السيسي يطالب أمام اليونانيين بخروج القوات الأجنبية من ليبيا

العلمين (مصر)- عاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للمطالبة بخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية واستعادة ليبيا لسيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها، في إشارة حوت تلميحا إلى أن عودة العلاقات الدبلوماسية مع أنقرة لم تسفر عن تغيرات حقيقية بين مصر وتركيا، حيث تملك الأخيرة وجودا عسكريا في ليبيا.
وفسرت دوائر سياسية خطاب الرئيس المصري خلال استقباله الخميس رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس على أنه يحمل رسالة مباشرة إلى أثينا تتعلق بأن موقف القاهرة لم يتغير حيالها، وأن عودة العلاقات مع أنقرة لن تنعكس سلبا عليها.
ولم يخل خطاب السيسي من رسائل ضمنية إلى تركيا التي لم تتجاوب مع مطالب القاهرة الخاصة بالقلق من وجودها العسكري في ليبيا ورعايتها مرتزقة ودعم ميليشيات في طرابلس، ومماطلاتها في التجاوب مع عدم المساس بالمصالح المصرية.
القاهرة حريصة على توطيد العلاقات مع اليونان بشكل منفصل، ومع تركيا في حدود ما يخدم مصالحها
وتعمّد السيسي التذكير برؤية بلاده لدعم المسار السياسي في ليبيا وأهمية إجراء الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني كي يجهض ما أحدثه بيان للخارجية المصرية مؤخرا انتقد توجه بعثة الأمم المتحدة لتقليص دور مجلسيْ النواب والأعلى للدولة.
ووقتها اُتهمت القاهرة بأنها تعرقل إجراء الانتخابات بعد اتهامات وجهت إلى المجلسين بتعطيلها لأنهما يجنيان مكاسب من استمرار الانسداد، وأن دعمها العلني لهما قد يجعلها طرفا رافضا لإجراء الانتخابات.
ورغم أن الملف الليبي لم يكن مدرجا ضمن القضايا الحيوية بين مصر واليونان، إلا في الشق الخاص بالهجرة غير النظامية، فإن تطرق السيسي إليه بحضور ميتسوتاكيس حوى رغبة في توجيه رسالة إلى رئيس البعثة الأممية والدول الغربية الخمس التي دعمت مساره الجديد، فضلا عن تركيا التي لم تتجاوب عمليا مع المطالب المصرية.
وفحوى هذه الرسالة أن القاهرة لم تغير موقفها السياسي، بينما آخرون يغيرون مواقفهم ويتنصلون من وعودهم، ويخلون ببعض المعادلات المتفق عليها.
ولذلك قطعت نتائج مباحثات أجراها الرئيس المصري الخميس مع رئيس وزراء اليونان بمدينة العلمين الجديدة المطلة على البحر المتوسط الكثير من الشكوك التي ترددت حول وجود تأثيرات سلبية قد تحدثها عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة لأثينا.
وتوجهت أنظار دوائر عديدة في تركيا نحو مصر مع انعقاد أول لقاء على مستوى رفيع بين السيسي وميتسوتاكيس عقب عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة، وبعد إعادة انتخاب رئيس وزراء اليونان مرة أخرى.
وقال متابعون لـ”العرب” إن الحكومة المصرية قدمت تطمينات عديدة لرئيس وزراء اليونان بالفصل بين مسار العلاقات مع كل من أثينا وأنقرة، وإن أيّ تطور في مجال التعاون الاقتصادي مع تركيا لن يؤثر على الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع اليونان.
وأضاف هؤلاء المتابعون أن القاهرة حريصة على توطيد العلاقات بصورة منفصلة مع اليونان وتركيا في الحدود التي تخدم مصالحها، مع التمسك بما حدث من تقدم كبير في مجال الغاز في شرق البحر المتوسط بين مصر وكل من اليونان وقبرص.
ولم تفلح تركيا في إعادة صياغة المنظومة التي أقرتها الدول الثلاث وبموجبها تشكل منتدى غاز شرق المتوسط، وتعول على مساهمة المصالحة مع القاهرة لتغيير هذه المعادلة لتصبح طرفا فيها، لكن حتى الآن لم تظهر مؤشرات تدل على التغير.
وأشاد السيسى أثناء لقائه برئيس وزراء اليونان بعمق وثبات العلاقات الإستراتيجية المتميزة بين البلدين والتطور الملموس الذي يشهده التعاون في مجالات مختلفة، وارتفاع مستوى التنسيق السياسي حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وشدد رئيس الوزراء اليوناني على رسوخ الروابط مع مصر، والتقدم الملحوظ في مستوى التعاون، وحرص بلاده على مواصلة تعميق العلاقات ودفعها إلى آفاق أوسع، في ضوء الدور الذي تقوم به القاهرة في مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة في منطقة البحر المتوسط.
وأبدت المباحثات اهتماما بتفعيل وتنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ودفع التعاون في مجالات التعاون العسكري والاقتصادي والثقافي، وملف الطاقة وما يتعلق بالغاز الطبيعي والربط الكهربائي، ما يعني عدم وجود تغير في توجهات البلدين، وأن عودة العلاقات مع تركيا لن تؤدي إلى تحول في الموقف المصري من اليونان.
وقالت تقارير مصرية إن المباحثات شهدت تبادل الرؤي ووجهات النظر تجاه الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وأظهرت اتساق مواقف الدولتين في منطقة شرق المتوسط، وأن منتدى غاز شرق المتوسط يمثل إحدى أهم الأدوات في هذا الإطار.
وحظي ملف الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط بحيز هام خلال المناقشات المشتركة، وتجاوز حادث غرق سفينة على متنها بحارة ومواطنون مصريون أمام سواحل اليونان مؤخرا، وثمّن ميتسوتاكيس دور القاهرة في مواجهة هذه الظاهرة.