السيسي يميل إلى إعادة تكليف شريف إسماعيل برئاسة الحكومة المصرية

القاهرة- علمت “العرب” أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يميل إلى تجديد الثقة في شريف إسماعيل رئيس الحكومة الحالية، وسيكلفه بتشكيل حكومة جديدة، في مؤشر يعكس إصراره على المضي على نفس وتيرة ومسار ولاية حكمه الأولى.
وبدأت الولاية الثانية للسيسي، السبت، بأداء اليمين الدستورية أمام أعضاء مجلس النواب، ولا يوجد نص دستوري يُلزم الحكومة بتقديم استقالتها، حال دخول البلاد فترة حكم جديدة.
والتقى السيسي مع إسماعيل بقصر الاتحادية، الثلاثاء، وناقش معه مجموعة من القضايا التي تهم المواطنين، وكيفية تجاوز المخاطر الناجمة عن تخفيض دعم الكثير من السلع.
وأصدر الرئيس المصري قرارا جمهوريا، الاثنين، باستمرار المحافظين في مناصبهم لحين اختيار بدلاء لهم، في مؤشر يعكس نيته عدم إجراء تغييرات في مناصب ذات حساسية خلال الفترة الراهنة قبل اتخاذ قرارات صعبة تحتاج إلى المزيد من الاستقرار.
استراتيجية مواجهة الأزمات في مصر عن طريق جيوب الناس مستمرة، ما يوسع من قاعدة الغضب الجماهيري
ومنتظر أن تكون هذه هي المرة الخامسة التي يتم فيها تكليف إسماعيل بإجراء تعديلات على الحكومة منذ توليه المسؤولية في سبتمبر 2015. وجرى التعديل الأول في مارس 2016 بتغيير 10 وزراء، ثم تغيير حقيبة التموين في سبتمبر من نفس العام، وكان الثالث في فبراير 2017 وشمل 9 حقائب، والرابع في يناير الماضي بتغيير 4 وزراء.
ويرى معارضون أن عملية إعادة تكليف إسماعيل المتوقعة، ربما تكون مجازفة لارتباط اسمه في أذهان المواطنين بخرق الخطوط الحمراء مع الشارع، واقتحام ملفات لم تجرؤ حكومات سابقة على النبش فيها، مثل خفض الدعم لمستويات قياسية عن المواد الغذائية والمحروقات والكهرباء ومياه الشرب والنقل.
وقال مصدر حكومي لـ”العرب”، إن بقاء شريف إسماعيل يعني استمرار سياسة الإصلاح الاقتصادي، ووجود نيّة لدى السلطة لاستكمال ما تم تنفيذه في المسار الاقتصادي منذ وصول السيسي إلى الحكم قبل أربع سنوات.
وأضاف المصدر أن تغيير رئيس الوزراء يسقط الحكومة ويتم تكليف آخر بتشكيل حكومة ذات برنامج جديد، ثم العرض على مجلس النواب للموافقة أو الرفض، وهو ما يريد السيسي تجنبه لحين إنهاء الإجراءات الاقتصادية وعدم مواءمة الظرف السياسي.
وينظر السيسي إلى إسماعيل، باعتباره الوجه الأفضل لإدارة الملف الاقتصادي بشجاعة وخطى ثابتة، دون مراعاة للأصوات الغاضبة أو التحذيرية التي تطالبه بالتراجع عن بعض القرارات خشية ردة الفعل العنيفة.
وتصطدم المساعي الحالية بمدى القدرة على إقناع الناس بسياسة الإصلاح الاقتصادي، وتراجع شعبية السيسي في الشارع، وتصاعد الغضب على أداء الحكومة، وهو ما يتم تداركه بالتضحية ببعض الوزراء الذين أخفقوا في ملفات تمس حياة الناس بشكل مباشر.
ويتنامى شعور بفقدان الأمل في التغيير للأفضل مع استمرار تدني الأوضاع الاقتصادية واستمرار الحديث عن قرب اتخاذ إجراءات قاسية برفع أسعار الكهرباء والمحروقات.
واعتبر معارضون موافقة مجلس النواب والحكومة على زيادة مرتبات العاملين وأصحاب المعاشات، محاولة لامتصاص غضب الناس وإحساسهم بأن القرارات الاقتصادية بدأت تجني ثمارها لإقناعهم بمزيد من الصبر.
وأعلن رئيس الوزراء، الاثنين، أن خزانة الدولة تتحمل ما يزيد على 60 مليار جنيه (نحو 3.5 مليار دولار)، تكلفة منح الموظفين بالحكومة زيادات جديدة في المرتبات، بالإضافة إلى الزيادة بالمعاشات المدنية والعسكرية بنسبة 15 بالمئة.
ويظل التحدي الكبير أمام الحكومة أن الكتلة الحرجة في الشارع، من الطبقتين البسيطة والمتوسطة، لم يعد بإمكانها تحمل أعباء الإصلاحات، لأنه لم تنتج عنها سوى زيادة تردي الأوضاع المعيشية.
عملية إعادة تكليف إسماعيل المتوقعة، ربما تكون مجازفة لارتباط اسمه في أذهان المواطنين بخرق الخطوط الحمراء مع الشارع، واقتحام ملفات لم تجرؤ حكومات سابقة على النبش فيها
ويضاف إلى ذلك، أن ثقافة الخوف لدى المواطنين من التصعيد والاحتجاج ضد أي قرار خشية الاستهداف الأمني، تراجعت بشكل ملحوظ، وهو ما يمثل عبئا مضاعفا على الحكومة.
ويرى متابعون أن الحراك الجماهيري في الأردن ومتابعة الشارع في مصر لرفض الأردنيين قرارات رفع أسعار مشتقات البترول وقانون الضريبة، أربكا تقديرات السيسي، الذي يخشى تكرار الأمر ذاته، لأن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ألغى زيادة الأسعار التي أقرتها الحكومة قبل أن تستقيل.
وقال هؤلاء، إن الشارع في مصر أصبح مهيّأ للتعبير عن غضبه بالاحتجاج، وهو ما حدث خلال شهر مايو الماضي عقب قرار زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق، ودعم هذا التوجه أن حراك الأردنيين أتى بنتائج مثمرة.
ورأى عبدالمجيد زايد، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن البقاء على القوام الأساسي للحكومة الحالية لا سيما وزراء الاقتصاد، وهذا وارد بقوة، يعني أن استراتيجية مواجهة الأزمات عن طريق جيوب الناس مستمرة، ما يوسع القاعدة الجماهيرية للغضب.
وأضاف لـ”العرب” أن تجاهل الحكومة اشتعال الغضب، جراء الظروف المعيشية القاسية واللعب على وتر الأمن والاستقرار، قد ينتج عنه “ما لا يُحمد عقباه”، لأن الفئات التي لم تعد تمتلك شيئا تبكي عليه في تزايد، ما يصب في صالح تيارات مناوئة للنظام.
ويرى معارضون للنظام أن عدم تشكيل حكومة جديدة، يهدف إلى الإبقاء على الحالية مع بعض التغييرات لترميم شعبيتها، بحيث تتخذ كل القرارات الصعبة وتتم إقالتها لامتصاص غضب الناس، وتشكيل أخرى تعمل بنفس القرارات القديمة.
ويبدو قطاع كبير من المواطنين في الشارع غير مهتمين باستمرار الحكومة من عدمه، لوجود اعتقاد راسخ عند أكثرهم بأنه مهما جاء وزراء جدد فإنهم يعملون وفق سياسات وقرارات الحكومة السابقة- الحالية. وقال فكري محمد، وهو معلم لـ”العرب”، “شعور الناس بأنه لا جديد سيحدث أو إيجابيات تظهر، ولّد لديهم شعورا باللامبالاة”.