السياحة التونسية تُظهر دلائل على استعادة زخمها

الحكومة تحقق أهدافها من حيث عدد الزوار والإيرادات وفق إستراتيجية تمتد حتى العام 2024.
الجمعة 2022/12/23
رأيكم في الشاي التونسي يهمنا!

أشاعت قفزة في أعداد زوار تونس وارتفاع مداخيل السياحة، التي تعد أحد الأعمدة الرئيسية لمجمل النشاط الاقتصادي للبلاد، حالة من التفاؤل بعودة القطاع إلى الخارطة العالمية وبإمكانية تصحيح الاختلالات المالية بعد فترة طويلة عانى فيها من ويلات الإغلاق.

تونس - بدأت السياحة التونسية تُظهر علامات على استعادة بريقها خلال هذا العام على إثر العودة المكثفة للزوار الأجانب والعرب، بعد عامين نغّصا نشاط القطاع على نحو غير مسبوق.

ويحث العاملون في هذا القطاع الإستراتيجي للبلاد الخطى لمواجهة التغيرات والتحديات التي شهدها، مدفوعين بحزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة قبل أشهر لدعم السياحة وإخراجها من نفق أزمتها.

ورغم ارتفاع أسعار تذاكر الطائرات أو حتى الرحلات البحرية، اختار السياح القادمون من مختلف أنحاء العالم مجددا وجهتهم المفضلة قبل الأزمة، ما أعطى السلطات المزيد من التفاؤل بعودة سريعة إلى خارطة السياحة العالمية.

وتتوقع وزارة السياحة أن يتجاوز عدد السياح الذين يزورون البلد هذا العام الهدف المرجو من الإستراتيجية التي تم إقرارها لإحياء القطاع حتى العام 2024، وذلك باستقبال أكثر من ستة ملايين سائح.

وقال لطفي ماني المدير المركزي للترويج في الديوان التونسي السياحة إن نتائج القطاع “استجابت إلى حد الآن للأهداف المرسومة منذ بداية العام، وهي بلوغ ما بين 50 و60 في المئة من معدل النشاط المُسجل في 2019 الذي يُقدر بنحو 9.5 مليون سائح”.

لطفي ماني: نتائج القطاع استجابت إلى حد الآن للأهداف المرسومة
لطفي ماني: نتائج القطاع استجابت إلى حد الآن للأهداف المرسومة

وأضاف في تصريح نقلته وكالة الأنباء التونسية الرسمية مساء الأربعاء الماضي أنه رغم القيود المفروضة، فقد زار تونس منذ بداية العام وحتى العاشر من ديسمبر الجاري أكثر من 5.9 مليون سائح.

وكانت أكثر الأسواق التي أتى منها السياح هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا والتشيك، بينما تم تسجيل قدوم نحو 13 ألف سائح جزائري وهو رقم قليل جدا قياسا بما قبل الجائحة حينما تم تسجيل زيارة أكثر من مليون سائح.

وتظهر الأرقام أن إشغال الفنادق ارتفع خلال الفترة المذكورة إلى 18.5 مليون ليلة لتبلغ عائدات القطاع أكثر من 4 مليارات دينار (1.25 مليار دولار).

وتنسجم هذه الإيرادات مع توقعات وزارة السياحة التي توقعت أن تستعيد تونس نصف عوائد العام 2019 خلال هذا العام بعدما قدرت الحكومة حجم خسائر القطاع أثناء الجائحة بنحو 2.4 مليار دولار.

واعتبر ماني أن هذه النتائج تُشير إلى أن القطاع يسير باتجاه الدفع الجيد لتحقيق أهداف إستراتيجية إحياء السياحة وعودة ديناميكية هذا النشاط الذي يشكل أحد أعمدة الاقتصاد التونسي بتوفير العملة الصعبة إلى طبيعته مع حلول 2024.

وتراهن السلطات على استعادة القطاع لعافيته بعد الأزمات التي تعرض لها عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي، والتي تعمقت بسبب تداعيات الجائحة.

وتعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، ولكن المسؤولين الحكوميين يعتقدون أن الوضع القائم سيشكل فرصة لإنعاش القطاع مرة أخرى.

وتساهم السياحة في المتوسط بما بين 9 و10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتونس والبالغ قرابة 40 مليار دولار.

وكان القطاع قبل العام 2010 يساهم بنحو 14 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي لاقتصاد البلاد، كما يعد مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي في البلاد.

تونس تنتظر من يكتشفها من الزائرين
تونس تنتظر من يكتشفها من الزائرين 

لكنه شهد خلال العشرية الأخيرة أزمة توصف بأنها الأكثر صعوبة، حيث تضرر القطاع جراء الأزمات السياسية المتواترة والعمليات الإرهابية والوباء.

وكثفت تونس من جهودها من أجل تجسيد خططها المتعلقة بتحفيز سوقها السياحية وتنويعها على أرض الواقع لإعادة الزخم إلى قطاع عانى لسنوات من التذبذب وخاصة خلال الأزمة الصحية.

وشكلت مسألة فتح آفاق جديدة للوجهة التونسية بالأسواق الأوروبية والواعدة وتطوير وتنويع المنتجات السياحية، محور لقاء جمع وزير السياحة محمد المعز بلحسين الأربعاء الماضي بوفد من شركة ويز أير لتطوير الوجهة التونسية بالسوق البريطانية.

أرقام عن القطاع

◙ 5.9 مليون سائح زاروا البلد من يناير وحتى العاشر من ديسمبر

◙ 1.25 مليار دولار عوائد القطاع خلال الفترة نفسها

وذكر بيان للوزارة نشرته على حسابها في فيسبوك أن وفد ويز أير، التي تعتبر إحدى أكبر شركات الطيران في وسط وشرق أوروبا، أعرب عن استعداده لتطوير وتيرة تسيير الرحلات الجوية بين البلدين.

وأشار البيان إلى أن ذلك يأتي “بالنظر إلى وجود طلبات متزايدة على الوجهة التونسية انطلاقا من بريطانيا وكذلك إمكانية تطوير رحلات من عدد من البلدان الأوروبية الأخرى”.

وأكد بلحسين أهمية السوق البريطانية باعتبار خصوصية السائح البريطاني الذي يختار الوجهات الآمنة ويحبّذ المسالك والمنتجات غير التقليدية على غرار السياحة الثقافية والبيئية والصحراوية وسياحة المغامرات وغيرها من المنتوجات البديلة.

وأشار إلى شغف السياح البريطانيين بالصناعات التقليدية التونسية بمختلف أنواعها، معبّرا عن أمله في انطلاق الرحلات المباشرة من بريطانيا نحو مختلف جهات البلاد في القريب العاجل.

وفي أكتوبر الماضي، أطلقت وزارة السياحة برنامجا لتطوير سياحة المغامرات والتجوال بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وبرنامج التعاون الفني الألماني.

وتقول الوزارة إن الهدف من البرنامج هو “تطوير وتنويع المنتج السياحي والتوجه نحو السياحة البديلة والمستدامة”، حيث تبقى سياحة التجوال والمغامرات محركا حقيقيا للتنمية الاقتصادية.

ويز أير تعتزم زيادة وتيرة تسيير الرحلات السياحية إلى تونس من بريطانيا وأسواق أوروبية أخرى
ويز أير تعتزم زيادة وتيرة تسيير الرحلات السياحية إلى تونس من بريطانيا وأسواق أوروبية أخرى

وتندرج هذه الخطوة ضمن إستراتيجية طويلة المدى لتنمية القطاع تمتد حتى العام 2035 والهادفة إلى تركيز سياحة مدمجة ومستدامة في تونس.

ومن بين أهداف البرنامج أيضا دعم رجال الأعمال والمؤسسات والجمعيات الناشطة في هذا النوع السياحي لإقامة مشاريع في العديد من المناطق.

ولدى المسؤولين قناعة بأن مثل هذه المشاريع يمكن أن تروج للوجهة السياحية للبلاد في الأسواق العالمية، خاصة وأن هذا النوع من السياحة مطلوب في العديد من الدول العربية والأوروبية.

ومن المتوقع أن تنطلق المرحلة الأولى من هذا البرنامج في ولايات (محافظات) توزر وزغوان والكاف. ولم تحدد وزارة السياحة موعد تنفيذ المشروع.

ووفق منظمة السياحة العالمية صارت سياحة المغامرات والتجوال واحدة من أسرع القطاعات نموا في السوق السياحية العالمية.

وتتمحور سياحة المغامرات حول ممارسة الرياضات الخطيرة في الهواء الطلق وزيارة الأماكن الوعرة ومسارات المشي لمسافات طويلة والغوص والغطس، إلى جانب القفز بالمظلات ورحلات السفاري.

10