السوريون في تركيا: تلاشي خطط العودة يحيي الجدل حول الدمج

برنامج الدمج الذي يأتي في ظل تقديرات بصعوبة عودة مئات الآلاف من السوريين إلى بلادهم يصطدم برفض شعبي كبير في تركيا.
الأحد 2023/11/05
المدارس الحكومية تستقبل ما يصل إلى 800 ألف طفل سوري

شانلي أورفا (تركيا)- تعمل تركيا بهدوء، وبمساعدة الاتحاد الأوروبي، على وضع برامج دمج من خلال التوظيف، وفق مسؤولين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، فيما يقر بعضهم بأن العديد من السوريين سيبقون في تركيا.

ويأتي برنامج الدمج في ظل تقديرات بصعوبة عودة مئات الآلاف من السوريين إلى بلادهم بسبب جمود الموقف السياسي وفشل خطط التقارب بين أنقرة ودمشق. لكن هذا البرنامج يواجه برفض شعبي كبير في تركيا.

وقال سفير الاتحاد الأوروبي لدى تركيا نيكولاوس ميير-لاندرون خلال زيارة إلى شانلي أورفا الشهر الماضي “لا يستخدم المسؤولون الأتراك كلمة الدمج. لكنهم يقرّون بأن الظروف في سوريا لا تسمح اليوم بعودة (اللاجئين) وأنه يجب فعل كل شيء لتوفير العيش في ‘وئام’ وهو المصطلح الذي يستخدمونه”.

وأضاف “في الحقيقة، تُبذل الكثير من الجهود في سبيل الدمج، حتى لو أن احتمال العودة قائم لأسباب سياسية”.

◙ الفصول الإضافية المدعومة من الاتحاد الأوروبي تساهم في تهدئة أهالي الأطفال الأتراك الذين يشتكون من اكتظاظ الصفوف "بسبب الأطفال السوريين"

ففي العام 2016 أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقًا مع تركيا يهدف إلى الحدّ من وصول المهاجرين إلى أوروبا مقابل حصول أنقرة على مساعدة مالية كبيرة. ولا يزال يتعيّن على بروكسل أن تدفع لأنقرة قسماً من الستة مليارات يورو التي وعدتها بها آنذاك.

وأكّد السفير الأوروبي لدى أنقرة أن “الأمور تسير على نحو أفضل ممّا يمكن أن نتخيل”، مشيرًا إلى أن دمج “مثل هذا العدد الكبير من الأشخاص في اقتصاد متعثّر هو أمر أصعب بالتأكيد”.

ويعتمد اقتصاد شانلي أورفا بشكل أساسي على الزراعة ويكافح من أجل التعامل مع هذا التدفق السكاني. وتبلغ نسبة البطالة فيه 15 في المئة، وهي أعلى بكثير من المعدل الوطني الرسمي البالغ 9.2 في المئة.

ويختلف الوضع في مدينة غازي عنتاب الصناعية المجاورة حيث أصبح اللاجئون السوريون محرّك قطاع النسيج المتعطّش لليد العاملة.

ويقول مدير وكالة التنمية المحلية في غازي عنتاب يونس شولاك “من أجل توفير وظائف للاجئين السوريين، يجب زيادة الاستثمارات في شانلي أورفا وإلّا فإننا سنشهد توترات”.

ويعيق الوضع القانوني للاجئين عملية الاندماج. ووفقًا للمسؤولين هناك 17557 فقط من السوريين مسجلين كموظفين في شانلي أورفا، في ما يعمل الباقون بشكل غير قانوني وغالبًا ما يتقاضون أجورًا زهيدة، الأمر الذي يقوّض سوق العمل المحلية.

وأظهر تقرير نشرته مؤسسة البحوث حول السياسات الاقتصادية في العام 2021 أن 48 في المئة من اللاجئين السوريين في تركيا يعملون بشكل غير قانوني و41 في المئة يتقاضون أجورًا منخفضة.

◙ في 2016 أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع تركيا للحدّ من وصول المهاجرين مقابل حصول أنقرة على مساعدة مالية كبيرة

في المقابل، يتواصل الدمج الاجتماعي في المدارس الحكومية التركية التي تستقبل ما يصل إلى 800 ألف طفل سوري.

ويتعلّم بن يمين عبدالله (11 عامًا) اللغة التركية في فصل متخصص مدعوم من تمويل أوروبي. ويقول “أمّي لا تتحدّث اللغة التركية. أساعدها عندما تذهب إلى التسوّق”.

وتساهم الفصول الإضافية المدعومة من الاتحاد الأوروبي في تهدئة أهالي الأطفال الأتراك الذين يشتكون من اكتظاظ الصفوف “بسبب الأطفال السوريين”، حسبما تفيد السلطات.

ورغم ذلك، تقوم حدود غير مرئية في شوارع شانلي أورفا بالفصل بين اللاجئين السوريين والسكان الأتراك والأكراد والعرب في المدينة.

ويقول تاجر السيارات مصطفى أصلان “هناك أحياء سُمّيت الرقّة أو دمشق. في المدرسة التي يرتادها حفيدي ثلاثة من أصل 27 تلميذًا هم أتراك، والباقون سوريون”. ويضيف “ثقافتهم تختلف كثيرًا عن ثقافتنا. لا نريدهم هنا”.

1