السودان يُعيد تواصله مع "إيغاد" لاستعادة مقعده الأفريقي

تحركات الحكومة السودانية تشير إلى أنها تبحث عن تحريك المياه بشأن جهود السلام دون أن يترتب عن ذلك تقديم تنازلات سياسية واضحة.
الأربعاء 2025/03/12
بورتسودان تراهن على علاقتها الجيدة مع جيبوتي

الخرطوم- أبدت الحكومة السودانية رغبتها في استئناف نشاطها بهيئة التنمية الحكومية لشرق أفريقيا (إيغاد)، بعد أكثر من عام على تجميد عضوية السودان في المنظمة الإقليمية، وفي وقت تشهد فيه الحرب تطورات ميدانية لصالح الجيش على حساب قوات الدعم السريع، تدفع الأول لتعزيز حضوره الإقليمي، وسد الثغرات التي قد تنفذ منها الحكومة الموازية المزمع تشكيلها في مناطق تسيطر عليها الدعم السريع.

جاء موقف الحكومة السودانية بعد أن فشلت تحركات دبلوماسية قامت بها خلال الأشهر الماضية في حلحلة الموقف من استعادة مقعد السودان بالاتحاد الأفريقي، وعولت كثيرا على تبني إجراءات إيجابية أثناء اجتماعات الاتحاد التي عقدت منتصف فبراير الماضي، لكن الفجوة ما زالت كبيرة بين الجانبين مع تبني الحكومة موقفا متشددا بشأن الاستمرار في الخيار العسكري وغياب الأفق السياسي الواضح.

ويمكن أن يكون الاتجاه لاستعادة عضوية السودان في “إيغاد” مكملا لخطوات قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي عمد إلى تحريك إجراءات تشكيل حكومة مدنية والإعداد لوثيقة دستورية جديدة، غير أن استبعاد القوى السياسية الفاعلة من النقاش لم يؤكد أن تحركاته هدفت لاستعادة الحكم المدني فعلا.

محمد تورشين: من الصعب العودة إلى مبادرة "إيغاد" لوقف الحرب

والتقى في جيبوتي نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان مالك عقار برئيس جيبوتي إسماعيل عمر غيلي (الرئيس الحالي لإيغاد)، الأحد، وناقش معه تطورات الأوضاع والمسار السياسي في السودان وملفه في الاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد.”

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية حسين الأمين الفاضل إن مالك عقار هنأ الرئيس الجيبوتي بفوز بلاده برئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، ممثلة في محمود علي يوسف، الذي تم انتخابه رئيسا للمفوضية، معربا عن ثقة السودان أن تتمكن القيادة الجديدة من تصحيح مسار المفوضية نحو القيام بدورها على الوجه المطلوب، مؤكدا رغبة الخرطوم استئناف نشاطه في “إيغاد.”

تشير تحركات الحكومة السودانية إلى أنها تبحث عن تحريك المياه بشأن جهود السلام دون أن يترتب عن ذلك تقديم تنازلات سياسية واضحة أو إبداء مواقف محددة بشأن الدخول في مفاوضات لوقف الحرب، وترغب في عدم ترك المجال الدبلوماسي فارغا خوفا أن يتم ملؤه من قبل الحكومة الموازية التي تعمل الدعم السريع على تشكيلها.

يشكل الحديث عن العودة إلى “إيغاد” بادرة إيجابية، لكن ليس معروفا إذا كانت ستترتب عنه تحركات باتجاه وقف الحرب أم أنها تظل رغبة في التواجد لعدم شغور مقعد السودان، خاصة أن الهجوم على “إيغاد” لم يتوقف طيلة الفترة الماضية.

أكد المحلل السياسي السوداني محمد تورشين أن السودان هو من جمّد عضويته في “إيغاد” ولم يتم إسقاطها من جانب المنظمة، بالتالي فاستعادتها تتطلب التقدم بطلب دون وجود تحفظات على العودة للمقعد، والسودان جزء من المنظمة، والهدف هو السعي لاستعادة مقعده في الاتحاد الأفريقي كي يكون أكثر نفوذا وتأثيرا.

وأضاف تورشين في تصريح لـ“العرب” أن السودان لن يقف كثيرا أمام المواقف المتعارضة بشأن اتهام “إيغاد” بالتدخل في شؤونه وهو يدرك أن المنظمات الإقليمية لا تشكل قوة كبيرة ويتم اختطافها من قبل بعض الأعضاء وقوى دولية، وهناك ضرورة للتواجد لشرح وجهات نظر الحكومة السودانية وتعزيز التواصل مع قوى أفريقية.

وأشار إلى أن مبادرة “إيغاد” لوقف الحرب من الصعب العودة إليها إلا في حال نجح السودان من خلال عودته لتطويرها بما يتماشى مع رؤية الجيش، لكن بوجه عام لا يوجد حماس من “إيغاد” أو السودان حاليا لتحريكها، ويمكن أن يبقى السودان أكثر انفتاحا على مبادرة الاتحاد الأفريقي ليكون ذلك مدخلا لاستعادة مقعده المعلق.

والتقى عقار في جيبوتي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف وناقش معه تطورات الأوضاع في السودان وسبل تفعيل آليات عودته لمقعده في الاتحاد الأفريقي، خاصة أن ملابسات تعليق العضوية جاءت في مرحلة مختلفة.

وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عن استعداد المفوضية مناقشة قضية عودة السودان ومزاولة نشاطه مع المؤسسات ذات الصلة داخل الاتحاد الأفريقي.

عادل سيد أحمد: خطوة إعلان حكومة موازية قد تجد سندا من بعض الدول

قال المحلل السياسي السوداني عادل سيد أحمد إن السودان أقدم على خطوة استعادة عضويته في “إيغاد” بعد أن تحدثت دوائر في المنظمة عن أن تواجد السودان داخلها يساعد في استعادة مقعده بالاتحاد الأفريقي، ومن الأفضل القبول بالواقع الحالي والتواصل مع حكومة البرهان باعتبار أنها قد تكون فرصة سانحة للحوار.

وأوضح سيد أحمد في تصريح لـ”العرب” أن بعض الدول الأعضاء في “إيغاد” ترى صعوبة في الحوار مع الحكومة السودانية طالما ظلت بعيدة عن المنظمة، وخارج الاتحاد الأفريقي، ما يعني إمكانية فرض شروط لعودة السودان للاتحاد الأفريقي وانخراطه في المبادرات المتعددة لوقف الحرب.

وشدد سيد أحمد على أن حكومة بورتسودان يمكن أن تذهب لطاولة التفاوض على أن يرتبط ذلك باستعادة مقعدها، حيث شعرت بوجود تحركات مزعجة في كينيا من قبل مجموعات وحركات مسلحة بمشاركة الدعم السريع، ما يشير إلى أن خطوة إعلان حكومة موازية قد تجد سندا من بعض دول أفريقيا وغيرها.

وصدرت خلال الأيام الماضية تصريحات عن أطراف شاركت في توقيع الميثاق السياسي للحكومة الموازية أوحت بأن العمل العسكري ستحدث به تطورات جديدة، لأن الصراع سيصبح بين حكومتين وليس فقط بين جيشين، ما يقود إلى إطالة أمد الحرب أو انفصال البلاد حال عدم ظهور حلول سياسية سريعا.

وشدد عادل سيد أحمد في حديثه لـ“العرب” على أن هذه المعطيات بدأت تؤثر على عقل من يحكمون السودان، وربما تصب في خانة استئناف التفاوض، وإن حدث ذلك فالاتحاد الأفريقي قد يقبل بإعادة عضوية السودان.

وفي 20 يناير من العام الماضي، أعلنت وزارة الخارجية السودانية تجميد عضوية البلاد في “إيغاد”، وفسرت آنذاك سبب القرار بوجود “تجاوزات” من قبل”إيغاد”، بينها إدراج الوضع في السودان في أعمال قمة الهيئة “42” دون مشاورة الخرطوم.

وأعلن الاتحاد الأفريقي في 27 أكتوبر 2021 تعليق عضوية السودان حتى الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية بقيادة مدنيين على إثر انقلاب عسكري على السلطة المدنية.

2