السودان دون مراسلين أجانب.. كيف يغطي الإعلام الدولي الأحداث

خطابات محرضة ضد صحافيين ومراسلي قنوات فضائية لمنع التغطية.
السبت 2023/04/29
ماذا يحدث

مع مغادرة الصحافيين ومراسلي الإعلام الأجنبي السودان، خوفا على حياتهم، باتت الخرطوم بمثابة نقطة معتمة إخباريا ومسرحا لانتشار الأخبار الكاذبة والمضللة.

الخرطوم - بدأ منذ أيام إجلاء المراسلين الأجانب وممثلي وسائل الإعلام الدولي من السودان، مع احتدام القتال الدائر بين طرفي النزاع، لتصبح التغطية الإعلامية للمعارك أكثر صعوبة في ظل العراقيل التي يواجهها الصحافيون المحليون في محاولاتهم لنقل الوقائع.

وتجد وسائل الإعلام المحلية صعوبة بالغة في نقل الأخبار وما يجري على الأرض، مع توقف بثّ التلفزيون والإذاعة الحكوميتين في الساعات الأولى من اندلاع المعارك، ومعهما توقفت كلّ الإذاعات وقنوات التلفزيون والصحف الورقية.

ويواجه الصحافيون عراقيل لوجيستية تتعلق بصعوبة الوصول إلى بعض المواقع القتالية بسبب إغلاق الطرق، إضافة إلى أن تلك المواقع قد تكون مكشوفة، مما قد يعرض الفرق الإعلامية لمخاطر أكبر، وهو ما باتت وسائل الإعلام الكبرى ترفض مواجهته وتفضل سلامة صحافييها على السبق الصحفي والتغطية الإعلامية.

وتواصل الدول الغربية والعربية إجلاء رعاياها من السودان، ومن بينهم صحافيون وإعلاميون، مستفيدة من دخول هدنة جديدة حيز التنفيذ لمدة 72 ساعة بين طرفي النزاع في البلاد، بوساطة سعودية – أميركية، في حين يُثار التساؤل عن مصير التغطية الإعلامية ونقل المعلومات إلى سكان مختلف مناطق العالم لمعرفة ما يجري وحتى نقلها إلى المواطنين السودانيين أنفسهم الذين لا يعرفون ما يجري خارج بيوتهم.

مغادرة الصحافيين ستفتح الباب واسعا لزيادة تدفق الأخبار بشكل كبير على رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع استمرار الاشتباكات في السودان

ويقول متابعون إن مغادرة الصحافيين ستفتح الباب واسعا لزيادة تدفق الأخبار بشكل كبير على رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع استمرار الاشتباكات في السودان. وبسبب ضبابية المشهد وصعوبة التغطية الصحفية نتيجة خطورة الأوضاع الأمنية، ستكون الأخبار المزيفة سيدة الموقف.

ويعتمد السودانيون لمعرفة الأوضاع على القنوات الفضائية الإخبارية العربية والدولية، خصوصا إثر انقطاع خدمة الإنترنت في العديد من المرات، لكن حتى هذه المنافذ الإخبارية باتت تغطيتها مهددة بالارتباك بعد مغادرة ممثليها الخرطوم بسبب المخاطر.

وحذرت نقابة الصحافيين السودانيين الجمعة من تعرض الإعلاميين في البلاد للخطر، بعد رصدها “خطابات عسكرية ومدنية تحريضية” ضدهم.

وأفادت النقابة في بيان عبر صفحتها على فيسبوك بأنها “رصدت خطابات محرضة متداولة على الإنترنت لمسؤولين عسكريين ومواطنين ضد صحافيين ومراسلي قنوات فضائية”.

وأشارت إلى أن التحريض “يتنافى مع القوانين والأخلاق والأعراف المتفق عليها بخصوص حماية الصحافيين”.

وقالت النقابة إنها “تأخذ التحريض ضد الصحافيات والصحافيين، خاصة من العسكريين، على محمل الجد، وتحمّلهم كامل المسؤولية في حال تعرضهم لأي اعتداء”.

نقابة الصحافيين السودانيين حذرت من تعرض الإعلاميين في البلاد للخطر، بعد رصدها "خطابات عسكرية ومدنية تحريضية" ضدهم

وأضافت أن “الاستثمار في ردود أفعال بعض المواطنين بخطابات التحريض ضد الصحافيين هو أمر بالغ الخطورة، في أوضاع ملتهبة جراء الحرب الدائرة”. وأكدت النقابة أنها “ستقف ضد التحريض بكل قوة وحزم”.

وعبرت نقابة الصحافيين السودانيين عن “أملها من طرفي الحرب (الجيش وقوات التدخل السريع) والمدنيين، بعدم التعرض للصحافيين أو التحريض ضدهم أثناء تأديتهم مهامهم”.

وفي نفس الوقت تقول قوات الدعم السريع في السودان إنها تصدت لـ”هجوم غادر من قوات الانقلابيين والفلول. وقامت قواتنا بمطاردة القوة المعتدية حتى أوصلتها إلى معسكرها الذي استولت عليه بالكامل”.

بدوره، دعا اتحاد الصحافيين السودانيين الأحد سلطات البلاد إلى إجلاء المراسلين الذين لا يستطيعون مغادرة مكاتبهم وسط العاصمة السودانية الخرطوم بسبب القصف.

ونقل التقرير عن رئيسة قناة “آر. تي العربية” الروسية مايا مناع قولها إن نقابة الصحافيين حثت السلطات السودانية على إجلاء زملائهم العاملين في “آر. تي” وقناة “الحرة”، مؤكدة أن الموظفين يواجهون ظروفا قاسية.

مسألة تضارب البيانات بين الجيش وقوات الدعم السريع تبرز لتزيد من صعوبة الاعتماد على المصادر للتدقيق في المعلومات

ونُقل عن أحد مراسلي “آر. تي العربية” (يقيم حاليًا مع فريقه في مكتب الإذاعة) قوله إنهم لا يحصلون على الطعام أو الماء منذ يوم السبت ولا يمكنهم الخروج من المبنى بسبب القتال العنيف بين الجيش النظامي السوداني وقوات الدعم السريع.

وتبرز مسألة تضارب البيانات بين الجيش وقوات الدعم السريع لتزيد من صعوبة الاعتماد على المصادر للتدقيق في المعلومات، سواء بالنسبة إلى الصحافيين المحليين أو بخصوص الأجانب؛ فرغم توافق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ليلة 27 أبريل الجاري على تجديد هدنة إنسانية بوساطة أميركية، إلا أن الاشتباكات بين الطرفين استُؤنِفت صباح الجمعة. وبالإضافة إلى القذائف والرصاص يتبادل الجيش وقوات الدعم السريع أيضا الاتهامات بالمسؤولية عن المعارك الدائرة في البلاد، كما تتبادل القوتان حرب المعلومات خصوصا بشأن السيطرة على المواقع الحساسة.

ويبدو من الصعب جدا معرفة ما يجري بدقة في البلاد وسط التصريحات المتضاربة. ويصعب التحقق من المعطيات الميدانية جراء خطر التنقّل، فالتدقيق في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليس أقل تعقيدا، خصوصا وأن جزءا كبيرا يبثّ عمدا خدمة لأحد طرفي النزاع.

ويقول محمد سليمان، الباحث في ملف التضليل بجامعة نورث إيسترن في مدينة بوسطن الأميركية، إن الجانبين نشرا “حقائق ملتوية” في حملة إعلامية لخلق “حالة من الخوف” تسيطر على الناس.

5