السياحة السورية تحاول اقتناص فرص الانفتاح على الخليج

دمشق تستغل مشاركتها في معرض سوق السفر العربي 2023 لاستكشاف آفاق إعادة إحياء قطاعها المنهار.
الجمعة 2023/05/05
دعك من الزوار. المزاج محتاج فنجان قهوة!

يراقب محللون مساعي السياحة السورية لفتح منافذ أمام استعادة بريقها من خلال استغلال فرص عودة الانفتاح على أسواق الخليج العربي بعد توقفها لأكثر من عقد نتيجة تردّي علاقات دمشق مع حكومات المنطقة، في سياق محاولات إنقاذ القطاع المحاصر بجبل من المشكلات.

دبي - يسعى الجناح السوري في معرض سوق السفر العربي المنعقد حاليا بدبي للاستفادة من بدء التقارب مع الدول العربية لاستعادة السياح الخليجيين الذين فقدتهم البلاد خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.

وقال نضال ماشفج نائب وزير السياحة السوري لرويترز في المعرض، الذي يعلق صورة الرئيس بشار الأسد ويقدم قطعا من الحلوى، إن “الهدف هو استعادة دخل السياحة من الخليج بعدما اعتادت سوريا على استقبال الملايين من السياح من هذه الدول وخاصة في فصل الصيف”.

وبدأت بعض الدول العربية، ومن بينها الإمارات والسعودية، في إعادة بناء العلاقات مع دمشق بشكل متزايد لتنهي عزلة استمرت سنوات إثر تفجر الاحتجاجات على نظام الرئيس الأسد في 2011، وما تلاه من حرب دمرت الاقتصاد.

وفي حين زار الأسد الإمارات في مارس الماضي، أشارت مصادر لرويترز إلى أن السعودية تعتزم دعوة الرئيس السوري لزيارتها قريبا، وهو ما قد يؤسس لأرضية جديدة تعيد التعاون الاقتصادي في شتى المجالات.

وذكر ماشفج أن بلاده استقبلت العام الماضي 1.5 مليون زائر، ثلثهم سائحون. وأوضح أن نحو عشرة في المئة من هؤلاء الزوار جاءوا من غرب أوروبا.

نضال ماشفج: الهدف الذي نعمل عليه هو استعادة أسواق الخليج
نضال ماشفج: الهدف الذي نعمل عليه هو استعادة أسواق الخليج

وأكد أن دمشق تستهدف استقبال ثلاثة ملايين زائر هذا العام، ارتفاعا من حوالي 1.8 مليون سائح زاروا البلاد العام الماضي، بنمو بلغ نحو 141 في المئة بمقارنة سنوية.

وتظهر بيانات وزارة السياحة أن القطاع حقق إيرادات في العام الماضي بلغت حوالي 56 مليار ليرة، أي ما يعادل حوالي 223 مليون دولار.

وتشير الإحصائيات أيضا إلى أن نحو 385 ألف زائر قدموا إلى البلاد في الربع الأول من 2023، بينهم 40 ألفا من غير العرب.

ويأتي معظم الزوار الأجانب إلى سوريا اليوم من دول تربطها علاقات جيدة بحكومة الأسد، ومن بينهم عراقيون ولبنانيون وإيرانيون يحجون إلى مواقع يقدسها الشيعة.

وفي ذروتها عام 2010، جذبت سوريا 10 ملايين سائح، كثير منهم من الغربيين. وتغير كل ذلك مع بداية الحرب، التي دمرت البنية التحتية لكافة القطاعات وجعلت نصف السكان يغادرون البلاد.

وتصطدم طموحات دمشق لانتشال السياحة المنهارة من الخراب الذي حل بها بسبب سنوات الحرب بالكثير من العقبات رغم بروز مؤشرات على عودة مظاهر الحياة لهذا القطاع.

وكانت الوجهة السورية تشتهر بغناها الطبيعي والأثري، وسبق أن صنفت كواحدة من أفضل المواقع السياحية في العالم، غير أن الأزمة أفضت إلى اختفاء مظاهر نشاط القطاع من البلاد.

ويرى متابعون أن القطاع الذي أسهم لسنوات قبل الحرب بنحو 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي محاصر بالتحديات أبرزها القيود الغربية المفروضة على الاقتصاد السوري التي تمنع تطوير السياحة من بوابة جذب رؤوس الأموال الخارجية.

وتوقفت السياحة مع اندلاع الحرب التي ألحقت أضرارا بالغة بالمواقع الثقافية التي تشمل مدينة حلب القديمة، وأطلال مدينة تدمر القديمة.

◙ فرص ترويج واعدة
◙ فرص ترويج واعدة 

كما أن الاقتصاد السوري في حالة مزرية لأسباب من بينها الانخفاض الحاد في قيمة الليرة أمام الدولار منذ العام 2019، حيث بلغ سعر صرف الدولار بمكاتب الصرافة في دمشق أكثر من 8300 ليرة بعدما كان سعرها لا يتجاوز 50 ليرة قبل الحرب.

ومع ذلك عملت وزارة السياحة منذ خفوت حدة المعارك قبل أربع سنوات على تقديم التسهيلات الممكنة للمستثمرين العرب والأجانب لتشجيعهم على ضخ رؤوس أموال في السوق المحلية لتنمية القطاع.

كما تعول دمشق على عودة المغتربين إلى مناطق سيطرتها حتى يسهموا في تحريك نشاط المرافق السياحية والترفيهية والتجارية التي لا يزال الكثير من منها يعاني من الدمار، في محاولة لرفع معنويات هذا المجال الذي كان يدر الملايين من الدولارات سنويا قبل 2011.

وحتى تتمكن البلاد من إيقاظ القطاع المنهار فإن الوضع يتطلب ضبط أسعار الخدمات وتسهيل إجراءات منح التراخيص وإعادة تفعيل شركة الكرنك للنقل السياحي وتحسين مستوى الرواتب والتعويضات والحوافز ودعم المنشآت السياحية بالطاقة المتجددة.

وقال ماشفج إن بلاده "تريد زيادة تدفقات العملات الأجنبية عن طريق السياحة"، لكنه وصف حلفاء سوريا في وقت الحرب بـ"أنهم أسواقها الرئيسية في المستقبل".

وأضاف أن سوريا “تهدف إلى فتح أسواق جديدة خاصة في إيران ورسيا والصين وفي الدول المجاورة أيضا”.

3 ملايين سائح تستهدف الحكومة جذبهم هذا العام ارتفاعا من نحو 1.8 مليون في 2022
◙ 3 ملايين سائح تستهدف الحكومة جذبهم هذا العام ارتفاعا من نحو 1.8 مليون في 2022

وتكافح الحكومة من أجل إعادة تأهيل المنشآت السياحية التي دمرت خلال الحرب وسط شكوك تحوم حول قدرتها على تحقيق أهدافها في ظل الأزمة المالية الخانقة.

وذكر ماشفج أن سوريا تبني فنادق جديدة في مواقع ساحلية لتلبية احتياجات السياحة العائلية في دول الخليج، وستطلق موقعا إلكترونيا قريبا لمنح التأشيرات عبر الإنترنت.

وفي مارس العام الماضي، كشفت الحكومة التي تراهن على تحقيق إيرادات أكبر مع استكمال خططها المزمعة، أنها رصدت تمويلات بقيمة 665 مليار ليرة (264 مليون دولار بأسعار الصرف في ذلك الوقت) لإصلاح خراب العشرات من المنشآت أغلبها فنادق.

وقال وزير السياحة محمد مرتيني أمام البرلمان حينها إن “الوزارة مستمرة بترخيص المنشآت السياحية الجديدة وإعادة تأهيل المدمرة جراء الأعمال الإرهابية”.

وأوضح أن عدد المنشآت المستهدفة يصل إلى 188 من بين 600 منشأة خرجت عن الخدمة، وهي تستوعب أكثر من 3700 سرير، لكنه لم يذكر بالتحديد التوزيع الجغرافي لها أو موعد عودتها إلى الخدمة بشكل فعلي.

كما يتحدث القطاع الخاص مع منظمي الرحلات السياحية في الأردن ولبنان لإعادة تنظيم رحلات تشمل مجموعة من الدول، والتي كانت شائعة من قبل.

وتنشر وسائل الإعلام الرسمية تقارير بين الفينة والأخرى تشير إلى زيارة وفود سياحية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة لدمشق، في مسعى يراه خبراء محاولة من السلطات لتكريس فكرة أن البلاد بدأت تستعيد استقرارها وبالتالي تحفيز الزوار على القدوم.

وتشير التقديرات إلى أن سوريا تكبدت خسائر بأكثر من 50 مليار دولار في الإيرادات خلال السنوات العشر الأولى من الأزمة مع توقف القطاع الذي فقد أكثر من 250 ألف فرصة عمل من أصل 750 ألفا ينشطون في السياحة.

 

11