الشباب الإيراني لا يعلّق آماله على حبل الانتخابات المهلهل

مستقبل مشتت لشباب إيران بين الاستقرار في الوطن والهجرة النهائية.
الخميس 2021/06/17
الحياة صعبة

الشباب الإيرانيون يحبون العيش في بلدهم، ولكنّ الظروف الاقتصادية والسياسية لا تشجعهم على ذلك، إذ أجبرت بعضهم على الرحيل إلى بلد آخر في حين لا يزال آخرون يحلمون بالهجرة. أما الذين يفضلون العيش في بلدهم فأحلامهم لا تتعلق بالانتخابات التي لن تفضي في النهاية إلى تغيير سياسي جذري.

طهران - بين آمال لم تتحقق ورغبات بالنجاح خارج إيران أو داخلها على الرغم من الصعوبات، يروي شبان وشابات في طهران طموحات الآتي من الأيام، مع استعداد بلادهم لانتخابات رئاسية يقابلونها باهتمام متفاوت.

ويعد المجتمع الإيراني شابا بنسبة كبيرة، ووفق إحصاء رسمي يعود إلى عام 2016 – 2017، يشكل الذين لم يتجاوزوا الثلاثين من العمر، نحو نصف عدد السكان الذي يناهز 83 مليون نسمة.

وتُجرى الانتخابات الجمعة لاختيار خلف للرئيس حسن روحاني، وتأتي في ظل أزمة اقتصادية تعود بشكل رئيسي إلى العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على طهران، إثر قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده بشكل أحادي من اتفاق دولي بشأن برنامج طهران النووي في 2018.

قرب ساحة تجريش المزدحمة في شمال طهران، تتنزه طالبة الصيدلة نرجس (20 عاما) برفقة عدد من زملائها على مقربة من مطعم للوجبات السريعة.

وتقول الشابة النحيلة، إن “الحياة صعبة” لاسيما في ظل ارتفاع كلفة المعيشة “حيث باتت زيارة واحدة إلى المتجر الاستهلاكي، كفيلة باستنفاذ كامل الحساب المصرفي”. وتضيف بضحكة نادرا ما تفارق حديثها، “لكن متعة الحياة لا تزال حاضرة”.

وتجد متعة في أمور بسيطة، كزيارة المكتبات المنتشرة في أنحاء طهران وشراء بعض الحلويات أو مجرد التنزه في الشوارع والحدائق.

تستذكر نرجس إبرام الاتفاق النووي حين كانت تلميذة في المرحلة الثانوية، وتوقعت أن يساهم في “جعل البلاد فرحة، لكن ذلك لم يحصل في الواقع”.

ويدفعها ذلك للتفكير بالعودة إلى الإقامة مع ذويها أو الهجرة، وهو خيار كانت ترفضه دائما، قبل أن تضطر لتقبّله. وتوضح، “كنت شخصا لا يرغب في الرحيل، آمنت بالبقاء في البلاد وبناء المستقبل هنا”.

Thumbnail

وفي حين أن الانتخابات هي الأولى التي يحق لها المشاركة فيها (بعد بلوغها سن الاقتراع المحددة بـ18 عاما)، تشير إلى أن “لا مشاعر” لديها حيال الموعد.

إلى جانبها، وقفت زميلتها ناهيد (22 عاما) التي تقدم رؤية مختلفة ليوميات شابة إيرانية في المرحلة الجامعية. تشدد ناهيد على أن الأوضاع “لم تكن رائعة سابقا، وليست سيئة حاليا إلى درجة تدفعني إلى الرغبة بالمغادرة”.

وتضيف، “أعتقد أن هذه هي الحياة، تمضي قدما.. أعتقد أنك كائنا من تكون، إذا لم تتمكن من إسعاد نفسك بنفسك، فالأمور الخارجية لن تساعدك أيضا”.في أحد متنزهات العاصمة، يجول محمد حكمت (34 عاما) تحت حرارة شمس الصيف، حاملا ورودا حمراء لم تجد من يشتريها بعد.

وانتقل حامل الإجازة الفنية في علم المعادن، إلى طهران قبل حوالي عقد من الزمن، أملا بالعثور على وظيفة بعد فشله بذلك في مسقطه مدينة قائم شهر. لكن الحظ لم يسعفه في العاصمة التي يقطنها نحو عشرة ملايين نسمة، ووجد نفسه يجني قوته اليومي ببيع الزهور.

يقول الشاب الذي يطبع الخجل محياه، “تخيلت أنني سأكون في مدينة كبرى، مع فرصة للتطور وبناء مستقبل”، مضيفا، “لكن الأمور لم تجرِ كما أردتها”. يجمع حكمت ما يكفيه للمعيشة اليومية واستئجار غرفة للسكن عند الأطراف الشرقية للعاصمة. وضعه الحالي لا يترك له مجالا واسعا

Thumbnail

“للتفكير بالمستقبل، فقط الحاضر، البقاء على قيد الحياة”. لا يبدي اهتماما كبيرا بالانتخابات، لكنه يأمل في أن تفضي لفوز مرشح قادر على حل الأزمة الاقتصادية. على مقعد قريب في المتنزه نفسه، يجلس محمد شيخي (20 عاما) برفقة صديقين وما تبقى من رفيقته المفضلة آلة الغيتار، بعد تحطمها جزئيا في حادث قبل أيام.

تشكل الموسيقى ركنا أساسيا في حياة الشاب الذي ارتدى “تيشيرت” يكشف جزءا من وشم غيتار على ذراعه اليمنى. يتحدث بثقة عن حلمه الأكبر، النجومية الموسيقية “ذات يوم، سأقف على المسرح، أغني وأعزف لـ15 ألف شخص”.

يخطط شيخي للانتقال إلى تركيا حيث يقيم الفنان الإيراني المفضل لديه، المغني أمير تتلو. ومع أنه لا يتابع عن قرب أنباء الانتخابات، يعرف اسم المرشح إبراهيم رئيسي الذي يعد الأوفر حظا للفوز.

ويأمل شيخي في أن يتيح الرئيس المقبل للموسيقيين “العمل، وإقامة الحفلات، والحصول على إذن” لذلك، مضيفا “أهنئك أيها السيد الذي سيصبح رئيسا، كائنا من تكون.. آمل في أن تقود البلاد بشكل جيد”.

في وسط العاصمة المزدحم، يعمل محمد رضا نظامي (20 عاما) في متجر للأحذية المصنوعة يدويا، بعدما تنقّل بين مجالات مهنية مختلفة، من ورش البناء إلى مصنع للألبان.

ويقول، “أعمل منذ كنت في الثالثة عشرة من العمر، لكن ماذا جنيت من ذلك؟ لا يمكنني شراء سيارة أو أي أمر آخر”. ويضيف، “جني المال صعب وإنفاقه سهل. كل من يقول إن المال لا يجلب السعادة مخطئ لأن المال هو جزء من الحياة”.

يرسم نظامي لنفسه أحلاما بسيطة، امتلاك متجر خاص للأحذية وسيارة ومدخول لا بأس به، ما يوفر له “حياة سعيدة”. وفي حين يبدي ثقته بأنه سيحقق ما يرغب به، يأسف في الوقت الراهن “لأنني لا أزال بعيدا جدا عن (تحقيق) أحلامي”.

ومع أن المسار نحو ذلك سيكون “صعبا”، يعتزم نظامي البقاء في إيران، معتبرا أن من يختارون الرحيل “يخترعون التبريرات” وتنقصهم الإرادة والتصميم على تحقيق النجاح.

وردا على سؤال بشأن الانتخابات، يوضح نظامي أنها “المرة الأولى التي يحق لي فيها التصويت. لكنني لست واثقا (بعد). ربما سأقوم بالتصويت”.

Thumbnail
20