بطريقة تنفيذها.

ويقول، “الشركة الناشئة بحاجة إلى نصائح حول ما يجب فعله وما لا يجب فعله، ومتى نطرح الفكرة وماذا نقدّم للمستثمرين وطريقة التقدّم للحصول على منح وقروض”.

اليوم، يعتبر ماجد وهو أحد مؤسسي شركة “آغريم آرت” من أبرز قصص نجاح الشركات الناشئة في باكستان، إذ يضم تطبيقه أكثر من 700 مزارع كما أنه استطاع الحصول على منحة قدرها 100 ألف دولار من “كارانز” وهي منصة استثمارية برعاية مؤسسة “بيل وميليندا غيتس”.

وقد أطلق التطبيق رسميا في أغسطس من العام الماضي وقدّرت المبيعات التي أجريت من خلاله بـ5.5 مليون روبية (36 ألف دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من بدء العمل به، ومن المتوقع أن يصبح عدد المزارعين المسجل فيه ألفين بحلول مارس 2020.

ما زال الاستثمار في التكنولوجيا بطيئا ما يصعّب على الشركات الناشئة النمو بعد فترة الحضانة مقارنة بدول مثل الهند المجاورة

وعلى غرار روّاد مجال التكنولوجيا في أنحاء العالم، قصد وارايش حاضنة للشركات الناشئة لمساعدته في تنفيذ فكرته “ناشونال إينكوبيشن سنتر”، وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص ومقره في لاهور.

والحقيقة أن التحديات التي يواجهها شائعة في باكستان حيث النظام التعليمي ضعيف والاقتصاد متعثر، فنسبة 64 في المئة من الباكستانيين هم دون الثلاثين، فيما بلغت البطالة بين الشباب 6 في المئة في العام 2019، وفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة.

وتعتبر مراكز الحضن المخصصة لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال في قطاع التكنولوجيا “الحل”، على ما يقول فيصل شرجان مدير البرنامج في “ناشونال إينكوبيشن سنتر”.

وهذا المركز بجدرانه الملونة ومختبراته الحديثة وأثاثه المميز، بعيد كل البعد عن المشاهد اليومية في هذه المدينة المزدحمة والملوثة البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة. وثمة في هذه الحاضنة مشرفون وموجهون لمساعدة رواد الأعمال على التقدم في مجال الأعمال الشاقة في باكستان.

وقد تمكّن هذا المركز من إطلاق بعض أنجح الشركات ومن أبرزها “بيكيا” وهو تطبيق مخصص للدراجات النارية وجمع في العام 2019 أكثر من 7 ملايين دولار ومن المتوقع أن يجمع 15 مليون دولار أخرى في الربع الأول من العام 2020. يقول خورام ظفر مدير صندوق “كارانداز” الذي يستثمر فقط في باكستان، إن باكستان تضم مجموعة كبيرة من المواهب وسوقا ضخمة توفر “المزيج الصحيح” للمستثمرين، لكن هناك مخاوف حول طريقة تجنّب الشركات الناشئة للعوائق في بيئة أعمال تتسم بالفوضى.

مختبر حديث
مختبر حديث

وتحتلّ باكستان المرتبة 122 من أصل 137 في المؤشر العالمي لريادة الأعمال في العام 2018، والمرتبة 108 في قائمة البنك الدولي لسهولة ممارسة النشاطات التجارية.

وذكر كلثوم لاخاني، مؤسس صندوق “إنفست تو إينوفايت” ورئيسه بمشكلات أبرزها “البيروقراطية وصعوبة إدخال الأموال إلى البلاد واستحالة إخراجها منها” إضافة إلى ضريبة “منهكة للغاية”.

وأفاد صندوق “إنفست تو إينوفايت” في تقرير حول بيئة الشركات الناشئة صدر في العام 2019 بأن الرشوة والفساد ينتشران على نطاق واسع، في حين أن جهود الحكومة لمعالجة الأرباح غير المشروعة أدّت إلى إطار تنظيمي غير مراع “للمستثمرين وأصحاب المشاريع على حد سواء”.

وقد أطلقت الحكومة الباكستانية المتحمسة لإنشاء الشركات الناشئة حاضنات في العشرات من الجامعات والمدارس الفنية آملة في المساعدة على تطوير القطاع، كما أن عمالقة التكنولوجيا مهتمون أيضا في هذا الأمر.

ما زال الاستثمار بطيئا ما يصعّب على الشركات الناشئة النمو بعد فترة الحضانة مقارنة بدول مثل الهند المجاورة.

تشير مريم محيي الدين أحمد المشاركة في إعداد تقرير عن شركات باكستانية ناشئة بعنوان “بيوند ذي باز” إلى أن العديد من رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا ليسوا على دراية بواقع باكستان وحاجات المستهلكين.

وتضيف، “لا نحتاج إلى أن تصل رسائلنا الإلكترونية بشكل أسرع إلى الناس لكننا نحتاج إلى أن تنمو محاصيلنا بشكل أفضل. إذا لم يستفد جزء كبير من الناس من الابتكارات فما نفع الابتكار؟”. وتلفت إلى أن ما تحتاج إليه باكستان هو المزيد من “الشركات الناشئة التي تغير الوضع” على المستويين البشري والبيئي، لكن رغم التحديات، يبقى هناك مجال للتفاؤل.

ففي ظل تحول الباكستانيين من الشباب إلى العالم الرقمي، “تتوافر أفضل الفرص للتقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي”، على ما جاء في تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام 2018.

20