السودان: تنصل إثيوبيا من الاتفاقات الدولية يهدد سيادتها على أرض سد النهضة

الخرطوم تحذر أديس أبابا من الاستمرار في عرقلة التفاوض لفرض سياسات الأمر الواقع، معتبرة أن ذلك لا يخدم حسن الجوار وأمن الإقليم.
السبت 2021/05/01
لا حل في الأفق

الخرطوم - اعتبرت وزارة الخارجية السودانية، أن تنصل إثيوبيا من الاتفاقيات السابقة يعني المساس بسيادتها على إقليم بني شنقول المبني عليه سد النهضة، والذي انتقل إليها بموجب البعض من هذه الاتفاقيات.

جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية مساء الجمعة، أدان فيه السودان "أحاديث المسؤولين الإثيوبيين" عن أن الخرطوم تعمل على إلزام إثيوبيا بما تسميه "اتفاقيات استعمارية" حول مياه النيل واتفاقيات الحدود بين البلدين.

وكانت الحدود الإثيوبية – السودانية محل نزاعات بين البلدين منذ أكثر من قرن، وتم التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود لأول مرة في عام 1902، بأديس أبابا بين إثيوبيا وبريطانيا (نيابة عن السودان).

وقالت الخارجية السودانية إن "التنصل من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بإطلاق التصريحات وتعبئة الرأي العام المحلي ضدها لأسباب سياسية محلية، إجراء يتسم بعدم المسؤولية ومن شأنه أن يسمم مناخ العلاقات الدولية ويجعله عرضة للإرادات المنفردة ويشيع فيها الفوضى ويقوض أسس حسن الجوار". 

وأشارت إلى أن "الادعاء الإثيوبي بأن الاتفاقيات المعنية إرث استعماري لا يعتد به هو مغالطة صريحة للوقائع التاريخية، فلقد كانت إثيوبيا دولة مستقلة ذات سيادة وعضوا في المجتمع الدولي وقت إبرام تلك الاتفاقيات، بينما كان السودان خاضعا للاستعمار الثنائي".

وحذرت الخارجية السودانية من أن الاستمرار في عرقلة التفاوض لفرض سياسات الأمر الواقع لا يخدم حسن الجوار وأمن الإقليم.

ويرى مراقبون أن تمسك كل طرف بروايته سينعكس بلا شك على جهود إطلاق مفاوضات جدية لتحقيق تسوية للأزمة الحدودية التي شكلت أحد المنغصات للعلاقات بين الجانبين، وكادت أن تتسبب مؤخرا في تصعيد عسكري بينهما.

وشهدت الحدود السودانية – الإثيوبية أواخر العام الماضي توترات عسكرية على خلفية مهاجمة مجموعة من القوات الإثيوبية جنودا سودانيين ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. واستغل الجيش السوداني هذا الاستفزاز ليتقدم ويبسط سيطرته على معظم منطقة الفشقة التي يعتبرها أراضي سودانية، بينما تقول إثيوبيا العكس.

ولفتت الخارجية السودانية إلى أن "جر إثيوبيا النقاش غير موضوع التفاوض، وهو ملء وتشغيل سد النهضة، غير منتج ولا هدف له إلا الاستمرار في عرقلة التفاوض سعيا لفرض سياسات الأمر الواقع التي لا تخدم قضايا حسن الجوار وأمن واستقرار الإقليم والقارة".

ودعت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي القادة الأفارقة للضغط على إثيوبيا من أجل الوصول إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة.

وفي وقت سابق، قالت الخارجية الإثيوبية، إن اهتماماتها الحالية منصبة على التفاوض بشأن الملء فقط وترك النواحي الأخرى من تقاسم المياه إلى وقت آخر.

وقالت المهدي إن بلادها طالبت بتوسعة الوساطة بشأن أزمة سد النهضة "لحرصنا على مفاوضات منتجة" بين الأطراف الثلاثة.

وجاءت تصريحات وزيرة الخارجية السودانية على هامش جولة أفريقية التقت خلالها الرئيس الكيني أوهورو كنياتا، والرئيس الرواندي بول كاغامي، لشرح موقف السودان بشأن مفاوضات سد النهضة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي "طول أمد المفاوضات خلال الفترة الماضية جزء منها تتحمله دولتا المصب التي خرجت 9 مرات عن المفاوضات".

وأشار إلى أن بلاده ما زالت تعول على استئناف المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، "وهذا ما أكدناه للمجتمع الدولي من خلال اللقاءات والاتصالات المختلفة". 

ولفت إلى أن "الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل التي تتمسك بها دولتا المصب لا يمكن قبولها وغير معقولة".

ويعد الملء الثاني للسد دون التوصل إلى اتفاق ملزم أكثر نقاط الخلاف حساسية بين إثيوبيا من جهة وكلّ من مصر والسودان من جهة أخرى.

وتتبادل القاهرة وأديس أبابا الاتهامات حول مسؤولية فشل المفاوضات؛ حيث فشلت مفاوضات مصر والسودان (دولتي المصب) وإثيوبيا (دولة المنبع) في جولتها الأخيرة التي عقدت في عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا مطلع أبريل الجاري، في التوصل إلى اتفاق ملزم حول السد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق وتخشى القاهرة والخرطوم من تأثيراته السلبية المحتملة.