السودان يستكمل تفكيك عقبات تعرقل إنعاش اقتصاده

لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد تعلن عن حلّ مجالس إدارات عدد من البنوك والشركات وإعفاء مدراء من مناصبهم.
السبت 2020/02/08
هبوط متواصل في سعر العملة المحلية أمام الدولار

كثّفت الحكومة السودانية جهودها للانقلاب على جمود مفاصل الأساليب الاقتصادية والمالية بالإعلان عن مراجعة شاملة لهياكل وقوانين النظام المصرفي المتعثر والشركات الحكومية التي تعتبرها الأوساط الاقتصادية والشعبية بؤر الفساد الذي استنزف ثروات البلاد في العقود الماضية.

الخرطوم - دخلت الحكومة السودانية في معركة شاقة لإصلاح المؤسسات المالية والشركات الحكومية، المكبلة بالأساليب البالية والبيروقراطية في محاولة للبحث عن مفاتيح إخراج البلاد من أزماتها العميقة.

وأعلنت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، التي تشكلت في ديسمبر الماضي، حلّ مجالس إدارات عدد من البنوك والشركات وإعفاء مدراء من مناصبهم.

وقال المتحدث باسم اللجنة الحكومية، صلاح مناع، في مؤتمر صحافي إن “اللجنة قررت حلّ مجلس إدارة البنك المركزي والمصارف المملوكة للدولة بموجب قانون يستهدف تفكيك نظام الرئيس المخلوع عمر البشير”.

ونسبت وكالة رويترز إلى المتحدث تأكيده قرب تشكيل مجالس إدارة جديدة مع احتفاظ بدرالدين عبدالرحيم بمنصبه كمحافظ للبنك المركزي السوداني.

وكانت الخرطوم قد سنّت في نوفمبر الماضي قانونا لتفكيك تركة نظام البشير، الذي أطيح به في أبريل الماضي عقب نحو ثلاثة عقود في السلطة.

وتضمن القرار حلّ مجالس إدارات 11 مصرفا هي العمّال والبلد وبنك الثروة الحيوانية والنيلين والزراعي السوداني والعقاري والسعودي السوداني وبنك الأسرة ومصرف المزارع التجاري ومصرف الادّخار ومصرف التنمية الصناعية.

كما قررت اللجنة إنهاء خدمة مديري 9 بنوك هي العمال والبلد والنيلين والعقاري والسعودي السوداني ومصرف المزارع التجاري ومصرف التنمية الصناعية.

وأوضح مناع أن لجنة إزالة التمكين قررت أيضا حلّ مجالس إدارات تسع شركات ومؤسسات حكومية.

مشكلات الاقتصاد السوداني تفاقمت لتصل إلى مرحلة جديدة عقب الهبوط الكبير الذي سجله الجنيه أمام الدولار

وأشار إلى إنهاء خدمة مديري شركات ومؤسسات، كلّ من صندوق ضمان الودائع المصرفية والمؤسسة السودانية للخدمات البريدية، وشركتي الأقطان المحدودة والصمغ العربي.

وتحاول الحكومة الانتقالية إخراج الاقتصاد من أزماته العميقة، لكن تحديات كبيرة في ظل تردي الأحوال المعيشية للمواطنين السودانيين، الذين ينتظرون نتائج سريعة من العهد الجديد.

ويعاني السودان من أزمة توفير النقد الأجنبي لأسباب هيكلية أدت إلى هبوط متواصل في سعر العملة المحلية أمام الدولار، وانعكس ذلك في ارتفاع التضخم.

وتسببت احتجاجات استمرت لأشهر ضد زيادات أسعار الوقود والخبز ونقص السيولة النقدية من السوق في إطلاق شرارة الانتفاضة التي أنهت نظام البشير.

وقاطع الآلاف من السودانيين المصارف منذ أشهر بعد تفاقم أزمة السيولة النقدية وعجز المؤسسات المالية عن الإيفاء بمستحقات الزبائن الموجودة في حساباتهم.

وقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الشهر الماضي إن بلاده “ليست لديها احتياطيات من النقد الأجنبي لحماية الجنيه وإنها تعاني من خلل هيكلي”.

وتفاقمت مشكلات الاقتصاد السوداني مع استمرار هبوط الجنيه، حيث بلغ سعر الدولار الشهر الماضي إلى 100 جنيه مقارنة بنحو 88 جنيها في نهاية العام الماضي، لتتسع بذلك الفجوة مع السعر الرسمي البالغ 45 جنيها للدولار.

ويشير تجار عملة في الخرطوم إلى نموّ متسارع في الطلب على الدولار من جهات غير معروفة تقوم بشراء كميات كبيرة.

وبرر عضو اللجنة الاقتصادية في قوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله في تصريح لوكالة الأناضول ارتفاع أسعار صرف الدولار، إلى التركة الثقيلة التي خلفها نظام البشير.

وأوضح أن سياسية تحرير الاقتصاد التي انتهجتها حكومة المؤتمر الوطني في تسعينات القرن الماضي، ساهمت في تدمير القطاعات الإنتاجية، الأمر الذي أدى إلى التعامل مع الدولار كسلعة”.

Thumbnail

وأكد أن تلك السياسات جعلت الناس يلجأون إلى تحويل الكتلة النقدية من العملة المحلية، الأمر الذي زاد من نشاطات المضاربة في الأسواق الموازية.

ووافق مجلس السيادة الحاكم في البلاد ومجلس الوزراء على ميزانية 2020 في ديسمبر الماضي وهي الأولى منذ الإطاحة بالبشير، الذي شهدت السنوات الأخيرة لحكمه مشاكل اقتصادية حادة.

وقالت وزارة المالية في بيان الميزانية إن البنك المركزي يطبع نقودا بما يعادل 200 مليون دولار شهريا لشراء وتصدير الذهب لتمويل السلع المدعومة، وبصفة أساسية الوقود والقمح.

وأكد حمدوك في مقابلة تلفزيونية أن السودان لديه احتياطيات استراتيجية من السلع الأساسية تكفي لأكثر من شهر وأن حكومته تعمل على قانون جديد السودان المركزي، الذي قال إنه ينبغي أن يتبع مجلس الوزراء وليس مجلس السيادة.

وأضاف أن الوضع المتعثر للبنك المركزي “هو أحد تركات النظام السابق وأنه تحول إلى بنك تجاري يضارب ويتاجر في الذهب.. نعمل على تطوير قانون جديد لبنك السودان”.

وتلقت الحكومة الانتقالية بعض الدعم لواردات الوقود والقمح من السعودية والإمارات بقيمة 3 مليارات دولار، إلى جانب ودائع تصل إلى مليار دولار مناصفة من البلدين الخليجيين.

لكن تلك المساعدات تبدو غير كافية في ظل معاناة نحو 65 في المئة من السودانيين، البالغ تعدداهم 44 مليونا، من الفقر وتفاقم الحاجة إلى تمويلات تنموية بقيمة ملياري دولار إلى جانب مبلغ مماثل تأمل بالحصول عليه من صناديق تنموية عربية.

11