السيسي يحسم الجدل بشأن خفض سعر الجنيه: مسألة أمن قومي

القاهرة - استبعد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خفض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية مرة أخرى قريبا، معتبرا أن قضية سعر صرفه "مسألة أمن قومي"، وذلك في خضم شح الدولار الأميركي في الأسواق، وانهيار العملة المحلية مما أدى ارتفاع نسبة التضخم وضعف القدرة الشرائية.
وقال السيسي على هامش مشاركته في المؤتمر الوطني للشباب بالإسكندرية (شمال) مساء الأربعاء "مصر مرنة في الوصول إلى سعر صرف مقبول للجنيه أمام الدولار الأميركي، "لكن عندما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي ويتأثر الشعب المصري بسعر الصرف فهذا مرفوض". بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية.
وأضاف "أنا أتكلم بشكل جدي.. عندما يكون سعر الصرف عامل تأثير على حياة المصريين، ومن الممكن أن يضيعهم، فلا يجب أن نجلس في أماكننا".
وتابع "حتى لو الكلام ده يتعارض مع.. حتى لو الكلام ده يتعارض مع.." في إشارة على ما يبدو إلى مطالب صاحبت حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار نهاية العام الماضي، وبينها خصخصة العديد من الشركات العامة والإبقاء على سعر صرف مرن للجنيه المصري حتى يعكس قيمته الحقيقية.
وأشار إلى أنه حينما يتعلق الأمر بالاقتراب من سعر الصرف "انتبه لأنه قد تدخل في أزمة فوق الخيال"، مضيفًا أن كثير من الخدمات التي يحصل عليها المواطن يتم تسعيرها وفقًا لقيمة الجنيه مقابل الدولار الأميركي.
ولفت إلى أنه حال تحرير سعر الصرف لن يتحمل المواطن ذلك، موضحًا "لو المواطن يدفع مقابل الكهرباء 500 جنيه شهريًا، سيكون مطالبًا بدفع ألف جنيه.. هل يمكن له تحمل ذلك؟".
وأشار السيسي إلى أن مصر قامت بتثبيت سعر صرف الدولار مقابل الجنيه عبر إيداع الدولار في السوق والتدخل في سعر الصرف، ثم الحفاظ على قيمة الجنيه لأنها تتعلق بحياة المواطنين والأمن القومي.
كما كشف عن احتياج بلاده إلى ما بين 80 إلى 90 مليار دولار لتلبية حجم الطلب على الاستيراد، موجها الدعوة لرجال الأعمال والشباب إلى الاستثمار في الصناعة لتقليل فاتورة الواردات، وزيادة الصادرات المصرية، مشيرا إلى أن هناك قائمة بـ150 سلعة مستوردة يمكن تصنيعها محليًا لتوفير 25-30 مليار دولار، وحال تنفيذ هذه الصناعات ستسهم في توفير فرص العمل وخفض البطالة وزيادة الناتج القومي.
وأكد أن الدولة عليها العمل لسد فجوة الدولار، مشيرا إلى أن الحكومة اضطرت خلال السنوات الماضية للاقتراض من الأسواق الدولية للحفاظ على السيولة المتاحة لدى البنك المركزي، وكذلك للحفاظ على استقرار أسعار الصرف السائدة، مشيرا إلى التوقف عن الاقتراض الخارجي بنفس الوتيرة السابقة، والعمل على خفض حجم الواردات من الخارج وإحلالها بمنتجات محلية قدر الإمكان.
ومنذ مارس 2022، خفضت مصر سعر صرف الجنيه ثلاث مرات، من متوسط 15.7 أمام الدولار الواحد ليستقر حاليا عند 30.8 جنيها، لكن السعر في السوق السوداء يصل لنحو 39 جنيها.
وسجل التضخم ارتفاعات حادة على مدى العام المنصرم بعد سلسلة تخفيضات لقيمة الجنيه بدأت في مارس 2022، فضلا عن نقص العملة الأجنبية لفترة طويلة والتأخير المستمر في الإفراج عن الواردات.
وكشفت بيانات البنك المركزي المصري، مطلع الشهر الجاري، عن ارتفاع معدل التضخم الأساسي السنوي في مصر إلى 40.3 في المئة في مايو، من 38.6 في المئة في أبريل.
كما أظهرت البيانات أنه ارتفع 2.9 في المئة على أساس شهري في مايو من 1.7 في المئة في أبريل.
وأدى هبوط سعر صرف الجنيه إلى ارتفاع الأسعار على المستهلك، بسبب زيادة كلفة الواردات المقومة بالنقد الأجنبي وارتفاع كلفة الإنتاج في الأسواق المحلية.
وتتزامن تصريحات السيسي مع تقارير صحافية أجنبية حول خفض إضافي رابع محتمل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وانخفض معدل البطالة في مصر بنسبة بسيطة إلى 7.1 بالمئة خلال الربع الأول من عام 2023 مقابل 7.2 بالمئة في الربع السابق له، ليصل عدد العاطلين إلى 2.171 مليون عاطل.
ويرغب صندوق النقد الدولي، ضمن شروط قرض جديد، ومستثمرون خليجيون في استقرار سعر صرف مرن للجنيه، بما يسمح بتدفق استثمارات أجنبية تحتاج إليها مصر لمواجهة عجز مالي.
وتواصل الحكومة المصرية اتخاذ قرارات لترشيد الدولار، كان آخرها قرار سلطة الطيران المدني بوقف العمل بنظام تذاكر "السوتو"، وسبقه قرار من البنك المركزي بوقف استخدام البطاقات مسبقة الدفع في التعاملات الدولية سواء للسحب النقدي خارج البلاد أو للشراء الإلكتروني بالعملات الأجنبية.
ويتيح نظام "السوتو" إصدار تذاكر سفر تبدأ وتنتهي خارج مصر دون أن يتضمن خط سير الرحلة أي نقاط داخل البلاد، وسبق أن تم وقف العمل بهذا النظام في أكتوبر عام 2016 - وقت أزمة نقص في النقد الأجنبي- وتم إعادته مرة ثانية في مارس من العام التالي بعد تحرير سعر صرف الجنيه وتوافر الدولار
واستقبلت مصر 7 ملايين سائح خلال الأشهر الخمس الأولى من العام الجاري، من بينهم 1.35 مليون سائح خلال أبريل الماضي- وهو أعلى مستوى سجلته مصر خلال شهر واحد في تاريخها، وتتوقع الحكومة أن تستقبل 15 مليون سائح خلال العام الجاري.
ووفقا لما تداولته وسائل إعلام محلية، فإن 3 شركات أعلنت عن وقف استخدام البطاقات مسبقة الدفع في المعاملات الدولية، ويتم استخدام هذه البطاقات من خلال وضع الأموال فيها مسبقا مقابل السحب منها والقيام بالمعاملات المالية في إطار الرصيد المتاح بالبطاقة دون شرط فتح حساب بنكي.