السودان في جولة حاسمة من مفاوضات مسار دارفور

مراقبون يقللون من إمكانية وصول الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية لتفاهمات نهائية بشأن ملفي السلطة والثروة.
السبت 2020/04/25
المسار الأصعب

تنتظر مفاوضات السلام السودانية يوما فاصلا في مصيرها، الأحد، لإنهاء القضايا العالقة في مسار دارفور المرتبطة بملفي السلطة والثروة اللذين شهدا مشاورات عديدة مؤخرا، ومقرر أن تنتهي الاجتماعات بالتوافق على تمثيل الحركات المسلحة في سلطات الحكم الانتقالي أو الدخول في لقاءات جديدة بحثا عن توافق مفقود.

الخرطوم - تستعد الأطراف المتفاوضة في عملية السلام السودانية لوضع حد للجدل الدائر في عدة نقاط حول مسار دارفور، والذي يعتبر أحد المسارات الخمسة في هذا الملف المعقد.

واستأنفت لجنة وساطة جنوب السودان المفاوضات في مسار دارفور، الخميس، وأحرزت المباحثات التي جرت عبر تقنية الفيديو كونفرانس بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية التي تضم في عضويتها فصائل مسلحة وسياسية، تقدماً طفيفاً في ملف السلطة.

وقد اتفق الطرفان على مشاركة الجبهة، على مستوى مجلس السيادة الانتقالي، من خلال أربعة مقاعد للمجلس تخصص لكتلة السلام.

وقال الناطق الرسمي باسم وفد الحكومة إلى مفاوضات السلام، محمد حسن التعايشي، إن “وفد الحركات المسلحة طلب مهلة إلى الأحد للرد على تصور الحكومة بشأن مشاركة مسار دارفور في مجلس الوزراء والمجلس التشريعي، وأن الجانبين إذا توصلا إلى تفاهم حول هذه النقطة سيتم الاتفاق على كيفية المشاركة في أجهزة السلطة الانتقالية”.

ويقلل مراقبون من إمكانية الوصول إلى تفاهمات نهائية بين الطرفين بشأن ملفي السلطة والثروة، خلال جلسة الأحد، لأن الحكومة تسعى لتقسيم المناصب في السلطة الإدارية على مستوى الجبهة الثورية، وليس كل مسار على حدة، بينما يصّر مسار دارفور على أن يكون له حصته من السلطة بمفرده، بعيداً عن باقي المسارات. ويعد مسار دارفور أحد أصعب ملفات التفاوض في جوبا، لتداخل أطراف إقليمية عدة تسعى للحفاظ على مصالحها في الإقليم المضطرب منذ سنوات، تحديداً قطر التي رعت اتفاقاً هشاً للسلام عام 2011 تحت مسمى “وثيقة الدوحة للسلام”، فيما يعاني المسار من عدم اعتراف أطراف قبلية وحركات مسلحة بمفاوضات جوبا.

شوقي عبدالعظيم: لا تزال الحركات المسلحة تبحث عن مكاسب سياسية
شوقي عبدالعظيم: لا تزال الحركات المسلحة تبحث عن مكاسب سياسية

وقال الناطق الرسمي، باسم حركة العدل والمساواة، معتصم أحمد صالح، إن “المفاوضات مازالت تسير على أشواك عديدة، وموافقة الحكومة على مطالب حركات دارفور بشأن السلطة الانتقالية تفتح الباب أمام حل الملفات العالقة، وتصلبها في هذا الملف يعيق الباقي”.

وأضاف لـ“العرب”، أن “تمسك حركات دارفور بتمثيلها بشكل مستقل في السلطة يرجع لأن الصراع المسلح القائم منذ سنوات يقوم على وجود اختلالات في الإقليم، وينهي ضمان تمثيل أبناء دارفور في السلطة حالة انعدام الثقة بين المركز والهامش”. وقدمت الحركات المسلحة التفاوضية (مسار دارفور)، مطلع هذا الشهر، ورقة مطالبها إلى الحكومة الانتقالية، شملت إعادة هيكلة مجلس السيادة الانتقالي، ومؤسسات الدولة والفترة الانتقالية، واختيار 4 من أعضائه بواسطة اتفاق سلام دارفور، على أن تؤول رئاسة الفترة الانتقالية الثانية في مجلس السيادة (بعد انتهاء رئاسة الجيش) لشخص من دارفور.

وشملت المناقشات إعادة تشكيل مجلس الوزراء الحالي وتخصيص 30 في المئة من الوزارات الاتحادية، بينها وزارتان سياديتان، ونسبة 30 في المئة من وزراء الدولة، وتخصيص نسبة 30 في المئة من مقاعد المجلس التشريعي القومي ورؤساء اللجان المتخصصة للإقليم.

وسلطت وساطة جنوب السودان الضوء على القضايا العالقة في ملفي السلطة والثروة، وعلى رأسها مطالبة الحركات المسلحة باستثنائها من شرط عدم ترشح الشخصيات الممثلة في السلطة الحالية في الانتخابات التي تعقب المرحلة الانتقالية ومطالبة الحركات بأن تكون هذه المرحلة لمدة 4 سنوات، من بعد التوقيع على اتفاق سلام، وليس من تاريخ توقيع الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس الماضي.

وقال عضو لجنة الوساطة، ضيو مطوك، إن “الحركات الممثلة في دارفور قدمت هذه المطالبات من فترة طويلة، ولم يجر التوصل إلى حلول بشأنها، مؤكدا على أن “المواقف كانت متباعدة بين الطرفين، إلا أن جلسة الخميس الماضي شهدت طرح أفكار قد تساعد على التقارب”.

ويبدو واضحاً أن هناك أزمة انعدام ثقة ما زالت قائمة بين الحركات المسلحة والحكومة الانتقالية، خاصة الجزء المتعلق بالمشاركة في السلطة، وعدم تخلي الحركات بشكل كامل عن تنفيذ أجندة أطراف إقليمية قريبة منها تجعل الحكومة الانتقالية متشددة في ملفات السلطة والترتيبات الأمنية.

وألقى المحلل السياسي، شوقي عبدالعظيم، الضوء على وجود مشكلات في منهجية التفاوض بوجه العام، لأن العديد من الملفات التي أحرزت تقدما في مسار دارفور وغيره تعرضت لانتكاسات تسببت في عدم التوقيع النهائي، وهو أمر قد يكون متوقعاً بالنسبة لملف السلطة الذي بحاجة إلى جهود مكثفة للتغلب على صعوباته.

وأوضح لـ”العرب”، أن الارتباك يسود الجبهة الثورية والحكومة الانتقالية أيضاً، لأن مفوضية السلام التي أعطتها المصفوفة الموقّعة أخيراً الحق في أن تكون المسؤول الأول عن المفاوضات لم تمارس دورها بعد، ولا تزال الحركات المسلحة تبحث عن مكاسب سياسية في وقت تعاني فيه المرحلة الانتقالية من مشكلات قد تبدد المكاسب التي حققتها عبر المفاوضات.

2