السوريون يتطلعون لغد أفضل بعد رفع العقوبات

دمشق - منح قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع عقوبات بلاده عن دمشق جرعة أمل كبيرة للسوريين، في غد أفضل، بعد سنوات طويلة من حرب مدمرة استنزفتهم اقتصاديا.
وقال الرئيس الأميركي عقب لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، الأربعاء، في السعودية إن العقوبات المفروضة في عهد الرئيس السابق بشار الأسد كانت “تسبّب شللا حقا” لسوريا.
ولفت ترامب في كلمته أمام قادة دول الخليج “لن يكون الأمر سهلا على أي حال، لذا فهو يمنحهم فرصة جيدة وقوية، وكان لي شرف القيام بذلك.”
وعلى وقع المفرقعات والتصفيق، احتشد سوريون فرحين في شوارع مدنهم ليل الثلاثاء، لا سيما حلب ودمشق، احتفالا بقرار ترامب.
في ساحة سعدالله الجابري في وسط مدينة حلب في شمال سوريا، تجمّع العشرات من رجال ونساء وأطفال رافعين العلم السوري الجديد، بينما صفقوا وغنوا فرحا بالقرار الأميركي الذي يعتبرون أنه سينعش اقتصاد بلادهم المنهك بعد النزاع الذي استمر 14 عاما.
وجال آخرون في سياراتهم مطلقين المزامير تعبيرا عن سعادتهم بهذه الخطوة التي تأتي بعد أشهر من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد.
على وقع المفرقعات والتصفيق، احتشد سوريون فرحين في شوارع مدنهم، لاسيما حلب ودمشق، احتفالا بقرار ترامب
وقالت زين الجبلي (54 عاما) التي تملك معملا للصابون في حلب بينما وقفت مع المحتفلين في ساحة سعدالله الجابري، “سمعت بخبر رفع العقوبات فجئت إلى هنا إلى ساحة سعدالله الجابري التي لها رمزية كبيرة عند شعب حلب وثوار حلب.”
وأضافت “العقوبات كانت مفروضة على الأسد الحمد الله سوريا تحررت، وسيكون لذلك أثر إيجابي للصناعيين وفي دفع عجلة الاقتصادية ودفع الناس للعودة” إلى البلاد.
وأعرب غيث عنبي (26 عاما) وهو مهندس مدني بينما شارك المحتفلين فرحتهم في حلب عن “شعور رائع جدا برفع العقوبات، هذه ثاني فرحة بعد سقوط الأسد.”
وأضاف الشاب، “أنا كمهندس أرى أن آثار رفع العقوبات عن الشعب السوري ستكون ايجابية لناحية إعادة الأعمار واعادة بناء البنى التحتية، لا سيما في مدينة حلب وهي مدينة اقتصادية، سيكون هناك ازدهار اقتصادي كبير بالنسبة للشعب السوري على مستوى كل سوريا.”
ومن شأن قرار رفع العقوبات الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي الثلاثاء خلال كلمة له في العاصمة السعودية التي زارها في إطار جولة خليجية تشمل الإمارات وقطر، أن يدفع بعجلة الاقتصاد في البلاد ويجذب الاستثمارات ما يسهم في الدفع بعملية إعادة الإعمار.
ويتوقع أن تنعكس عودة التعاملات المالية مع الخارج، إيجابا على الليرة السورية التي فقدت تدريجيا نحو 90 بالمائة من قيمتها خلال سنوات النزاع. وبعدما كان سعر صرف الدولار الواحد يناهز 50 ليرة سورية قبل 2011، يراوح حاليا بين 10 آلاف و12 ألف ليرة.
من المتوقع أن تنعكس عودة التعاملات المالية مع الخارج، إيجابا على الليرة السورية التي فقدت تدريجيا نحو 90 بالمائة من قيمتها خلال سنوات النزاع
وسيقود القرار إلى تشجيع اللاجئين لاسيما في دول الجوار إلى العودة إلى سوريا، حيث أن الكثير منهم كان يتردد في اتخاذ مثل هذه الخطوة عقب إسقاط الأسد، في ظل قلق حيال الوضع الاقتصادي المنهار هناك.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، لم يعد سوى 1.87 مليون شخص حتى الآن الى مناطقهم الأصلية منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر.
وأشارت المنظمة الأممية في تقرير لها في 14 مايو، إلى أن “نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يشكل التحدي الأبرز” أمام عودتهم.
ورأت الخارجية السورية في القرار الأميركي “نقطة تحوّل محورية” للبلاد، بينما اعتبر وزير المالية السوري محمد يسر برنية في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” الثلاثاء أن “قرار رفع العقوبات سيساعد سوريا في بناء مؤسساتها، وتوفير الخدمات الأساسية للشعب وسيخلق فرصاً كبيرة لجذب الاستثمار وإعادة الثقة بمستقبل سوريا.”
وأفاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن وزراء خارجية تركيا والولايات المتحدة وسوريا سيجتمعون في جنوب تركيا الخميس لمناقشة تفاصيل تعهد الرئيس الأميركي بإسقاط العقوبات عن سوريا.
وفرضت معظم هذه العقوبات الأميركية بعد بداية النزاع السوري في العام 2011، وطالت الرئيس السابق وعددا من أفراد عائلته وشخصيات وزارية واقتصادية في البلاد.
وفي العام 2020، دخلت عقوبات جديدة حيز التنفيذ بموجب قانون “قيصر” استهدفت الكثير من أفراد عائلة الأسد والمقربين منه، بينهم زوجته أسماء الأسد، بما يشمل تجميد أصولهم في الولايات المتحدة.
وفرض بموجب القانون عقوبات مشددة على أي كيان أو شركة يتعامل مع النظام السوري. ويستهدف القانون كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز، كما يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات لإعادة بناء سوريا، إلا أنه يعفي المنظمات الإنسانية من العقوبات جرّاء عملها في سوريا.

وفصلت العقوبات البنوك السورية عن النظام المصرفي العالمي وبالتالي لم يكن من الممكن إجراء تحويلات مالية من وإلى سوريا.
ومن حلب، قال تقي الدين نجار (63 عاما) بينما شارك في الاحتفالات “رفع العقوبات يخدم الشعب السوري بالدرجة الأولى، العقوبات كانت تضر فقط الشعب السوري ولا تضر النظام السابق.”
في دمشق، تجمّع العشرات خلال الليل في ساحة الأمويين تعبيرا عن سعادتهم بالقرار الأميركي على وقع الموسيقى والمفرقعات.
ولم تنحصر تأثيرات العقوبات الغربية على المعاملات التجارية والاقتصادية، بل تحوّلت إلى عنصر مؤثر في تشكيل المزاج العام السوري. فتحت وطأة الفقر المتزايد، وغياب الخدمات الأساسية، وانعدام الأمل في المستقبل، بدأ الإحباط يتسلل إلى النفوس، وشيئاً فشيئاً تحوّل إلى حالة من التوتر العام والانفعال الاجتماعي.
وقالت هبة قصار (33 عاما) وهي مدرسة لغة إنجليزية “الفرحة كبيرة جدا، طبعا سينعكس القرار بشكل إيجابي على البلد كلها، سيعود الإعمار وسيعود المهجرون، والأسعار سوف تتراجع.”
ويشاطرها أحمد أسما (34 عاما) هذا الأمل. ويقول الرجل بينما كان يقود سيارته في ساحة الأمويين “الحمد الله رفعت عنا العقوبات لكي نتمكن من أن نعيش كما كنا في السابق، وأفضل، نتمنى أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة لسوريا.”