السيسي يقبل تحدي إقناع القطريين والكويتيين بالحصول على تمويلات في توقيت اقتصادي حرج

زيارة الرئيس المصري إلى الدوحة بعد "قطر – غيت" تشير إلى أن القاهرة تجاوزت تداعياتها السلبية وقبلت بالنفي القطري.
الاثنين 2025/04/14
البحث عن تمويلات جديدة

القاهرة/ الدوحة – قرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي القبول بتحدي إقناع كل من قطر والكويت بالحصول على حزمة تمويلات واستثمارات جديدة من البلدين، في توقيت اقتصادي صعب تعيشه الحكومة المصرية، المطالبة سريعا بتخفيف حدة الأزمات التي تواجهها شريحة كبيرة من المواطنين.

وبدأ الرئيس السيسي زيارة إلى الدوحة الأحد، عنوانها الظاهر بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي ومناقشة التطورات الإقليمية والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وعنوانها الخفي هو دفع قطر نحو زيادة ضخ استثماراتها في مصر.

وتعرف القاهرة أن حدودها الاقتصادية مع السعودية متعثرة لأسباب مختلفة بشأن الحصول على مساعدات أو استثمارات، ولن تطلب المزيد من دولة الإمارات بعد أن قدمت لها أبوظبي ما يكفي خلال الفترة الماضية.

وذهب الرئيس المصري إلى قطر، آخذا على عاتقه أن العلاقات الجيدة التي تربطه بأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد أن زالت غالبية السحب السياسية والأمنية والإعلامية، تمكنه من الحصول على تمويلات جديدة، حيث اتجها إلى تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي الذي لم يتأثر بما نشب بين القاهرة والدوحة من خلافات سابقة.

كما يعول الرئيس السيسي على العلاقة التي تربطه بأمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ويأمل في إقناعه باستعادة الود المفقود بين البلدين على المستوى الاقتصادي، حيث تأثر هذا المجال ببعض المطالبات الكويتية بتحجيمه، فضلا عن إثارة ملف ترحيل العمالة المصرية في الكويت، والذي كاد في بعض المراحل يتسبب في أزمة سياسية، ولعب التيار الإسلامي النشط بالكويت دورا في تغذيته.

وثمة مقايضة ضمنية يمكن أن تحدث بين القاهرة والدوحة، تقوم على كف الأولى عن مطالبتها بالمزيد من المواقف الحاسمة التي يجب أن تتخذها الثانية حيال عناصر جماعة الإخوان المقيمين في قطر، بعد أن أصبح هذا الملف هادئا، ووضع على الرف في الدوحة، ولم يعد يمثل قضية كبرى في العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية.

يقول مراقبون إن زيارة السيسي إلى الدوحة بعد الضجة التي أثارتها وسائل إعلام إسرائيلية حول ما عرف بـ”قطر- غيت”، تشير إلى أن القاهرة تجاوزت تداعياتها السلبية وقبلت بالنفي القطري بشأن عدم قيامها بدفع أموال لمسؤولين في إسرائيل لتشويه صورة مصر وتقزيم دورها في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس.

السيسي يعول على العلاقة التي تربطه بأمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ويأمل في إقناعه باستعادة الود المفقود بين البلدين على المستوى الاقتصادي

ويضيف هؤلاء المراقبون أن التعاون بين مصر وقطر في ملف المفاوضات قطع شوطا إيجابيا، ولم يحدث فيه ما ينغص الروابط السياسية بينهما، ولا يزال كل طرف يفهم حدود دوره في المنطقة وطبيعة علاقته بحركة حماس التي تسير على حبال مشدودة لتبدو مواقفها معتدلة بين الجانبين، حيث تحتاج إلى كليهما في هذه المرحلة.

وتمكنت القاهرة بمشاركة الدوحة والولايات المتحدة في يناير الماضي من التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، نص على وقف إطلاق النار في غزة وفق ثلاث مراحل، لكن إسرائيل خرقته واستأنفت الحرب على القطاع في مارس الماضي.

وأكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية على أهمية لقاء السيسي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتباحث حول العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية، بجانب اللقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال القطري لبحث فرص التعاون الاقتصادي.

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الرئيس المصري سيتوجه بعد ذلك إلى الكويت، تأكيدا على عمق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين الشقيقين، “وحرصهما المشترك على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري.”

ويلتقي السيسي أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، والنائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء بالإنابة الشيخ فهد يوسف سعود الصباح.

وقال الخبير المصري في الشؤون الدولية والإقليمية بشير عبدالفتاح إن العلاقات المصرية مع دول الثقل الاقتصادي في الخليج العربي حدثت فيها تحولات، إذ كانت القاهرة تعتمد عليها لتقديم منح ومساعدات مباشرة، لكنها الآن تركز على تقديم استثمارات وتسهيلات للشركات المصرية العاملة في هذه الدول.

وأوضح لـ”العرب” أن السيسي يسعى إلى تحسين أوضاع العاملين في دول الخليج، وأن التركيز المصري لم ينصب على دولتي الكويت وقطر فقط، فقد كان معنيا -بشكل كبير- بكل من السعودية والإمارات، وكانتا معنيتين بجهود القاهرة في مجال مكافحة الإرهاب، وتحصين الدولة من الاختراقات الخارجية، مشيرا إلى أن دول الخليج وجدت أن مصر تجاوزت الكثير من المخاطر والصعوبات الأمنية، فأعادت النظر في المساعدات الاقتصادية المباشرة لها.

حح

وأكد أن زيارة الرئيس السيسي إلى كل من قطر والكويت تفتح أفقا جديدا في العلاقات السياسية والاقتصادية معهما، ورغم وجود تقارب بين القاهرة والدوحة ما زالت رواسب وظلال التوتر الماضية تخيم على جانب من العلاقات بينهما، فهناك تباين في الموقف من جماعة الإخوان، وعدم تلاق تام في بعض الرؤى الإقليمية، خاصة تجاه التطورات الجارية في سوريا.

ولفت بشير عبدالفتاح في حديثه لـ”العرب” إلى أن زيارة السيسي تهدف إلى حل بعض المشكلات غير المعلنة، وتصحيح جوانب القصور والخلل في العلاقة مع كل من قطر والكويت، وإيجاد فرص أكبر للتنسيق والتعاون معهما، مع الاحتفاظ بوسائل تعاون اقتصادي مع بعض دول الخليج كظهير يصعب الاستغناء عنه.

وتؤسس زيارة السيسي إلى قطر والكويت لنمط جديد من العلاقات معهما، يقوم على الشراكات الاقتصادية وليس المساعدات، لكن يصعب التعويل عليها في إحداث نقلة اقتصادية عاجلة داخل مصر، أو الاعتماد عليها بشكل كبير في مواجهة مشكلات اقتصادية متفاقمة، في ظل اعتماد القاهرة على تحصيل تمويلات من جهات مانحة دولية، مثل صندوق النقد الدولي.

ومصر تدرك أن الأجيال الجديدة من الحكام في دول الخليج ليست لديها التزامات قومية كبيرة تجاه مصر، على عكس أجيال سابقة كان هذا العنصر حاكما في توجهاتها حيال القاهرة، علاوة على التحولات الاقتصادية الدولية التي أثرت سلبا على اقتصاديات دول الخليج، وجعلتها تبتعد عن تقديم المساعدات وتفضّل الاستثمارات.

1