السوريون يخرجون للمطالبة بدولة مدنية ومشاركة النساء في الحياة السياسية

السلطات الجديدة تحتاج إلى تحديد رؤيتها بوضوح تجاه ملف المرأة.
الجمعة 2024/12/20
إصرار على عدم المساس بحقوق المرأة

خرج المئات من السوريين إلى الشوارع للمطالبة بدولة مدنية تقوم على تمثيل جميع المكونات في خضم التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها البلاد والمخاوف من تصريحات متتالية بشأن التراجع عن حقوق المرأة وفرض الوصاية عليها.

دمشق - تظاهر المئات من النساء والرجال في ساحة الأمويين بدمشق الخميس للمطالبة بنظام مدني وبمشاركة النساء في الحياة العامة والعمل السياسي في الإدارة الجديدة في سوريا، بعد دعوات اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي إثر تصريحات المتحدث باسم القيادة العسكرية بشأن محدودية مشاركة المرأة في بعض الأماكن.

وردّد المتظاهرون شعارات مثل “سوريا حرة مدنية” و”نريد ديمقراطية وليس دينقراطية” (تيوقراطية)، رافعين لافتات كتب عليها “نحو دولة قانون ومواطنة” و”لا وطن حرا دون نساء أحرار”.

وقالت الموظفة المتقاعدة ماجدة مدرس خلال التظاهرة “موجودة هنا لأننا نشعر بأن كل نساء ورجال سوريا يجب أن يكونوا موجودين، لأننا نشعر للمرة الأولى بأن لدينا وجودا ونتكلم ونعبر ونسمع بعضنا.”

وأضافت “سوريا الجديدة يجب أن تكون للجميع وهذا حقنا.. المرأة لها دور كبير في العمل السياسي وأشجع كل امرأة على أن تعبر عن رأيها.”

وتابعت “أي موقف يسيء حاليا للمرأة سنكون له بالمرصاد ولن نقبل به، انتهى العهد الذي سكتنا فيه.”

يأتي هذا التحرّك بعد أكثر من عشرة أيام من وصول هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها إلى السلطة في دمشق والإطاحة ببشار الأسد نتيجة هجوم مباغت شنّته تلك الفصائل من معقلها في شمال غرب سوريا.

السوريون يطالبون بالعدالة في تمثيل جميع الطوائف وأن يكون المعيار الكفاءة وليس العمل بمبدأ المحاصصة

وفي خضم التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها سوريا، أثار عبيدة الأرناؤوط المتحدث باسم الإدارة السياسية التابعة لإدارة العمليات العسكرية في سوريا، موجة انتقادات واسعة في سوريا بسبب تصريحاته المثيرة للجدل حول دور المرأة في المرحلة الانتقالية. واحتدم النقاش في الأوساط السياسية والاجتماعية داخل سوريا وخارجها بشأن طبيعة المرحلة القادمة.

وتحدث الأرناؤوط في تصريحات صحفية عن رؤيته لدور المرأة في المرحلة القادمة في سوريا، قائلاً إن  طبيعة المرأة البيولوجية والنفسية غير مناسبة لبعض المناصب، مثل وزارة الدفاع.

وأضاف لقناة الجديد اللبنانية “بالنسبة إلى تمثيل المرأة وزارياً ونيابياً نحن نرى أن هذا الأمر سابق لأوانه، يترك للمختصين من القانونيين والدستوريين الذين سيعملون على إعادة النظر في شكل الدولة السورية الجديدة. لأن المرأة عنصر مهم وهي مكرّمة فلا بد أن تكون المهام متناسبة مع وظيفة المرأة التي تستطيع أن تقوم بها. لن يكون هناك أيّ تخوف في ما يخص المرأة.”

وعن فرض الحجاب أكد أنه “لن يكون هناك فرض الحجاب على المكون المسيحي أو أي مكون آخر لأن هذه الأمور ليست محطّ خلاف والناس أحرار.” وحول عمل القاضيات السوريات وهل سيُعلق عملهن قال “بالتأكيد للمرأة حق التعلم والتعليم في أيّ مجال من مجالات الحياة، سواء كانت في التربية أو الحقوق أو القضاء أو في غيره، ولكن أن تستلم المرأة ولاية قضائية فهذا يمكن أن يكون محطّ بحث ودراسة لدى المختصين، ومن المبكر الحديث عن هذه الجزئية.”

وأضاف “لا شك أن المرأة لها طبيعتها البيولوجية والنفسية ولها خصوصيتها وتكوينها الذي لا بد أن يتناسب مع مهام معينة. ليس من الصواب أن تقول لي تستخدم المرأة السلاح مثلاً أو أن تكون في مكان معين لا يتناسب مع قدراتها أو مع تكوينها أو مع طبيعتها.”

Thumbnail

واعتبر الكثير من السوريين أن هذه التصريحات تشير إلى محاولة لتحديد أدوار المرأة في المجتمع بشكل يُقيّد من مساهمتها في بناء سوريا الجديدة، بينما يأملون في بناء دولة تضمن الحقوق والمساواة للجميع، بما في ذلك المرأة.

وهناك مخاوف من أن تكون هذه التصريحات مؤشرًا على تراجع في مكتسبات النساء السوريات خصوصًا في مجالات التعليم والعمل والمشاركة السياسية.

وشهدت سوريا عبر تاريخها مشاركة واسعة للمرأة في شتى المجالات، حيث كانت دائمًا عنصرًا فاعلًا في السياسة والبرلمان وتولت مناصب وزارية، وفي الاقتصاد ساهمت في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال العمل في مختلف القطاعات، وفي الثورة لعبت دورًا بارزًا في الحراك الشعبي ضد النظام، حيث قادت المظاهرات وناضلت من أجل التغيير.

ويرى متابعون أن السلطات الجديدة تحتاج إلى تحديد رؤيتها بوضوح تجاه ملف المرأة، بما يضمن عدم المساس بحقوقها، ومن الضروري البناء على الإنجازات التي حققتها النساء السوريات وتعزيز مشاركتهن في جميع المجالات.

وأكدوا أن تصريحات مثل التي أدلى بها الأرناؤوط تُظهر أهمية فتح حوار مجتمعي شامل حول دور المرأة في المرحلة القادمة، خاصة في ظل وجود مخاوف من تقييد السلطة الجديد للحقوق والحريات وفرض نهج متشدد على الحياة العامة.

Thumbnail

وقبل فكّ ارتباطها عن تنظيم القاعدة، كانت هيئة تحرير الشام تعرف بجبهة النصرة وتتبّع فكرا جهاديا متطرفا، ولا تزال تصنّف “إرهابية” من قبل عدد من الدول الغربية.

لكنّ الهيئة تسعى إلى طمأنة الأقليات الدينية في البلاد واعتماد خطاب أكثر اعتدالا. وعيّنت حكومة تصريف أعمال تدير المرحلة الانتقالية في البلاد حتى الأول من مارس.

وسارع زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الذي عرف باسم “أبومحمد الجولاني” إلى طمأنة المسيحيين والطوائف الأخرى، وخاطب في بيان نشره حساب قيادة الفصائل على منصة تليغرام، المقاتلين بالقول “هدئوا من روع أهلنا من كافة الطوائف.”

وتعيش في سوريا العديد من الأقليات الإثنية والطوائف الدينية على غرار طوائف مسيحية وإسماعيلية والطوائف الشيعية، والأكراد والأرمن، والشركس، والأشوريين، وغيرهم، ومنذ سقوط الأسد يجري الحديث عن ضرورة حمايتهم وتمثيلهم في سوريا الجديدة إضافة إلى حقوق المرأة.

ويطالب السوريون بالعدالة في تمثيل الجميع وأن يكون المعيار الكفاءة وليس العمل بمبدأ المحاصصة.

فالمعيار الدولي والعالمي بأن تمثل الحكومة والإدارة السورية الجديدة كل شرائح المجتمع وجميع المحافظات وجميع الأعراق والأطياف، وأن يكون هذا بنصوص قانونية واضحة في الدستور الجديد الذي يجب أن يصاغ من الكل، ويصوّت عليه الشعب السوري وليس في الغرف المغلقة.

2