السياحة الداخلية في المغرب دعامة لزيادة زخم القطاع

20 في المئة نسبة ارتفاع مساهمة هذا المجال خلال الثلث الأول من 2024 على أساس سنوي.
السبت 2024/07/06
لحظات متعة محلية بالكامل

تسعى الحكومة المغربية من خلال إصلاحاتها المتواترة ودعمها المستمر لجني ثمار برامج دعم صناعة السياحة وتنويع مداخيلها بالتركيز على الزيارات والتنقل الداخلي للمواطنين، بما يخدم أهدافها المستقبلية لجعل القطاع أكثر جاذبية وفي مراتب أكثر تقدما.

الرباط- حولت الرباط أنظارها إلى السياحة الداخلية لتحريك عجلة القطاع، الذي تضرر بسبب الوباء، عبر تقديم جرعة من المحفزات يكون فيها المواطنون محورا للخطة من أجل ضخ دماء جديدة في شريان أحد أبرز المحركات الإستراتيجية للنمو الاقتصادي.

ومع كل صيف يتجدد النقاش داخل الأوساط الاقتصادية والشعبية حول عروض السياحة الداخلية، ومدى ملاءمتها لانتظارات المواطنين، وسط تباين الأسعار بين مناسب لميزانية الأسر أو أكبر من ذلك.

وفي العام 2023 سجلت السياحة الداخلية نحو 8.6 مليون ليلة مبيت بالفنادق المصنفة، بنسبة 33 في المئة من مجموع ليالي المبيت، وفق وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور التي قالت إن “السائح المغربي يحتل المرتبة الأولى متفوقا على نظيره الأجنبي”.

فاطمة الزهراء عمور: المغربي يحتل المرتبة الأولى متفوقا على السائح الأجنبي
فاطمة الزهراء عمور: المغربي يحتل المرتبة الأولى متفوقا على السائح الأجنبي

ويرى أهل القطاع أن السياحة الداخلية شهدت تطورا ملحوظا السنوات الماضية، في ظل تنوعها وتجربة المهنيين، الذين يتطلعون إلى تحقيق مكاسب أكبر مع استعداد البلاد لاحتضان أحداث رياضية كبيرة في السنوات المقبلة.

في المقابل يعتقد خبراء أن تحديات عدة تواجه السياحة الداخلية على مستوى النقل والعرض وتحفيزات الأسر، مما يتطلب العمل على تطوير القطاع.

وأكد حميد بنطاهر رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة، وهي تجمع يضم شركات القطاع، أن السياحة الداخلية شهدت تطورا ملحوظا خلال السنوات الماضية. وقال لوكالة الأناضول إنها “متنوعة، منها الجبلية والشاطئية والإيكولوجية”.

ويشير إلى أن الفنادق تمتلئ خلال فصل الصيف، خاصة بالمناطق الشاطئية شمال البلاد ومدن الساحل مثل أغادير وسط البلاد، بسبب ارتفاع الطلب، إلا أن العرض بالمناطق الجبلية متوفر، بأسعار مناسبة.

ويتوقع ارتفاع وتيرة السياحة الداخلية مستقبلا، في ظل تجربة العاملين بالقطاع، والانخراط بتقوية قطاع النقل، وتوجه وزارة السياحة على أن تتوفر كل منطقة على خدمات معينة.

ويدعو بنطاهر إلى تطوير السياحة الداخلية طوال السنة، وعدم الاقتصار على فصل الصيف، وهو ما يتطلب إعادة النظر في فترات العطل لتكون مناسبة للأسر والمهنيين.

وكانت عمور قد أكدت مرارا أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا لدعم السياحة الداخلية وتطويرها، وتسعى لرفع نسبة مساهمتها في تحفيز حركة السفر ودعم قطاع الضيافة.

وأشارت خلال جلسة برلمانية في مارس الماضي إلى أن ذلك سيتحقق مع العمل المستمر على توفير عروض ومنتوجات سياحية ملائمة لعادات المغاربة وإمكانياتهم المادية ونمط استهلاكهم في السفر.

حميد بنطاهر: السياحة الداخلية تطورت في السنوات الماضية مع تنوعها
حميد بنطاهر: السياحة الداخلية تطورت في السنوات الماضية مع تنوعها

وحظيت السياحة الداخلية في إطار خارطة الطريق الإستراتيجية للقطاع للفترة الممتد بين عامي 2023 و2026، والبالغ حجمها 6.1 مليار درهم (590 مليون دولار) بأهمية خاصة.

وتستند الخارطة على مخطط لتحفيز النقل الجوي، وإستراتيجية الترويج والتوزيع متعددة القنوات وتحفيز الاستثمار في التنشيط والخدمات وتقوية الرأسمال البشري وتعزيز مرصد السياحة.

ومن بين الإجراءات الأخرى، التي تراهن عليها الحكومة تشجيع الاستثمار لتطوير وحدات فندقية وقرى سياحية تناسب خصوصيات المغاربة من حيث المنتج والأسعار.

كما أن بطاقة السفر “نتلاقاو في بلادنا”، التي تمنح تخفيضات عبر القطارات تشجع المغاربة على التنقل واكتشاف الثروات السياحية لبلادهم.

وتواصل هذه الصناعة، التي تسهم بسبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تحقيق تطور متواصل بعد عثرات الأزمة الصحية، خاصة بعدما حطمت عائدات القطاع لأول مرة 10 مليارات دولار عام 2023، إثر استقبال 14.5 مليون سائح.

وحسب البيانات الرسمية فإن القطاع بمجمله حقق إيرادات بلغت 100 مليار درهم (9.7 مليار دولار) العام الماضي، في معدل قياسي يعكس ازدهار السياحة رغم الزلزال الذي ضرب البلد في سبتمبر الماضي.

وتعتبر السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي للبلاد خلال 2023، بعد تحويلات المغتربين بالخارج البالغة قرابة 11.5 مليار دولار، وفق بيانات مكتب الصرف.

ويقول الخبير الاقتصادي والباحث المغربي رشيد ساري إن السياحة الداخلية ارتفعت بمقدار 20 في المئة خلال الثلث الأول من العام الحالي، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

وأشار في تصريح لوكالة الأناضول إلى أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع، في ظل وجود عدد من الإشكالات على مستوى النقل وغياب التحفيزات والتركيز على السياحة الخارجية.

رشيد ساري: يجب تقوية الطيران الداخلي وتوفير تحفيزات أكبر للأسر
رشيد ساري: يجب تقوية الطيران الداخلي وتوفير تحفيزات أكبر للأسر

ويلفت ساري، الذي يرأس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة بالمغرب إلى غياب عرض مناسب على مستوى الطيران الداخلي، والاقتصار على خدمات شركة أجنبية دخلت للقطاع مؤخرا.

وبحسب الخبير، فإن وكالات السفر في بلاده تركز على السياحة الخارجية، ولا تهتم بالشكل المطلوب بالسياحة الداخلية.

ودعا إلى الاهتمام أكثر بالسياحة الداخلية، من خلال تقديم عروض محفزة للأسر، خاصة أن السياحة الداخلية هي التي أنقذت القطاع في فترة كورونا عندما تم إغلاق الحدود الخارجية.

وتسعى الحكومة إلى جذب المزيد من المستثمرين الأجانب، لتوفير فرص عمل في مجالات أساسية منها السياحة والصناعات التقليدية وقطاعات أخرى خدمية، وذلك بهدف تقليص معدلات البطالة إلى ما دون العشرة في المئة.

ويقول المغرب إن مخططه لإنعاش صناعة السياحة، يتوقع استقبال حوالي 26 مليون سائح سنويا بحلول عام 2030.

ومن المتوقع أن تسهم الخطط في زيادة العائدات إلى أكثر من 12 مليار دولار، وتساعد كذلك على توفير المزيد من فرص العمل بحدود 120 ألف وظيفة مباشرة و80 ألف وظيفة غير مباشرة.

وسيترافق هذا المجهود مع العمل على تحسين وتعزيز الربط الجوي والذي يرى محللون وخبراء أنه يعتبر عاملا إيجابيا آخر يخدم السياحة.

وفعليا، ثمة برنامج طموح لجعل الخطوط الملكية المغربية أكثر تنافسية من خلال دعم الأسطول بنحو 150 طائرة حتى العام 2037، مع تدشين مسارات متوسطة وطويلة المدى في أربع قارات لتعزيز شبكة رحلاتها لتبلغ 143 وجهة.

وهذا الزخم سيكون مدعوما مع بدء رايان أير، أكبر شركة طيران أوروبية منخفضة الكلفة، نشاطها في السوق المغربية لتنافس شركة الطيران الحكومية التي تتقاسم حصص الرحلات الداخلية مع العربية للطيران الإماراتية.

10