الشارقة تناقش واقع كتاب الطفل في معرض غوادالاخارا الدولي للكتاب

غوادالاخارا (المكسيك) - قدمت فعاليات الشارقة ضيف شرف الدورة السادسة والثلاثين من معرض غوادالاخارا الدولي للكتاب صورة حيّة عن واقع صناعة كتاب الطفل في دولة الإمارات العربية المتحدة وما يقابله من حراك وجهد في المكسيك، حيث استضافت كلا من الكاتبة والرسامة عليا الشامسي والمؤلفة المكسيكية إريكا أولفيرا، في جلسة حوارية بعنوان “مميزات كتاب الطفل في الإمارات والمكسيك”، أدارتها الكاتبة باولينا ديلغادو.
واستهلت الجلسة التي شهدت حضورا مميزا من الناشرين المكسيكيين ورسامي كتب الأطفال، الكاتبة والرسامة علياء الشامسي بالحديث عن تجربتها في الدخول إلى عالم رسم كتب الأطفال، والرحلة التي قادتها إلى الإيمان بقوة الفن في دعم الأطفال نفسيا وحمايتهم وضمان نموهم بصورة سليمة.
وقالت الشامسي “خلال فترة جائحة كورونا كنت أشعر بأنني قلقة وكذلك ابني الصغير، وكنت في تلك الأثناء أمارس بعض التجارب في تقنيات العلاج بالكتابة والرسم، فقررت أن أخوض التجربة مع ابني، وبدأت أقوم بتمارين مرسومة لتخفيف القلق الذي نشعر به، وبعد ذلك تطورت الفكرة، ودعتني المدرسة التي أعمل فيها إلى أن أحوّل هذه الأنشطة إلى كراسة لتوزيعها على أولياء أمور الطلبة، ومن تلك التجربة ظهر كتابي الصامت ‘ليل ونهار‘”.
لكتب الأطفال أهمية بالغة إذ استعادت مكانتها عربيا بوصفها رافدا أساسيا لبناء أجيال متوازنة ومجتمعات قارئة وبالتالي تؤمن بالتنوير والمعرفة
وأوضحت في حديثها عن تحديات بناء أجيال من الأطفال الشغوفين بالقراءة، أن المشكلة الأساسية تكمن في أولياء الأمور، فإن كانوا هم أنفسهم لا يقرأون فمن الصعب أن يتبنى أطفالهم القراءة عادة، فالأطفال – وفق رأيها – خاصة في السنوات الأولى من حياتهم يقلدون آباءهم وأمهاتهم.
من جانبها تحدثت إريكا أولفيرا عن واقع صناعة كتاب الطفل في المكسيك، بقولها “هنالك الكثير من التحديات في هذا المجال، منها صعوبة الحصول على الكتاب، وقلة عدد المكتبات العامة وحتى متاجر بيع الكتب، فبعض الأطفال اليوم يقرأون كتب آبائهم وأمهاتهم التي غالبا ما تكون من الأدب الكلاسيكي”.
وأوضحت أن أزمة النهوض بواقع القراءة في المكسيك واحدة من القضايا الملحة التي يعمل الناشرون والكتاب والمثقفون على تجاوزها بمبادرات وجهود فردية، مؤكدة أن غياب عادة القراءة عند أولياء الأمور سيقود حتما إلى أجيال جديدة لا تعرف قيمة القراءة وأثرها ولا تتمسك بها عادة يومية في حياتها.
وأشارت أولفيرا إلى أن حجم سوق كتاب الطفل المكسيكي كبير، ويضم نخبة من الفنانين والناشرين البارزين، إلا أنه في بعض الأحيان يفتقر إلى جودة الطباعة، ويواجه أزمة في التوزيع والتسويق، محملة جزءا من هذه التحديات إلى المؤسسات الثقافية الرسمية.
وفي نفس الإطار نظم جناح إمارة الشارقة “ضيف شرف” الدورة الحالية من المعرض، الذي يستمر حتى الرابع من ديسمبر بالمكسيك، لقاء للرسامين المكسيكيين عرضوا خلاله تجاربهم ومشاركاتهم والجوائز التي حصلوا عليها في مختلف دورات معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل.
وتحدث في اللقاء كل من محمد مهدي، عضو اللجنة التحضيرية لمعرض الشارقة لرسوم كتب الطفل، والفنان والأكاديمي المكسيكي أليكس هيريراس، والفنانة المكسيكية الفائزة بواحدة من جوائزمعرض الشارقة لرسوم كتب الطفل أزميرالدا ريوس.
وشارك المتحدثون في تسليط الضوء على معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل والتعريف بدوره في تبادل الرسامين للتجارب والخبرات، والذي يتزامن تنظيمه كل عام مع مهرجان الشارقة القرائي للطفل، ويشارك فيه رسامون من المكسيك إلى جانب رسامين من مختلف دول العالم منذ دورته الأولى وحتى العاشرة في العام الماضي.
وشهد اللقاء إقبالا كبيرا وحضورا مميزا تفاعل خلاله الجمهور مع الرسامين الذين تحدثوا عن الدور الريادي للشارقة في جمع رسامي كتب الطفل، وجرى خلال اللقاء توزيع كتاب مصور يضم لوحات الرسامين المكسيكيين المشاركين في معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل خلال الدورات الخمس الأخيرة من المعرض.
وعرض عدد من الرسامين المكسيكيين تجاربهم في الرسم وأكدوا أهمية مشاركتهم في معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل التي مكّنتهم من إبراز خصوصية أعمالهم الفنية إلى جانب الاطلاع على تجارب الرسامين الآخرين من دولة الإمارات العربية المتحدة ومختلف دول العالم.
ويشار إلى أن المكسيك فازت بالعديد من جوائز معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل، ومنها الجائزة الأولى في الدورة الأولى من المعرض والتي حصل عليها الفنان غابرييل باشيكو، كما حاز رسامون من المكسيك على مجموعة من الجوائز التشجيعية في الدورات التالية، فيما حصلت الرسامتان أرماندو وأماندا على الجائزتين الأولى والثانية في الدورة العاشرة.
وساهمت الجوائز الإماراتية الموجهة لكتب الأطفال، سواء للمؤلفين أو الرسامين على حد السواء، في تحسين جودة ونوعية الإصدارات الموجهة إلى الطفل العربي، وتحفيز العاملين في قطاع النشر بشكل عام، للاهتمام أكثر بإنتاج كتب الأطفال، علاوة على زيادة قدرة هذه الأعمال على جذب اهتمام الأطفال واليافعين، من خلال تناولها لمواضيع معاصرة ترفد الأجيال الجديدة بمعلومات ومضامين تثري مخزونها الفكري والمعرفي.
ولكتب الأطفال أهمية بالغة إذ استعادت مكانتها عربيا بوصفها رافدا أساسيا لبناء أجيال متوازنة ومجتمعات قارئة وبالتالي تؤمن بالتنوير والمعرفة، رغم المصاعب العديدة التي تحيط بصناعة كتب الأطفال وسط هيمنة التكنولوجيا وألعاب الفيديو على حياة أجيال المستقبل.