السيسي ينسق مع حفتر لمنع سيناريو سوريا في ليبيا

الرئيس المصري يؤكد لقائد الجيش الليبي على أهمية التنسيق لبلورة خارطة سياسية متكاملة لإجراء انتخابات ويدعو إلى إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
السبت 2025/01/18
السيسي يشدد على أهمية استقرار ليبيا

القاهرة - أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم السبت، خلال استقباله في القاهرة قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، أن استقرار ليبيا "يرتبط ارتباطاً وثيقاً" بالأمن القومي المصري، في ظل مخاوف مصرية من استناخ المشهد في سوريا في جارتها الغربية.  

وتأتي دعوة السيسي بعد أيام من إعلان موقفها الداعم لخطة مجلسي النواب والأعلى الدولة بخصوص تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، بما يعني الإطاحة بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، التي لا تزال تسيطر على مفاصل الحكم في العاصمة طرابلس، وترفض التنازل عنه في إطار أي حل سياسي مرتقب.

وشهد الاجتماع تأكيدا على خصوصية العلاقات المصرية الليبية، حيث أشار السيسي إلى أن استقرار ليبيا يرتبط ارتباطا وثيقا مع الأمن القومي المصري. وفق بيان أورده المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية.

وأوضح السيسي، وفق البيان، أن مصر تبذل كل ما في وسعها من جهود ومساعي لضمان الأمن والاستقرار في ليبيا، والحفاظ على سيادتها ووحدتها، واستعادة مسار التنمية بها، مؤكداً دعم مصر لكافة المبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف.

وأبدى السيسي أيضاً حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية، مؤكدًا على أهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن.

وشدد الرئيس المصري على "ضرورة منع التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية".

كما أعرب عن تقدير مصر "الدور الوطني للجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب، الذي أسفر عن القضاء على التنظيمات الإرهابية في شرق ليبيا".

وبدوره، أكد حفتر "تقديره العميق للدور المحوري الذي تلعبه مصر في استعادة الاستقرار في ليبيا، وجهودها في دعم ومساندة الأشقاء الليبيين منذ اندلاع الأزمة، وذلك في إطار العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين".

كما أشاد بـ"الدور المصري الحيوي في نقل التجربة التنموية المصرية إلى ليبيا، والاستفادة من خبرات وإمكانات الشركات المصرية العريقة في هذا المجال"، مشددًا على "استمرار الجهود الرامية لحلحلة الأوضاع في ليبيا، بما يسهم في استعادة مقدرات الشعب الليبي، وفتح آفاق الاستقرار والازدهار والرخاء".

وفي ليبيا، دعم مرتزقة روس المشير حفتر ضد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، والتي تعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا.

وتأتي زيارة حفتر الأخيرة للقاهرة قبل أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الوطنية، والتي أرجئت مرارا بسبب الخلافات حول إطارها القانوني.

وتحاول ليبيا، التي تشترك في حدودها الشرقية مع مصر، التعافي من سنوات من الصراع في أعقاب الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 وأنهت أربعة عقود من حكم معمر القذافي.

وكان الرئيس السيسي من الداعمين الرئيسيين للمشير حفتر في ما مضى، لكنهما اتخذا مواقف متعارضة في الحرب في السودان، على الحدود الجنوبية للبلدين.

ودعمت القاهرة الجيش السوداني بقيادة رئيس الأركان عبد الفتاح البرهان، في حين يقول محللون إن خليفة حفتر نقل الوقود والأسلحة والمقاتلين إلى قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

كما أن التفاهمات المحتملة بين حفتر وروسيا بشأن نقل قواعد عسكرية وقوات روسية من سوريا إلى ليبيا، تثير مخاوف مصر من تصاعد النفوذ الروسي في ليبيا، الذي قد يُخل بموازين القوى الإقليمية ويؤثر على الأمن القومي المصري، خاصة مع احتمال استخدام الأراضي الليبية منصةً لتوسيع النفوذ الروسي في شمال أفريقيا.

هذا إلى جانب قلق القاهرة حيال انتقال بعض المتطرفين من سوريا إلى مصر، حيث تخشى أن تؤدي سياسات هيئة تحرير الشام بعد سيطرتها على الحكم في دمشق إلى منح الجنسية السورية لمتطرفي مصر وبالتالي تسريبهم تدريجيا إليها بهويات جديدة، أو عبر هوياتهم القديمة في حالة ليبيا حيث لا توجد ممانعات كبيرة لدى حكومة طرابلس في استقبال هؤلاء.

وكانت زيارة وفد يمثل حكومة الدبيبة في طرابلس إلى دمشق في 28 ديسمبر الماضي قد أثارت جدلا واسعا خصوصا وأن الوفد شخصيات محسوبة على تنظيم القاعدة، لم تظهر علنا في الصورة، وراجت معلومات حول نشاط غير مألوف لجماعات متشددة ومتهمة في قضايا إرهاب في بعض المناطق داخل ليبيا، والترتيب لاستقبال عناصر جديدة تأتي من سوريا.

وفي ظل هذه التحديات، تحرص القاهرة على ضرورة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب الموجودين في ليبيا، من خلال تعزيز التنسيق مع قائد الجيش الليبي، قبل استضافتها الجولة الثالثة من المشاورات المصرية-التركية حول ليبيا في 20 يناير الجاري، وهي التي تُظهر رغبة مشتركة في تقليل التوترات وإيجاد صيغة توافقية تساهم في استقرار ليبيا، بما يخدم مصالح البلدين.

وفي هذا الإطار، عقد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، الخميس الماضي، اجتماعاً مع القائمة بأعمال البعثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني خوري، خلال زيارتها إلى القاهرة.

وأشار الوزير إلى مواصلة مصر جهودها في تعزيز مسار الحل الليبي-الليبي، مع احترام مؤسسات الدولة ودعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن. وشدد على أهمية خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من ليبيا للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.