السيستاني يبحث مع الممثل الأممي للحضارات خطة حماية المواقع الدينية بالعراق

بغداد – بحث المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني الأربعاء مع ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، خطة عمل المنظمة الدولية لحماية المواقع الدينية بعد الهجمات التي تعرضت لها في أماكن مختلفة في العالم في السنوات الأخيرة.
جاء ذلك خلال استقباله لموراتينوس والمبعوثة الأممية إلى العراق جنين بلاسخارت في مقر إقامته بمحافظة النجف (160 كم جنوب بغداد).
وخلال اللقاء دعا السيستاني إلى تضافر الجهود في الترويج لثقافة التعايش السلمي ونبذ العنف والكراهية، وتثبيت قيم التآلف المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين معتنقي مختلف الأديان والاتجاهات الفكرية.
وقال السيستاني إن "للمآسي التي تعاني منها العديد من الشعوب والفئات العرقية والاجتماعية في أماكن كثيرة من العالم، نتيجة لما يمارس ضدها من الاضطهاد الفكري والديني وقمع الحريات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية، دورا في بروز بعض الحركات المتطرفة التي تستخدم العنف الأعمى ضد المدنيين العزّل، وتعتدي على المراكز الدينية والمواقع الأثرية للآخرين المختلفين معها في الفكر أو العقيدة".
وشدّد على "ضرورة معالجة خلفيات هذه الظواهر المرفوضة والمدانة في كل الأحوال، والعمل الجادّ في سبيل تحقيق قدر من العدالة والطمأنينة في مختلف المجتمعات تليق بكرامة الإنسان، وهو مما يساهم في الحدّ من الأجواء المواتية لانتشار الأفكار المتطرفة".
وعبّر عن تقديره لجهود الأمم المتحدة بهذا الصدد. كما تمنى لميغيل أنخيل موراتينوس التوفيق في أداء مهمته، وحمّله تحياته إلى أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة.
وكشف الوكيل العام للأمم المتحدة عن تفاصيل اجتماعه بالمرجع الشيعي الأعلى في العراق، حيث ذكرت بعثة "يونامي" بالعراق في بيان، إن موراتينوس شرح للسيستاني "خطة عمل الأمم المتحدة لحماية المواقع الدينية: في الوحدة والتضامن من أجل العبادة الآمنة والسلمية"، التي تم وضعها في عام 2019 في أعقاب هجمات الكنيسة في نيوزيلندا. وفي العراق أيضا عانى المصلون والمقدسات معاناة كبيرة.
وأشار البيان إلى أن "خطة العمل هي دعوة عالمية للحشد حول أبسط المبادئ الإنسانية والرحمة والتسامح، لضمان السماح للناس بممارسة إيمانهم ومراعاة طقوسهم في سلام. وتحقيقا لهذه الغاية، لا بد من أن تكون المواقع الدينية وأماكن العبادة والتأمل ملاذا آمنا حقيقيا".
ومع إطلاق الخطة في العام 2019، قدم الممثل السامي خطة العمل إلى قداسة البابا فرنسيس وفضيلة إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب.
وقال موراتينوس إن باجتماعه الأربعاء تم إشراك ثلاث من القيادات الدينية الكبرى الممثلة في الفاتيكان والقاهرة والنجف.
وعبّر الممثل الأممي السامي عن تعاونه ودعمه الكاملين لأي جهد يسهم في بناء مجتمع سلمي وعادل ومتماسك، يقوم على الاحترام المتبادل والكرامة الإنسانية.
وأشاد "بحكمة سماحة السيستاني وتعاطفه"، وعبّر عن مدى "تأثره بنهج سماحته المعتدل ونداءاته المستمرة بأن يسود الاحترام المتبادل والوحدة دعما للتنوع والتعايش السلمي".
وأشار البيان إلى أنّ "الممثل السامي تبادل مع السيستاني الآراء حول أهمية الحوار بين الأديان وداخل الدين الواحد، وهو أمر في صميم ولاية تحالف الأمم المتحدة للحضارات، مستذكرين اللقاء الذي جمع السيستاني والبابا فرانسيس في السادس من مارس 2021".
وعقب اللقاء، دعت بلاسخارت في تصريحات للصحافيين، المتجمعين على مقربة من منزل المرجع الديني وسط المدينة القديمة بالنجف، السياسيين العراقيين إلى الحذو حذو المرجع في رسالته بالتأكيد على ضرورة التعايش السلمي بين جميع العراقيين.
ووصفت بلاسخارت لقاءها بالسيستاني بأنه يوم عظيم ذو قيمة كبيرة، موضحة أنها لم تناقش معه أي قضايا سياسية.
وتأتي زيارة بلاسخارت هذه إلى النجف، بعد زيارات سابقة قامت بها منذ أكثر من عام، التقت خلالها المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق علي السيستاني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فضلا عن مسؤولين محليين.
ومنذ سنوات عدة يمتنع المرجع الديني السيستاني عن لقاء الشخصيات السياسية العراقية، واعتبر مقرّبون منه ذلك احتجاجا منه على سوء إدارة البلاد، وتعاطيها مع مختلف القضايا الراهنة، خصوصا بعد الاحتجاجات الشعبية التي تفجّرت في مناطق جنوب ووسط العراق، والقمع الذي واجهت به السلطات المتظاهرين.