السيسي يربط نجاحه بالاستثمار الإماراتي وقرض صندوق النقد

جردة حساب يقدمها الرئيس المصري لتعزيز الثقة بسياساته.
الأحد 2024/03/10
هل تتحول المشاريع الكبرى إلى واقع

القاهرة- ربط الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت بين نجاحه الشخصي وبين ما سيؤول إليه توجيه الاستثمار الإماراتي وقرض صندوق النقد الدولي، حيث وفرا سيولة مالية بالبنك المركزي أقنعته بالقيام بتبني سعر مرن للصرف في مصر.

وقال السيسي إنه بمساعدة تمويل جديد بعشرات المليارات من الدولارات من دولة الإمارات وصندوق النقد، أمكن التحول إلى سعر صرف مرن، وإنه أوقف تعويم الجنيه لأسباب تتعلق بالأمن القومي، لأن هناك حاجة لتمويل كبير قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة.

وجاء حديث الرئيس المصري، في الندوة التثقيفية بالقوات المسلحة في ذكرى يوم الشهيد، واضحا في تعرضه لقضايا داخلية، وثمّن خلاله الجهود والتوجهات التي تبناها منذ توليه السلطة وكانت صحيحة ومكّنت الدولة من عبور الكثير من الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية، وسوف يجني المواطنون ثمارها.

اللواء نصر سالم: السيسي يؤكد للشارع صواب السياسة الاقتصادية التي يتبناها
اللواء نصر سالم: السيسي يؤكد للشارع صواب السياسة الاقتصادية التي يتبناها

وحمل خطاب السيسي ردا مبطنا، ومباشرا أحيانا، على انتقادات وجهت إليه مؤخرا، حمّلت سياساته نتائج الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد، وامتزج شعوره بالنصر على خصومه بالتفاؤل في المستقبل، معتبرا أن تدفق الاستثمارات الإماراتية وتوقيع اتفاق بقرض جديد مع صندوق النقد يعززان تصوراته في إنقاذ البلاد، ويدحضان ما تردد حول وجود استغلال نفوذ أو شبهات فساد من جانب بعض الجهات الرسمية.

وفي هذه الزاوية قال الرئيس السيسي بالعامية المصرية “خلي بالكم.. إحنا مش فسدة وما خدناش أموالكم وضيعناها بفساد أو بدلع.. لا محصلشي.. كل حاجة اتعملت على أرض مصر أيّ حد يشوفها.. الكلام ده مهم وده تسجيل من إنسان إنتوا اخترتوه وقلتوا تعالى تولى المسؤولية.. وأنا قولت لكم تعالوا نتولى المسؤولية”.

وبدت جردة الحساب التي قدمها السيسي في الندوة التثقيفية مهمة في مكانها، حيث أكدت التفاف قيادات الجيش حوله ودعم منهجه في الحكم، وفي زمانها حيث انتظر البعض سماع صوته تعليقا على قرار البنك المركزي بتبني سعر مرن للصرف بعد توصيات صندوق النقد، الأمر الذي رفضه السيسي سابقا بحجة أنه يهدد الأمن القومي.

ولمنع الحديث عن وجود ازدواجية بعد موافقته على التعويم الجديد، قال “لما اتكلّمت عن التعويم.. قلت أقف قدام هذا الأمر إلّي يمس الأمن القومي.. ما نقدرشي نعمل كده من غير رقم معتبر من الأول نقدر ننظم به السوق.. كنا ممكن نتكلم عن أرقام ضخمة جدا 80 و90 كسعر للدولار أمام الجنيه.. دلوقتي نتلكم عن رقم تقريبي 45 – 50 مليار دولار داخل الدولة بين الرقم بتاع مشروع رأس الحكمة والاتفاق مع الصندوق والاتحاد الأوروبي وأيّ أمور أخرى”.

ويقول مراقبون إن الرئيس المصري يعوّل على قدرة الاستثمارات الخارجية عموما، والإماراتية بشكل خاص، في إنقاذ اقتصاد الدولة خلال الفترة المقبلة، وإن هناك وعودا غربية تلقاها تدعم الدور الذي تقوم به أبوظبي في مجال الاستثمارات، ويمكن أن تنجم عن ذلك تطورات تخفف حدة أزمة يراهن السيسي على تجاوزها وحصد ثمار إصلاحاته.

ويضيف المراقبون أن حالة الانتشاء السياسي التي ظهر عليها الرئيس المصري في الندوة التثقيفية الهدف منها التأكيد أنه على صواب ويقدر خطواته بدقة، ويطلب المزيد من الوقت وزيادة ثقة المواطنين به، بما يصبّ في سياق جملته الأثيرة “لا تسمعوا لأحد غيري”، في إشارة إلى أنه حريص على مصارحة شعبه.

وقال الخبير الإستراتيجي بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء نصر سالم إن تعويل الرئيس السيسي على الاستثمارات لتحسين الظروف الاقتصادية أمر طبيعي، لأن البنية التحتية الضخمة التي تم الإنفاق عليها كانت تهدف إلى جذب استثمارات كبيرة، وأراد أن يؤكد للشارع صواب السياسة الاقتصادية التي يتبناها، والدليل أنها جلبت عوائد ضخمة للبلاد من الإمارات في صورة استثمارات.

وأوضح لـ”العرب” أنه لولا صبر المصريين لما نجحت خطة الحكومة في أيّ شيء، والسياسة الصائبة للدولة تقود إلى تحسن في الأوضاع، فقد كانت هناك ممانعة غير رسمية للتوسع في شبكات الطرق والكهرباء والموانئ، لكن كل ذلك هو الذي سهّل إنجاز الصفقة المهمة مع الإمارات، فالدولة قامت بإنشاء طريق ضخم قريب من منطقة رأس الحكمة، لأنها كانت تخطط لهذه الصفقة منذ فترة.

ولفت سالم إلى أن زيادة قرض صندوق النقد من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار، يعكس نجاح الخطط الاستثمارية، فمؤسسات التمويل لا تمنح دعما لدولة بلا خطة أو حكومة عاجزة عن إيجاد حلول، لذلك من الطبيعي أن يركز الرئيس السيسي على تهيئة الناس لتحسن الأوضاع في المستقبل وفقا لزيادة معدلات الاستثمار، لأنهم في حاجة إلى مضاعفة الأمل.

ولم يخل خطاب الرئيس المصري من إشارات مباشرة إلى التطورات الحاصلة في المنطقة، خاصة ما يجري في غزة وتداعياته على بلاده، إذ أشار إلى التحديات الإقليمية وتأثيرها على مصر، وأنها آخذة في التحسن، قائلا “نتحمل الأزمات ونواصل الحفاظ على بلدنا وحدودنا الجنوبية وسنبقى عامل استقرار وسلام في المنطقة”.

وتزامن التطرق إلى ملف غزة مع تصوّرات تتبناها الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة، بموافقة إسرائيلية، حول إنشاء ميناء يتولى توفير المساعدات الغذائية للفلسطينيين في القطاع ما يقلل من أهمية معبر رفح كشريان حيوي وعدم حصر دخول المساعدات من خلاله فقط، وقد ينعكس ذلك أيضا على دور مصر في القضية الفلسطينية.

وكشف السيسي عن التكلفة المتوقعة لإعادة إعمار غزة، والمتوقع أن تصل إلى 90 مليار دولار، مشددا على أن مصر “لم تغلق معبر رفح نهائيا”، وأن بلاده حريصة على فتحه طوال اليوم، وتبذل أقصى ما تستطيع لحماية الفلسطينيين وإغاثتهم، وتابع قائلا “مصر لن تتوقف عن العمل مهما كان الثمن من أجل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في دولته المستقلة”.

1