السينما الإسبانية تعيش عصرها الذهبي بقيادة نجوم عالميين

النقاد الدوليون والجوائز الكبيرة يولون المزيد من الاهتمام لسينما الإسبان.
الثلاثاء 2022/03/22
أفلام باتت تلقى رواجا كبيرا

تشهد السنوات الأخيرة ازدهارا استثنائيا للسينما الإسبانية التي باتت تلقى رواجا لا عند الجماهير ومنصات البث التدفقي فحسب بل وحتى في منصات التتويج لأهم الجوائز العالمية، من برلين إلى كان إلى الأوسكار وغيرها، وهو ما يبين تطور هذا الفن في إسبانيا بقيادة نخبة من نجوم نالوا مكانة عالمية.

مدريد- أظهر فوز المخرجة الكاتالونية كلارا سيمون بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين، وترشيح أربعة إسبان لجوائز الأوسكار لهذا العام، بينهم الزوجان خافيير بارديم وبينيلوبي كروز، أن الفن السابع الإسباني يبهر الأوساط السينمائية العالمية التي تمدّ له السجاد الأحمر.

وقال بارديم بعد الإعلان عن الترشيحات لجوائز الأوسكار التي تقام حفلة توزيعها في السابع والعشرين من مارس الجاري إن “ترشيح بينيلوبي عن دور أدته باللغة الإسبانية هو أمر تاريخي لصورة إسبانيا”.

وقت للنضوج

◙ الفن السابع الإسباني يبهر الأوساط السينمائية العالمية التي تمدّ له السجاد الأحمر

إسبانيا لم تكن يوما من طينة الدول ذات التراث السينمائي العريق والحضور القوي جدا في الفن السابع، بل بقيت حتى الأمس القريب تجد صعوبة في إيجاد موقع لها على الساحة الدولية في هذا المجال.

ولم يفز أي إسباني باستثناء لويس بونويل بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وقد نالها عام 1961 عن فيلم “فيريديانا”.

لكنّ السينما الإسبانية نجحت بعد ذلك في اللحاق بالركب، وباتت تفوز بالجوائز باستمرار، على نحو ما فعلت كارلا سيمون في مهرجان برلين بفيلمها “الكاراس”. وأفادت مجلة “فاراييتي” بأن اسم بينيلوبي كروز مطروح لتولّي رئاسة لجنة التحكيم في الدورة المقبلة لمهرجان كان، وهو شرف سبق أن أعطي عام 2017 لبيدرو ألمودوفار الذي يُعتبر إلى حد بعيد المخرج الإسباني صاحب الشهرة الأكبر في الخارج.

وفي ما يتعلق بجوائز الأوسكار، سبق للممثلة أن حصلت على أحد التماثيل الصغيرة عام 2009، ولكن عن دور في فيلم أميركي بعنوان “فيكي كريستينا برشلونة” للمخرج وودي آلن.

أما إذا نالتها هذه المرة عن تجسيدها شخصية جانيس في فيلم “مادريس باراليلاس” (Madres paralelas) للمخرج ألمودوفار، فسيكون ذلك تتويجا لفيلم “أنتج في إسبانيا” بالكامل، وخصوصا أن موسيقى الفيلم استحقت ترشيحا رابعا للملحن الباسكي ألبرتو إغليسياس للأوسكار.

ولاحظ إغليسياس الذي عمل مع المودوفار على 13 فيلما في الأعوام العشرين الأخيرة في تصريح لوكالة فرانس برس أن الفن السابع الإسباني يشهد “زخما قويا للغاية”، مؤكدا أن حيويته هذه “ليست وليدة الصدفة، بل نابعة من حماسة جديدة” هي ثمرة “التعليم وعمل معاهد السينما”. وأضاف “ربما بدأنا مع بعض التأخير، وبإنتاج محدود، وبعدد أقل من المخرجين”.

◙ ثمة الكثير من السينما والإنتاج السمعي البصري في الوقت الراهن في إسبانيا مع منصات توفر عملا هاما

وذكّرت مديرة مهرجان السينما الإسبانية في مدينة نانت الفرنسية بيلار مارتينيز فاسور بأن هذه السينما “واجهت صعوبة كبيرة في دخول عالم المهرجانات الدولية”.

وأوضحت أن الأفلام التي كانت تُعرض في الخارج لم يكن يُنظر إليها على أنها إسبانية. وتسأل هل ثمة من يدري، على سبيل المثال، أن “ذي آذرز” الذي تولت بطولته نيكول كيدمان هو من إخراج أليخاندرو أمينابار؟

وأضافت “لا يزال الاعتقاد سائدا في إسبانيا بأن السينما الإسبانية سيئة، وأنها عش للشيوعيين، وأن المخرجين يفيدون من الوساطة ولا يفعلون شيئا ويتلقون الإعانات”. وتدعو إلى تعزيز “الدبلوماسية الثقافية” من خلال توفير الحكومة الإسبانية دعما أكبر للقطاع.

إلا أن الكثير من الخبراء في هذا القطاع لاحظوا أن الفن السابع في إسبانيا يتمتع بتمويل أقل من ذاك المخصص للسينما الفرنسية، في الجانب الآخر من جبال البيرينيه.

أفضل لحظة

◙ السينما الإسبانية نجحت في اللحاق بالركب، وباتت تفوز بالجوائز باستمرار
السينما الإسبانية نجحت في اللحاق بالركب، وباتت تفوز بالجوائز باستمرار

قالت المديرة العامة لمعهد التصوير السينمائي والفنون السمعية البصرية التابع لوزارة الثقافة بياتريث نافاس إن القطاع السينمائي “تعلم أن يجد مكانا لنفسه في المنظومة المعولمة”.

وأضافت “لقد تطلب الأمر مناخا تنمو فيه الأفكار لم يتكون بين ليلة وضحاها ووقت للنضوج، كي تحصل الأعمال على التقدير الذي تستحقه”.

بالإضافة إلى بارديم وكروز وإغليسياس، رُشح فيلم ألبرتو مييلغو القصير “ذي ويندشيلد وايبر” أيضا لجوائز الأوسكار. ورأى مدير مهرجان سان سيباستيان السينمائي المرموق خوسيه لويس ريبوردينوس أن “السينما الإسبانية تعيش أفضل لحظاتها”.

◙ لا يزال الاعتقاد سائدا في إسبانيا بأن السينما الإسبانية سيئة وأنها عش للشيوعيين وأن المخرجين يفيدون من الوساطة

وشرح أن “ثمة الكثير من السينما والإنتاج السمعي البصري في الوقت الراهن في إسبانيا، مع منصات توفر الكثير من العمل وتتيح للفنيين الإسبان أن يكونوا أفضل”.

وباتت إسبانيا التي اجتذبت مناظرها الطبيعية الشبيهة بالغرب الأميركي الإنتاجات الهوليوودية منذ ستينات القرن الماضي، مرغوبة أكثر فأكثر من منصات إنتاج المسلسلات، إذ أن نتفليكس مثلا التي افتتحت في مدريد عام 2019 أول استوديوهاتها الأوروبية، عرضت مسلسلات إسبانية ناجحة مثل “كاسا دي بابيل أو “إيليت”.

وأظهرت الحكومة اليسارية قبل عام رغبتها في “جعل إسبانيا المحور السمعي البصري لأوروبا” وزيادة الإنتاج على أراضيها بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2025 عن طريق ضخ 1.6 مليار يورو.

وأشار ريبوردينوس إلى أن “النقاد الدوليين يولون المزيد من الاهتمام للسينما الإسبانية بفضل أسماء سينمائية كبيرة”.

13