السياحة التركية أكبر المتضررين من انهيار توماس كوك

أظهرت أرقام رسمية أن قطاع السياحة التركية هو أكبر المتضررين من تداعيات انهيار شركة توماس كوك البريطانية، الأمر الذي يفاقم أزمات البلاد، التي تعاني من الركود وتزايد المخاطر من حدوث انهيار اقتصادي بسبب السياسات المرتبكة للحكومة التركية.
إسطنبول - كشفت الحكومة التركية أخيرا عن حجم الخسائر التي تكبدها القطاع السياحي بعد أسبوع من صدمة إعلان إفلاس شركة توماس كوك بسبب تفاقم الديون.
وقدر المجلس الاستشاري للسياحة أمس حجم مديونيات توماس كوك للشركات السياحية التركية بما يزيد على 381 مليون دولار.
وأقر المجلس أنه من المستحيل سداد هذا الحجم من الديون في الأجل القصير أو المتوسط، ما يعني أن القطاع سيشهد حالة من الاضطراب في الفترة المقبلة إن لم يتم تدارك الأمور.
وتعتبر هذه الخسائر الأكبر مقارنة بدول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضررت من تصفية توماس كوك.
ولم تتجاوز خسائر السياحة في مصر 128 مليون دولار، أما تونس فبلغت الخسائر نحو 65.6 مليون دولار، بينما كانت المغرب أقل المتضررين بنحو 5.5 مليون دولار.
وتأتي هذه الأزمة لتنضاف إلى سلسة أزمات أخرى يعيشها الاقتصاد التركي بسبب السياسات المتبعة من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان.
ويعتقد خبراء في القطاع أن هذه المشكلة تشكل اختبارا حقيقيا لمدى صلابة صناعة السياحة التركية، التي مرت بعدة انتكاسات في السنوات الأخيرة نتيجة التوترات السياسة داخليا وخارجيا.
وشهدت البلاد خلال الأشهر الأخيرة تراجعا غير مسبوق في العديد من المؤشرات الاقتصادية، لتتمدد من تدهور في معدل النمو إلى ارتفاع نسبة البطالة وتذبذب الليرة، فضلا عن هروب الاستثمارات الأجنبية وكساد التجارة الداخلية والخارجية.
وتحاول الحكومة جاهدة تعويض خسائر القطاع الذي يساهم عادة بنحو 30 مليار دولار سنويا في الاقتصاد ويدعم الكثير من القطاعات الأخرى، وذلك من خلال التوسع في دعم وقود الطائرات ومساعدة الفنادق في الحصول على قروض.
وفي محاولة لتدارك الموقف، أعلنت وزارة السياحة التركية أنها تعمل مع وزارة المالية لتقديم حزمة قروض للشركات التي تأثرت بإفلاس توماس كوك.
وقال وزير السياحة محمد آرصوي الجمعة الماضي خلال مؤتمر في إسطنبول للإعلان عن استراتيجية بلاده السياحية، إن بلاده “ستتمكن من تعويض خسارة أعداد السائحين بعد انهيار توماس كوك”.
وأوضح أن شركة الطيران إيزي جت تضمن توفير طاقة إضافية قدرها 350 ألف شخص لوجهات قضاء العطلات في تركيا.
وأضاف الوزير أن الخطوط الجوية التركية ومشروعها المشترك مع لوفتهانزا، صن إكسبريس، ستسيّران رحلة إضافية يوميا إلى مطار دالامان قرب عدد من وجهات قضاء العطلات على ساحل بحر إيجه.
كما توقع أن توفر الخطوط الجوية البريطانية رحلات طيران إضافية.
وقال المجلس الاستشاري، الذي يضم أعضاء من اتحادات السياحة التركية، في بيان أمس إنه يتعين أن تُعرض على الشركات حزم قروض أكبر بكثير مما تعتزم الحكومة تقديمه بقيمة 54.4 مليون دولار.
وأشار إلى أن الضرورة تقتضي أن تكون تلك القروض لفترات استحقاق أطول وبسعر فائدة منخفض وفترة سماح مدتها ثلاثة أعوام. ويرى المجلس أن الأولوية يجب أن تكون للشركات الصغيرة عند منح هذه القروض.
وكان عثمان آيك رئيس اتحاد أصحاب الفنادق في تركيا قد قال في وقت سابق لوكالة رويترز إن “انهيار شركة السياحة البريطانية يعني أن تركيا قد تشهد فقدان ما بين 600 و700 ألف سائح سنويا”.
ويشكل هذا الرقم حوالي 1.6 بالمئة من إجمالي السياح، الذين استقبلتهم تركيا خلال العام الماضي، والبالغ عددهم، وفق الإحصائيات الرسمية، 46 مليون سائح.
وكان آيك قد توقع في يوليو الماضي نموا بنحو 10 بالمئة للسياحة التركية بمقارنة سنوية، عبر تأمين وصول أعداد السياح القادمين إلى البلاد، لأكثر من 50 مليون سائح.
ويقول خبراء إن إلغاء توماس كوك المئات من رحلاتها الجوية، سيكون له أثر فوري على قطاع السياحة في تركيا، بما أن الشركة كانت تنقل وحدها قرابة 5 ملايين سائح إلى تركيا سنويا.
وفي ظل صراعها من أجل ملاحقة جيل جديد من السائحين، تضررت توماس كوك بسبب محاولة الانقلاب في تركيا في 2016، حيث يعد هذا البلد من أهم مقاصدها، فضلا عن موجة الحر في أوروبا العام الماضي، والتي دفعت الزبائن إلى الإحجام عن السفر للخارج.
وانهارت توماس كوك، أقدم شركة سياحية في العالم، الأسبوع الماضي، تاركة ما يزيد على نصف مليون سائح وقد تقطعت بهم السبل في أنحاء العالم.
وتقطعت السبل بمئات الآلاف من السياح في أنحاء العالم بعدما أشهرت توماس كوك إفلاسها إثر فشلها في التوصل إلى صفقة إنقاذ من مقرضيها.
وكانت الشركة تدير فنادق ومنتجعات وشركات طيران وتقدم خدمات إلى أكثر من 19 مليون شخص سنويا في 16 دولة.
وتضررت توماس كوك جراء تراكم ديون بلغت 2.1 مليار دولار، وبسبب المنافسة الإلكترونية وتغير سوق الرحلات، وأحداث جيوسياسية كانت كفيلة بإفساد موسمها الصيفي.