السينما اللبنانية تكافح للصمود في ظل الأوضاع الحرجة للبلاد

"مؤسسة سينما لبنان" تطلق مبادرة بهدف إحياء الانتاج السينمائي اللبناني.
الجمعة 2022/08/19
إنتاج قليل

بيروت - تكافح السينما في لبنان كغيرها من القطاعات للحفاظ على وجودها ومن ثم تطوير أدائها خصوصا وأنها قطاع واعد في ظل توفر الكفاءات البشرية المبدعة التي تدفع بها الجامعات في مجال الإخراج السينمائي والتلفزيوني.

ويعود تاريخ السينما في لبنان إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وتعتبر واحدة من أقدم الانتاجات الفنية السمعية البصرية في العالم العربي، إلى جانب مصر، ويمكن وصفها بأنها كانت سينما وطنية.

وأنتجت لبنان أكثر من 500 فيلما، تميزت في كثير منها بإنتاجات مشتركة بين لبنانيين وآخرين إلا أن القطاع يمر بمراحل غير منتظمة وفقا لظروف البلد وخاصة الاقتصادية التي تفقد السينما العامل الأبرز في تطويرها وهو توفر التمويل الكبير الذي تحتاجه لرعاية الانتاج.

سمير حبشي: المشكلة الأكبر هي غياب تمويل الأفلام الجدية

ورأت ميريام ساسين منتجة فيلم “كوستا برافا” الذي من المقرر عرضه الشهر القادم أن واقع السينما اللبنانية أخذ يتطور بعد بداية الألفية الثانية إذ كان الانتاج يصل إلى فيلمين طويلين في السنة ليبلغ في عام 2019 ما بين 20 إلى 30 فيلما طويلا موزعة بين وثائقي وروائي مشيرة إلى مشاركة هذه الأعمال في مهرجانات عالمية مثل كان وفينسيا وبرلين.

واعتبرت ساسين أن “ثمة مواهب فنية ومخرجين برزت أعمالهم في المهرجانات العالمية إلا أن الأزمة الاقتصادية التي دخلت فيها البلاد إلى جانب جائحة كورونا أصابت القطاع السينمائي خصوصا وأنه يحتاج إلى تمويل كبير إذ أن كلفة انتاج فيلم روائي تبلغ 200 ألف دولار على أقل تقدير”.

وأوضحت المنتجة أنه بإمكان السينما أن تكون قطاعا رافدا للاقتصاد نظرا لحجم الانفاق الذي تتطلبه الأفلام وما توفره من فرص عمل ولاسيما مع غنى لبنان بالمواهب الفنية في حال تأمين الدعم المالي المطلوب.

من جهته قال المخرج سمير حبشي إن “مشكلة السينما في لبنان منذ انطلاقتها وحتى الآن هي التمويل وتحديدا تمويل الأفلام التي تعالج مواضيع اجتماعية هادفة أو ما يعرف بالأفلام الجدية”.

واعتبر حبشي أن السوق اللبنانية غير قادرة على انتاج الأفلام من دون وجود انتاج مشترك مع دول أخرى أو بتمويل من صناديق أجنبية لأنه سوق صغير نظرا لعدد السكان ولا يمكن لنسب المشاهدة فيه أن تغطي تكاليف الفيلم إذ “أن تكلفة الفيلم تبلغ نصف مليون دولار وتحتاج إلى 300 ألف مشاهد لتعويض تكاليف الفيلم”.

وأضاف أن “كل مخرج يعاني للبحث عن تمويل لفيلمه فعملية البحث عن منتجين تستغرق فترات زمنية طويلة لإقناع الجهات الداعمة بالفيلم المراد تصويره ليحصل على الإنتاج”.

 وشدد على “أن السينما في لبنان تحتاج إلى الدعم بغض النظر عن الظروف الاقتصادية وسواها من الأمور وذلك لأن السوق المحلي اللبناني صغير لا يمكنه تأمين العدد اللازم من المشاهدين لتغطية تكاليف الفيلم كما هو الحال في مصر والولايات المتحدة حتى أن السينما الأوروبية لديها صناديق دعم ومشاريع دعم من الدول”.

من ناحيتها رأت رئيسة مؤسسة سينما لبنان مايا دو فريج أنه "من الضروري مع هذه الأزمة غير المسبوقة إعادة إطلاق اقتصاد ابداعي جديد لتشجيع قطاع السينما كونه أحد المقومات الرئيسية التي تمكن لبنان من أن يكون حاضرا في الحلقات التجارية والمالية للعولمة”.

ميريام ساسين: السينما بإمكانها أن تكون رافدا للاقتصاد اللبناني

وكشفت عن أن “مؤسسة سينما لبنان” أطلقت في الفترة الأخيرة مبادرة بتمويل من الاتحاد الأوروبي تهدف لإحياء الانتاج السينمائي اللبناني في ظل الأزمات المتعددة التي يشهدها لبنان وهي مبادرة من شقين أولهما برنامج توجيهي وتدريبي أطلق في يونيو الماضي لتعزيز قدرات المنتجين اللبنانيين لتمكينهم من انجاح مشاريعهم والثاني صندوق يوفر الدعم المالي لعدد من مشاريع الأفلام حيث سيصار إلى فتح باب تقديم الطلبات للصندوق في نوفمبر المقبل.

ويشمل البرنامج منتجين سينمائيين واعلاميين قاموا بإنتاج أفلاماً أو أعمالا ًسمعية بصرية أخرى ويرغبون في تطوير مهاراتهم في ريادة الأعمال لتوفير ظروف النجاح لمشاريعهم.

أما الصندوق فهو مبادرة لمرة واحدة استثنائية لدعم مشاريع الأفلام الطويلة اللبنانية ممول من الاتحاد الأوروبي وتبلغ قيمته الاجمالية 75 ألف يورو (ما يعادل 76 ألف دولار) ويهدف إلى توفير جزء من التمويل لأفلام تحتاج إلى دعم لاستكمال تنفيذها. وسيفتح باب تقديم الطلبات اعتباراً من نوفمبر المقبل للأفلام الروائية والوثائقية التي بلغت مرحلة الإنتاج وما بعد الإنتاج.

ولفتت إلى ما تقوم به المؤسسة للمساهمة بتنشيط صناعة السينما وايجاد فرص عمل تستوعب المواهب والقدرات اللبنانية.

وسلطت الضوء على قلة عدد المنتجين الأمر الذي يقف عائقاً أمام تطور الانتاج مؤكدة سعي المؤسسة لتدريب المنتجين في كيفية تمويل أعمالهم.

وشددت على أن الإنتاج السينمائي في بعض الدول من ضمنها الأوروبية يتجه إلى الإنتاج المشترك لتوفير التمويل المالي المطلوب لإنجاح الأفلام.

15