السوريون الراغبون في العودة أمام خيارين: خدمة العلم أو دفع البدل

النظام السوري يرفض طلبات الراغبين في زيارة سوريا والمتخلفين عن الخدمة العسكرية.
السبت 2024/06/22
يفضلون معاناة اللجوء على العودة إلى الديار

دمشق - يتعارض القرار الذي اتخذته الحكومة السورية، والقاضي بمنع قبول طلبات زيارة البلاد لمن أجرى تسوية خروج غير شرعي، مع ما روجته عن سياسة الأيادي المفتوحة للاجئين، واستعدادها لقبولهم وتذليل أي عقبة قد تواجههم.

وأصدرت وزارة الخارجية السورية الشهر الجاري تعميما منعت بموجبه قبول طلبات الراغبين في زيارة سوريا والمتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية ممن غادروا بطريقة غير شرعية.

وذكر التعميم أنه “يمكن للمكلفين الذين غادروا بطريقة غير شرعية الدخول إلى القطر لمرة واحدة فقط، بغرض تسوية وضعهم التجنيدي، أي تأدية خدمة العلم أو دفع البدل النقدي”، مشدداً على أنه “لا يحق لهم المغادرة إلا بعد القيام بأحد هذين الأمرين”.

وجاء القرار بعد نحو شهر من انقضاء مهلة تسوية الخروج غير الشرعي، حيث أحصت الحكومة عددهم وأثبتت وجودهم خارج البلاد.

ولا يخلو القرار المستجد، وفق نشطاء معارضين، من عملية ابتزاز للراغبين في العودة حيث وضعتهم الحكومة أمام خيارين أحلاهما مر فإما الخدمة العسكرية أو دفع البدل النقدي بالدولار الأميركي.

قرار يمنع قبول طلبات الراغبين في زيارة سوريا والمتخلفين عن الخدمة العسكرية ممن غادروا بطريقة غير شرعية

وسامي (26 عاماً) هو واحد من هؤلاء اللاجئين الذين رفضت السفارة السورية في بيروت طلبه زيارة البلاد بعد إجرائه تسوية الخروج غير الشرعي في وقت سابق، وقال سامي لموقع تلفزيون سوريا “أجريت التسوية بهدف حصولي على زيارة القطر وليس العودة بشكل نهائي”.

وأضاف “قدمت الأوراق لزيارة البلاد قبل صدور القرار على أمل زيارة أهلي بدمشق ومن ثم العودة إلى بيروت مجدداً”، لكن موظف السفارة أخبره بأنه لم “يعد يحق له طلب زيارة البلاد وإنما فقط موافقة دخول للبلاد لدفع البدل أو تأدية الخدمة العسكرية”.

ودخل الشاب السوري لبنان بطريقة غير شرعية في عام 2015 هربا من الخدمة العسكرية، وأوضح “تخيلوا أن أعود من أجل الخدمة العسكرية بعد كل تلك السنوات أو أدفع 9 آلاف دولار”، معتبراً أنّ النظام السوري “خدعنا بتسوية الخروج الشرعي التي أعلن عنها في وقت سابق”، وقال “لو كنت أعلم بأن التسوية لا تخولني زيارة سوريا لما تقدمت بالطلب”.

وإلى جانب سامي خسر الآلاف من السوريين في دول الجوار، ممن خرجوا بشكل غير شرعي، إمكانية زيارة ذويهم عبر “زيارة القطر” التي حصرها النظام السوري في الخارجين بشكل شرعي.

وقالت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا إنّ النظام السوري “حرك دعوى الحق العام بحق السوريين الخارجين بشكل غير شرعي لدى عودتهم إلى البلاد عبر المنافذ الحدودية”.

وأضافت المصادر أن هؤلاء يتعرضون للتوقيف لمدة 24 ساعة ومن ثم يفرج عنهم بعد أن يشملهم مرسوم العفو الأخير رقم 36 لعام 2024، وذلك بعد أن كان النظام سابقاً يجري “تسوية خروج غير شرعي” على الحدود، لمن خرج بشكل غير شرعي أثناء دخوله البلاد من دون توقيفه.

وحسب آخر إحصائية للأمم المتحدة يوجد أكثر من 13 مليون سوري “مهجرون قسرا”، لتمثل سوريا بذلك أكبر أزمة لجوء في العالم، ويوجد أغلب اللاجئين في تركيا (أكثر من 3 ملايين لاجئ) يليها لبنان ثم الأردن والعراق ووصولا إلى الدول الأوروبية، على رأسها ألمانيا.

ومن شأن قرار الحكومة السورية الأخير أن يدفع العديد من السوريين إلى التخلي عن فكرة العودة، كما أنه يكرس حاجز غياب الثقة بين السوريين والدولة.

وأعلنت السفارة السورية في بيروت عن آلية جديدة لتقديم طلبات بعض المعاملات القنصلية سيبدأ العمل بها مطلع شهر يوليو المقبل. وتتضمن الآلية تقديم المعاملات عبر “المركز القنصلي الإلكتروني”، وقالت إنه يهدف إلى تخفيف الأعباء عن المغتربين.

وتشمل تلك المعاملات: معاملات التجنيد (البدل النقدي – استبعاد احتياط – بدل احتياط – بدل فوات الخدمة – تأجيل بالإقامة)، إضافةً إلى زيارات المغتربين.

ويقول نشطاء معارضون إن النظام السوري يقول عكس ما يفعل، وإن ما يروج له عن استعداده لاحتضان اللاجئين الراغبين في العودة ليس سوى ذر رماد على العيون ومحاولة لإيهام المجتمع الدولي بأنه تغير.

"الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تسجل 4714 حالة اعتقال تعسفي لعائدين من اللاجئين والنازحين على يد القوات الحكومية

وكشف تقرير نشرته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” الخميس عن تسجيل ما لا يقل عن 4714 حالة اعتقال تعسفي لعائدين من اللاجئين والنازحين على يد القوات الحكومية، منذ مطلع 2014 حتى يونيو 2024.

وجاء في التقرير “أن الانتهاكات التي كانت هي السبب الرئيسي وراء هروب ملايين السوريين مازالت تمارس في البلاد، وأن هذه الانتهاكات الفظيعة هي السبب الرئيسي وراء عدم عودة اللاجئين، بل وتوليد المزيدٍ من اللاجئين”.

وأضاف التقرير “بسبب هذه الانتهاكات التي تهدد جوهر حقوق وكرامة الإنسان، وعدم وجود أي أفق لإيقافها أو محاسبة المتورطين فيها، يحاول المئات من السوريين الفرار من أرضهم، وبيع ممتلكاتهم، وطلب اللجوء حول العالم، حتى بلغ عدد اللاجئين السوريين قرابة 6.7 مليون شخص وقد أصبحوا النسبة الأضخم من عدد اللاجئين في العالم”.

وشددت الشبكة على أن طلب اللجوء هو حقٌّ للسوريين، ويجب على كافة دول العالم التي لجأوا إليها إعطاؤهم هذا الحق، وقد وصلت الكثير من الانتهاكات التي مارسها النظام بحقِّ الشعب السوري إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، ومارست بقية أطراف النزاع انتهاكات متعددةً بحقِّ الشعب السوري وصل بعضها إلى مستوى جرائم حرب.

ودعت حكومات الدول التي لديها لاجئون سوريون، وبشكل خاص دول الجوار التي تحتوي الأعداد الأكبر منهم، إلى التوقف عن تهديدهم المستمر بالترحيل إلى سوريا، لأنَّ ذلك يشكل مصدر قلق نفسي وتهديد للاستقرار المادي وتعطيل لعمليات الدمج المجتمعي.

كما طالبت مختلف دول العالم بتحمل مسؤولياتها تجاه كارثة اللاجئين واستقبال أكبر عدد منهم، والتوقف عن إغراق دول الطوق باللاجئين، مع التراجع المستمر في دفع التعهدات المالية، وعلى الدول الديمقراطية الاستمرار في استقبال اللاجئين من دول الطوق ورفع مستوى الدعم المالي المقدَّم لها.

2