السياحة في دبي تستعد لجني ثمار مونديال قطر

تتزايد الدلائل على أن الوجهة السياحية لدبي ستكون الأكثر استفادة بين بقية دول المنطقة من إقامة كأس العالم لكرة القدم في قطر، مع تسيير رحلات جوية يومية، إلى جانب ما تملكه من فنادق وأماكن الضيافة والمواقع الترفيهية الأخرى، ما يعزز نشاط القطاع ويحقق للإمارة إيرادات أكبر.
دبي – بدأت حمّى بطولة كأس العالم لكرة القدم تجتاح دبي قبل نحو شهرين على صافرة انطلاق العرس الكروي العالمي، إذ تتحضر الإمارة الثرية درّة السياحة في منطقة الخليج، لتحقيق مكاسب من إقامة المونديال في دولة قطر المجاورة.
وتعوّل الإمارة على قصر المسافة مع الدوحة وقطاع الخدمات المتطور فيها وفنادقها وقوانينها الاجتماعية الأكثر انفتاحا في الخليج، لاستقطاب مشجعين سيتعين عليهم السفر والعودة عند كل مباراة يرغبون في حضورها.
وسيكون بمقدور المشجعين التنقل بسهولة بين بلدان المنطقة وقطر، إذ ستسيّر الخطوط السعودية والكويتية وشركة فلاي دبي والطيران العماني أكثر من 160 رحلة يومية اعتبارا من العشرين من نوفمبر المقبل، موعد انطلاق المونديال، للذهاب والعودة خلال 24 ساعة.

جيمس سوانستون: مقارنة مع بقية مدن الخليج تملك دبي ميزة كبيرة
ومن المتوقع أن تستفيد دبي أكثر من أي موقع سياحي آخر في المنطقة من استضافة المونديال، إذ أشار خبراء وكالة بلومبرغ مؤخرا إلى أن من بين أكثر من تسعين رحلة جديدة ستهبط يوميا في الدوحة، ستغادر نحو 40 رحلة من الإمارات وحدها.
وقبل عشرة أسابيع على المونديال، بدأت وكالات رياضية وشركات متخصصة في دبي ببيع باقات للمشجعين تتضمن حضور المباريات في الدوحة، ثم العودة إلى الإمارة على متن واحدة من الرحلات.
وبالنسبة لشركة إكسبات سبورت التي تعرض باقات رياضية مماثلة ومقرّها دبي، فإن العامل الرئيسي لاختيار الإمارة هو “الملاءمة” بفضل “وجود رحلات ذهابا وإيابا بين المدينتين، وكونها رحلة تستغرق ساعة واحدة فقط”.
وقالت الشركة في رسالة لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ كثيرين “يرغبون في استغلال هذه الفرصة لزيارة البلدين. وعالميا الجميع يعرف دبي وستكون هناك الكثير من الأنشطة المتعلقة بكرة القدم في المدينة”.
وتم الإعلان عن افتتاح مناطق خاصة للمشجعين في أنحاء مختلفة من دبي، من بينها متنزه لمحبي كرة القدم في مركز دبي المالي العالمي، إلى جانب مطاعم فاخرة.
وترجح قطر الغنية بالغاز أن يزورها 1.4 مليون شخص خلال المونديال، لكن العديد من المشجعين يشكون محدودية توفّر أماكن الإقامة في الإمارة الصغيرة المحافظة، إضافة إلى منع الكحول وما إلى ذلك من عوامل الترفيه التي لطالما حظيت بها دبي.
ودأبت دولة الإمارات على تعديل قوانينها بشكل مستمر طيلة السنوات الماضية، وباتت تقدّم نفسها على أنها قوّة منفتحة في منطقة محافظة.
ومن بين التعديلات رفع الحظر المفروض على غير المتزوجين الذين يعيشون معا، وتخفيف القيود المفروضة على الكحول، ومنح تأشيرات طويلة الأجل.
وتعتبر السياحة شريان حياة اقتصاد دبي المعروفة بفنادقها ومنتجعاتها الفاخرة، واستقبلت نحو 16 مليون سائح في عام 2019، مقارنة بحوالي 5.51 مليون في 2020 خلال الجائحة، وقرابة 7.3 مليون زائر بنهاية العام الماضي.
ويرى جيمس سوانستون، الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس، أنّ إمارة دبي “بالمقارنة مع مدن الخليج الأخرى، تملك ميزة انطلاقا من مكانتها كوجهة سياحية كبيرة”.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى سوانستون قوله إن هذا “قد يزيل بعض العوائق أمام السياح حول اختيار الوجهة، بسبب معرفتهم إن كانوا سافروا إلى دبي من قبل”.
وأشار كذلك إلى أنها خففت نسبيا من المعايير الاجتماعية في ما يتعلق بجوانب معينة من الثقافة مثل استهلاك الكحول وقواعد اللبس.
وأثارت مسألة تناول المشروبات الكحولية جدلا في قطر، لاسيما كون استهلاك الكحول في الأماكن العامة ممنوعا فيها، كما لا يُسمح للزوار بإحضارها إلى البلاد، لكن يمكنهم الحصول عليها فقط في بعض حانات الفنادق والمطاعم.
16
مليون سائح استقبلتهم دبي في عام 2019، مقارنة بحوالي 5.51 مليون في 2020 خلال جائحة كورونا
وتظهر بعض التقديرات أن أكثر من 90 في المئة من سكان دبي البالغ عددهم 3.3 مليون نسمة هم من الأجانب. ولكن المسؤولين في الإمارة لم يذكروا توقعاتهم للمكاسب المالية التي يمكن جنيها من الحدث. ويتوقّع مجلس دبي الرياضي أن يقيم مئات الآلاف من المشجعين في الإمارة خلال البطولة التي تستمر حتى الثامن عشر من ديسمبر المقبل.
واعتبر هذا الأسبوع في بيان نشرته صحف محلية أن الإمارات “ستكون وجهة مفضلة لقرابة مليون متفرج من الذين حجزوا تذاكر حضور المباريات، والذين قرروا الإقامة في دبي وعدد من مدن الدولة للاستمتاع بفترة ما بين المباريات”، من دون تفاصيل إضافية.
وفي محاولة لاستقطاب أكبر عدد من الزوار، أعلنت الإمارات أن حاملي بطاقة “هيّا” المخصّصة لمشجعي المونديال سيحصلون على تأشيرة دخول والإقامة لمدة تصل إلى تسعين يوما مقابل 100 درهم فقط (27 دولارا)، مع إمكانية التمديد لثلاثة أشهر إضافية.
وتسهّل الرحلات المكوكية بين دبي والدوحة على المقيمين في الإمارات أيضا حضور المباريات دون الحاجة إلى المبيت في الدولة الجارة.
ومن بين هؤلاء فراس ياسين، الذي لطالما حلم بحضور مباراة كرة قدم لمنتخبه المفضل فرنسا خلال كأس العالم. وبعد مواجهته صعوبات جمّة في الحصول على التذاكر، صدم بأمر آخر وهو ارتفاع أسعار الفنادق في الدوحة.
ويقول الشاب اللبناني، الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضا والمقيم في دبي، إنه قرر أن يتوجه مع زوجته يوم المباراة في السادس والعشرين من نوفمبر المقبل إلى الدوحة، ليصل قبل خمس ساعات على انطلاق المواجهة بين فرنسا والدنمارك، ويغادر بعدها بساعات قليلة. وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أنه سيقوم “باستكشاف المدينة، وبعدها سأشاهد مباراة فريقي المفضل، ثم سأعود إلى البيت” في دبي.