الشارخة كنز يجود به البحر على الصيادين في عمان

ظفار (سلطنة عمان) ـ يتوجه صيادو سلطنة عمان وعلى وجه الخصوص صيادو محافظة ظفار ومحافظة الوسطى ومحافظة جنوب الشرقية كل صباح إلى صيد الشارخة التي يبدأ موسمها من غرة مارس ويتواصل إلى موفى شهر أبريل.
ويقول جمعة الشارخي الذي ينحدر من أسرة صيادين إنَّ “الشارخة تعيش بين الصخور والشعاب المرجانية وكذلك في البيئات الرملية والطينية وفي الأعماق الضحلة، لذلك يكون صيدها صعبا ولا يتقنه إلا المتمرسون بالبحر”.
ويضيف أنَّ “موسم صيد الشارخة يعدّ من أهم المواسم التي يعول عليها الكثير من الصيادين والتي تشكّل مردودًا اقتصاديا جيدا”، مؤكدا “أنها تباع أحيانا حتى قبل اصطيادها وبأسعار غالية لأن في فوائدها سرا يتعلق بقدرات الرجال الجسدية”.
وكانت بداية الموسم الحالي قد شهدت إنتاجا مبشّرا مما ينبئ بموسم صيد وفير، وتوقعت مصادر في وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه أن يسجل إنتاج الشارخة خلال الموسم الحالي 1000 طن، متجاوزا حصيلة العام الماضي التي بلغت 950 طنا.
جدير بالذكر أن جراد البحر، أو الشارخة كما يعرف محليا، حيوان مفصلي من القشريات (نتيجة احتوائه قشرةً صلبة) له عشر أرجل.
وتعيش الشارخة عامة في قاع البحر وتعد مصدرا أساسيا للبروتين وغنية بالبوتاسيوم والزنك والنيكوتين والحديد وتحتوي على كمية مناسبة من الكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم وعدد من الفيتامينات.
وتتواجد في مياه السلطنة خمسة أنواع من الشارخة، منها نوعان يتم استغلالهما تجاريًا هما شارخة الصخور التي تتواجد في محافظات ظفار والوسطى والشرقية، والشارخة الملونة التي تتواجد في محافظتي مسقط ومسندم وبشكل أقل في محافظات الباطنة.
وينص قانون الصيد البحري على أنه يمنع منعا باتا صيد الشارخة خلال فترة الإخصاب والتكاثر الطبيعي التي تبدأ من اليوم الأول من شهر مايو من كل عام وتستمر حتى اليوم الأخير من شهر فبراير من العام التالي.
ويحظر على الصيادين استخدام الشباك الخيشومية في عملية الصيد، وهي نوعية من الشباك تؤدي إلى التصاق وتداخل أشواك الشارخة فتعلق بها، مما يؤثر على جودتها ويضر بالبيئة البحرية.
كما يحظر الصيد بالحراب أو أي وسيلة أخرى عدا الأقفاص بالمواصفات التي تحددها السلطة المختصة.
ويمنع صيد وتداول إناث الشارخة المحملة بالبيض وصغار الشارخة، ويجب على الصيادين إعادتها إلى الماء فور العثور عليها بين الأسماك المصادة.
وتُحظر حيازة الشارخة وعمليات نقلها وبيعها وشرائها وتصديرها وكل ما يرتبط بذلك خلال فترة إخصابها وتوالدها.
ويحصل الصيادون على تراخيص لمزاولة مهنة الصيد من دوائر ومراكز الثروة السمكية في المحافظات التي لا تسمح إلا باستخدام الأقفاص عند الصيد.
وقالت وزارة الثروة الزراعية والسمكية بأن فريق الرقابة السمكية بمحافظة ظفار تمكن من ضبط عدد من العمالة الوافدة أثناء عملية صيد الشارخة على متن قوارب صيد حرفي واستخدام شباك العقرب.
وقد استخدم الصيادون قديما عدة طرق لصيد الشارخة، منها استخدام الشباك أو “الليخ”، وكانت فترة صيد الشارخة تمتد طوال العام، ولم يكن الطلب على هذا النوع من الأسماك مكثفا.

وخلال السنوات الماضية، وبالتزامن مع وجود أسواق خارجية، زاد الإقبال على العمل في صيد الشارخة واستخدم الصيادون الأقفاص الحديثة.
وقد تم تحديد الأقفاص لصيد هذا النوع من الأحياء البحرية لأسباب عدة، أهمها بقاء هذه الأحياء حية داخل هذه الأقفاص لفترة طويلة، مما يساعد على إعادة الإناث المحملة بالبيض إلى الماء، إضافة إلى إعادة صغار الشارخة التي يمنع صيدها من قبل المراقبين الذين يشرفون على عمليات الصيد خلال الشهرين المسموح بهما.
ومن مميزات هذا الكائن البحري أنه يعيش في بيئة مرجانية، ويحتمي بالصخور والشقوق، ويعد ليلي المعيشة، ويتراوح عدد بيض الحمل بين مئة ألف وتسع مئة ألف بيضة. وتتغذى الشارخة على المرجان والرخويات والطحالب، إضافة إلى الأسماك.
وينزل الصياد الأقفاص إلى أعماق البحر بين المناطق الصخرية، ويثبتها بقطعة من الحديد أو الإسمنت بعد أن يتم وضع الطعم داخلها (مخلفات الأسماك أو قطع من السردين)، و يربط القفص بحبل طويل توجد في نهايته عوامة تطفو على سطح البحر لمعرفة موقع القفص.
وتأتي الشارخة إلى القفص عن طريق الفتحة الأسطوانية الموجودة به سيرا إلى الخلف، وعند استقرارها داخله تجد صعوبة في الخروج منه، نظرا لهبوطها في قاع القفص وارتفاع المدخل عنه.
وتمتلئ الأقفاص في الأيام المظلمة، حيث تخاف الشارخة من الخروج في الليالي المقمرة، ويدرك الصيادون أهمية هذه الأوقات في عملية الصيد، كما وجد صيد هذا الحيوان إقبالا كبيرا من العارفين، وقد يباع حتى قبل صيده نظراً لكثرة الإقبال عليه.
وتستهلك الشارخة محليا ودوليا حيث تصدّر إلى دول الخليج، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والمملكة العربية السعودية وبعض الدول الآسيوية والأوروبية.
ويقول الصياد محمد العمري “نعتمد كليا في حياتنا على البحر وصيد السمك بأنواعه، وأخص بالذكر موسم الشارخة حيث نقوم سنويا بتصدير كميات منها إلى الدول المجاورة”.