السيسي يدعو إلى معاقبة الدول الداعمة للمنظمات الإرهابية

باريس - طالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية نشرت الأربعاء بمعاقبة الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية، في إشارة ضمنية إلى قطر وتركيا.
وجرت المقابلة في ختام زيارة للسيسي إلى باريس استغرقت ثلاثة أيام، وتلتقي فرنسا مع مصر في العديد من الملفات ومنها ضرورة محاصرة التيارات الإسلامية الراديكالية التي عانى منها كلا البلدين.
وحاولت منظمات حقوقية وشخصيات سياسية التأثير على الزيارة بإثارة قضايا حقوق الإنسان في مصر، بيد أن الرئيس إيمانويل ماكرون كان حازما في التأكيد على أولويات العلاقة مع القاهرة.
ويحتاج ماكرون دعم مصر في العديد من القضايا خصوصا في الحرب التي أعلنها ضد التنظيمات الإسلامية.
وقال السيسي إن "مصر وفرنسا تواجهان الإرهاب، وتحاربان معا على عدة جبهات"، مشيرا إلى أن البرلمان الفرنسي يبحث حاليا مشروع قانون يضمن احترام المبادئ الجمهورية، مضيفا "يبدو لي أن فرنسا أصبحت تقيس بصورة أوضح الآن مدى الخطر الذي يمثله الإخوان المسلمون على المجتمع والمواطنين الأوروبيين".
وأشار السيسي إلى أنه "ليس من فراغ وضع الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية في مصر أو في العديد من بلدان المنطقة الأخرى، فتغلغل عملهم في المنظمات الخيرية والمنظمات الإرهابية المسلحة التي يسيطرون عليها وتدخلهم في الدوائر السياسية المؤسساتية، يمثل تهديدا وجوديا للدول، وهم يختبئون وراء الدين لتبرير شمولية رؤيتهم".
فرنسا أصبحت تقيس بصورة أوضح الآن مدى الخطر الذي يمثله الإخوان المسلمون على المجتمع والمواطنين الأوروبيين
وأكد أن "مصر مثل فرنسا دفعت ثمنا باهظا للإرهاب الوحشي، وكان ضحاياه مواطنون مسلمون وأقباط والقوات المسلحة والشرطة ورجال القضاء"، مضيفا "نحن لم نتوقف عن التحذير من هذه الأيديولوجيا المميتة التي لا تعرف حدودا. ودعونا إلى تنسيق دولي لمكافحة الإرهاب". وشدد على ضرورة معاقبة الدول التي تمول وتسلح هذه المنظمات الإرهابية، انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة.
وتأتي تصريحاته عقب الحديث الجاري عن اختراقات في الأزمة بين قطر والرباعي العربي لاسيما على خط الرياض الدوحة والذي قابلته مصر الثلاثاء بترحيب مشروط بضرورة تنفيذ قطر الالتزامات السابقة وفي مقدمتها وقف دعمها لجماعة الإخوان.
وحول دعوته إلى الفصل بين الدين والسياسة، قال السيسي إن "كل فرد حر في أن يؤمن أو لا يؤمن، ولا إكراه في الدين. لكن هل يمكن أن نسخر من كل شيء دون أن ندرك أن ذلك يمكن أن يراه آخرون على أنه دليل ازدراء؟ إن ذم صورة الأنبياء يعود إلى الاستهانة بتمسك مليارات البشر بقيم ومبادئ الرموز الدينية. والكثير من الرجال والنساء يمكن أن يتألموا بسبب تعبير يمثل اعتداء على معتقداتهم العميقة. يتعين اتخاذ ذلك في الحسبان من منطلق الإحساس بالمسؤولية واحترام الآخر".
وأضاف الرئيس المصري "إنه في عالم بلا إنترنت ولا شبكات اجتماعية مثل القرن الماضي، كان عدد قليل جدا من الناس سيعلم بالرسوم المسيئة لرسول الإسلام، أما في ظل العولمة، فالوضع مختلف. وللأسف، استغل البعض هذه الرسوم للتلاعب بالشعور المشروع في تمسك المتدينين بقيمهم الدينية. وجرى تنظيم حملات تشويه تهدف إلى إذكاء الكراهية والتحريض على الفرقة بين الشعوب، على المنصات الرقمية ضد فرنسا".
وتابع "نحن في مصر، نعاني كل يوم من حملات التشويه التي تهدف إلى نشر الشك والفرقة في صفوف الشعب المصري. وهناك ما لا يقل عن 6 قنوات فضائية تديرها وتمولها دول أجنبية، تستهدف شعبنا. ومن المؤسف أن هذه القنوات التي تنشر الأيديولوجيا الظلامية، تبث عبر الأقمار الصناعية الأوروبية. وقد أكدنا - أنا والرئيس ماكرون - مجددا عزمنا على منع نشر الدعوات إلى العنف والكراهية والإرهاب".
من المؤسف أن القنوات التي تنشر الأيديولوجيا الظلامية تبث عبر الأقمار الصناعية الأوروبية
وتعقيبا على سؤال عما إذا كانت المواجهة العسكرية بين مصر وتركيا أمرا محتملا في ليبيا، قال السيسي "إن مصر تعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل يظل الطريق الوحيد الممكن لتسوية هذه الأزمة وضمان استقرار هذا البلد الشقيق، الذي يشترك مع مصر في حدود يصل طولها إلى 1200 كم. ومن الحتمي إنهاء التدخلات الأجنبية التي تهدد استقرار هذا البلد، نتيجة نقل المرتزقة والسلاح الموجه للميليشيات المتطرفة".
وأضاف أن "مصر لن تكون - أبدا - الطرف البادئ بالاعتداء. لكن في المقابل، فإن قواتها المسلحة دائما مستعدة للدفاع عنها وضمان أمنها القومي في مواجهة أي شكل من أشكال التهديدات".
وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك تحرش تركي ضد مصر في ليبيا وشرق المتوسط، أكد الرئيس السيسي أن سياسة مصر هي إقامة علاقات ممتازة مع جيرانها مع تغليب الحوار دائما، ويتعين على تركيا مثلها مثل دول المنطقة الأخرى، أن تحرص على احترام قواعد القانون الدولي وقانون البحار، وألا تقوم بأي عمل من طرف واحد دون تشاور أو على حساب أمن وسلم المنطقة.
وأشار إلى أن "منتدى غاز المتوسط الذي أنشئ بمبادرة مصرية، هو منظمة حكومية إقليمية تتولى العمل على احترام القانون الدولي في الإدارة المستدامة والمحافظة على البيئة لموارد الغاز الطبيعي لكل دولة عضو.. يتعين على فرنسا الانضمام إلى هذا المنتدى قريبا".
وأضاف أن شرق المتوسط غني بالغاز الطبيعي بعد الاكتشافات الأخيرة التي تمت فيه. ونحن نغلب منطق التعاون مع حلفائنا وشركائنا ومن بينهم فرنسا، من أجل حوار سياسي منظم بشأن الغاز الطبيعي. وستتيح هذه المنظمة إعطاء الأولوية لتسوية القضايا المتعلقة بالحدود البحرية.
وفي ما يتعلق بإثيوبيا، قال السيسي "إن مياه النيل أمر حيوي بالنسبة لمصر والخلاف مع إثيوبيا بشأن سد النهضة يمتد طويلا. فالسد يمثل لإثيوبيا مصدرا للتنمية المشروعة، إلا أن ملء السد بشكل أحادي بمخالفة مبادئ وقواعد القانون الدولي، يهدد إمدادات المياه لـ100 مليون من المصريين".
وأضاف "نظل متمسكين بالحل القانوني العادل وبالتوصل إلى اتفاق ملزم لجميع الأطراف؛ يحدد طرف ملء واستغلال السد ويحمي مصالح مصر وإثيوبيا والسودان، أي يحفظ حقوقنا في المياه. وبعد عشر سنوات من المفاوضات، حان الوقت لإتمام التوقيع على هذا الاتفاق".
وفي ما يتعلق بعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، قال السيسي إن مصر - دائما - ما دافعت وتواصل العمل من أجل التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأشار إلى أن مصر ساندت جميع الجهود الدولية، "ونعول على دعم الإدارة الأميركية الجديدة وأوروبا، خاصة فرنسا، من أجل التوصل - دون أي تأخير - إلى حل إقامة الدولتين على حدود عام 1967، وعلى أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، أما غياب الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإنه يظل المصدر الأساسي لانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط".
وبالنسبة لعمل المنظمات الأهلية في مصر وادعاءات وجود 60 ألف معتقل رأي في مصر، قال الرئيس المصري إنه لا يعرف من أين جاء هذا الرقم. وقد عمل الناس مؤخرا قصة من القبض على 3 من أعضاء منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. والمشكلة تكمن في أنهم سجلوا أنفسهم كشركة تجارية انتهاكا لقانون 2019، المنظمة لأنشطة الجمعيات التي لا تهدف إلى الربح.
وأضاف "هناك في مصر أكثر من 55 ألف منظمة أهلية، يعمل بعضها على دعم النظام المصري لحماية حقوق الإنسان. ونسعى لإقرار التوازن اللازم بين حقوق وواجبات المواطن من ناحية، والتحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب من ناحية أخرى".
وتابع "عليكم أن تدركوا أنه في الشرق الأوسط، يعد الاستقرار والأمن المدني بالنسبة للشعوب الأمر الأكثر قيمة. إن الإصلاحات التي تمت في قطاعات التعليم والصحة والإسكان هي تعبير عملي عن تمسكنا بحقوق المواطنين".