السياحة الأردنية محاصرة بالعراقيل رغم تضاعف العوائد

اعتبر خبراء أن أحدث المؤشرات بشأن ارتفاع مداخيل السياحة لا تعكس بالضرورة تعافي القطاع بالنظر إلى قلة فرص إغراء المواطنين حتى يساعدوا في إنعاش هذه الصناعة المدرة للعملة الصعبة رغم أن السلطات ترى أن هذا الموسم حاسم لعودة عجلة أعمال الفنادق والمنتجعات إلى سالف نشاطها.
عمّان - قلبت الأزمة الصحية حياة العاملين بقطاع السياحة الأردني وفي مقدمتهم أصحاب الفنادق والمطاعم وصولا إلى المزارعين الذين يبيعون منتجاتهم إلى المنشآت السياحية، وهم يأملون في أن يكون موسم صيف 2022 فرصة لكي تعود أعمالهم بقوة.
ولكن مع ذلك يعتقد الناشطون بالقطاع أنه من الضروري تشجيع المواطنين على الإقبال على برامج السياحة الداخلية من خلال توفير متطلبات العائلة الأردنية وتقديم أسعار تفضيلية للإقامة في الفنادق واستخدام النقل السياحي.
وبحسب الأرقام الرسمية التي أعلنها البنك المركزي ارتفع الدخل السياحي خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 242.7 في المئة، ليصل إلى قرابة 2.2 مليار دولار بمقارنة سنوية.
وأرجع المسؤولون ذلك إلى زيادة عدد السياح القادمين إلى البلاد بنحو 1.4 مليون زائر على أساس سنوي ليصل العدد إلى نحو 1.9 مليون سائح في الفترة الفاصلة بين يناير ويونيو الماضيين.
وتحرص عمّان على عودة المجموعات السياحية إلى البلاد وتشير دوما إلى الجاهزية العالية لاستقبال الزوار من الخارج، لاسيما وأن السلطات استطاعت السيطرة على الوضع الوبائي.
وكان وزير السياحة والآثار نايف الفايز قد توقع في وقت سابق أن يحقق الدخل السياحي بنهاية العام الحالي نحو أربعة مليارات دولار.

إبراهيم بظاظو: ضعف المنافسة وقلة الإغراءات لا يحفزان السياحة الداخلية
وقال في تصريحات إعلامية إن “الوزارة ستستأنف تسجيل مداخيل من القطاع اعتبارا من هذا العام كما كانت عليه قبل الجائحة”.
وتحملت السياحة الأردنية الضريبة الأكبر للإغلاق الاقتصادي، إذ راكمت الجائحة على مدار أشهر المشاكل على مرافق القطاع، وهو ما حرم البلد من إيرادات مهمة في ظل سعيه المحموم إلى دفع الاقتصاد ومواجهة نقص الموارد.
وبموجب الخطط المتفق عليها حاليا تم اتخاذ العديد من الاجراءات قصيرة المدى لمدة ثلاث سنوات واجراءات متوسطة المدى تصل لمدة خمس سنوات، وإجراءات طويلة المدى تمتد على عشر سنوات تكون متصلة بـ”رؤية 2033″ التي ستنفذها الحكومة.
وتشكل السياحة التي تتشابك مع قرابة 90 مهنة بطريقة غير مباشرة، رافدا استراتيجيا لتعزيز احتياطات البلاد من العملة الصعبة إلى جانب عائدات الصادرات السلعية والخدمية، والمنح والقروض والمساعدات الخارجية.
ويعتمد اقتصاد الأردن البالغ عدد سكانه نحو 10.4 مليون نسمة، وتشكل الصحراء نحو 92 في المئة من مساحة أراضيه، إلى حدّ كبير على دخله السياحي الذي يشكل 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن القطاع يُوظَّف أكثر من 55 ألف عامل بشكل مباشر في بلد لا يمتلك ثروة نفطية.
وترى الأوساط السياحية المحلية أنه لتحقيق الأهداف الحكومية فإنه لابد من دعم أكبر للسياحة الداخلية وعزوا تراجع الإقبال إلى انخفاض معدلات الدخل الفردي الذي يحد من القدرة على الإنفاق في مجال الأنشطة السياحية، وارتفاع أسعار الإقامة بالفنادق والنقل.
ويعتقد عميد كلية السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية إبراهيم بظاظو أن هناك العديد من المعوقات والمشكلات التي ما زالت تعترض الجهود الهادفة إلى تطوير آفاق السياحة الداخلية.
وربط بظاظو خلال تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية ذلك بعدم توفر متطلبات العائلة الأردنية وعدم القدرة على منافسة دول المنطقة لارتفاع أسعار الكلف التشغيلية وعدم قدرة المنشآت السياحية على صناعة الحدث لاستقطاب السياحة الداخلية.
وقال إنه “من التحديات والمعيقات أيضا، ضعف التسويق السياحي الداخلي، وعدم حصول المواطن على الأسعار المنافسة التي تحصل عليها المجموعات السياحية الأجنبية في بعض المنشآت الفندقية”.
ومن الواضح أن إسهام السياحة الداخلية في القطاع ما يزال محدودا، إذ تصل النسبة إلى حوالي 7 في المئة من إجمالي نشاط القطاع سنويا.
وتنبع تلك المشكلة في سياق محدودية المرافق وقلة الاستثمارات في المنشآت السياحية وضعف الصناعات التقليدية كون تطويرها يسهم في توفير المزيد من فرص العمل بهذا المجال وتحقيق الانتعاش الاقتصادي في مناطق التنمية السياحية.
ويقول باسم الغلاييني أمين سر جمعية وكلاء السياحة والسفر إن القطاع يحتاج إلى تشجيع الاستثمار فيه وتوفير بيئة سياحية وبنية تحتية تخدم كل المجالات المرتبطة به لتكون حافزا لاستقطاب السياح ولتكون السياحة الداخلية الخيار الأول للأردنيين.
ويشكل ارتفاع الأسعار أحد العوامل المنفرة للسياح المحليين. وتزداد الضغوط من أجل خفضها حتى تكون أقل من تلك المقدمة للسياح الوافدين مما يدفع الكثير من الأردنيين إلى السياحة في الخارج.

باسم الغلاييني: القطاع متعطش إلى الاستثمار ولبُنية تخدم كل مجالاته
وقال الأستاذ في قسم السياحة والسفر بجامعة اليرموك عبدالقادر عبابنة إن “الكثير من المواطنين يفضلون الذهاب إلى وجهة سياحية خارج الأردن سواء بالأعياد والعطل أو غيرها من أيام السنة من أجل البحث عن بيئة مختلفة وأنماط وتجارب جديدة”.
وتشير البيانات الصادرة عن المركزي إلى ارتفاع الإنفاق على السياحة خارج الأردن خلال النصف الأول من هذا العام ليصل إلى 618.2 مليون دولار أي بنسبة زيادة تقدر بنحو 121.7 في المئة على أساس سنوي.
وعزا صاحب أحد المكاتب السياحية المختصة بالسياحة الداخلية أشرف حماد، ضعف الإقبال على السياحة الداخلية إلى ارتفاع أسعار المخيمات السياحية والفنادق في أيام العطل والأعياد خاصة من فئة خمس نجوم.
وأكد أن الخدمات المقدمة بالمنشآت السياحية بمختلف فئاتها سواء الفنادق أو المخيمات أو المطاعم جيدة وذات جودة عالية، داعيا إلى التزام هذه المنشآت بالأسعار وعدم رفعها على المواطنين.
وقبل الوباء الذي تفشى في مارس 2020، لجأت السلطات إلى توسيع تحركاتها للترويج لمواقع البلد السياحية بهدف استقطاب سياح من جنسيات متعددة، ولأنواع السياحة فيه، ويفخر خصوصا بتحوله إلى وجهة للسياحة العلاجية.
وفي الفترة بين 2018 و2019، استعادت المرافق السياحية المقامة على ضفاف البحر الميت بعضا من زخم السياحة الوافدة وسياحة الأعمال، الذي كانت تتمتع به قبل أعوام بعد فترة من التذبذب بسبب الاضطرابات الإقليمية.