السودان بصدد مراجعة علاقاته العسكرية مع روسيا

الخرطوم - أعلن الجيش السوداني أنه بصدد مراجعة الاتفاقية العسكرية مع روسيا بما فيها القاعدة العسكرية على البحر الأحمر، مشيرا كذلك إلى استعادة قوات بلاده 92 في المئة من الأراضي السودانية على الحدود شرقي إثيوبيا.
وقال رئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين في مقابلة تلفزيونية بثتها قناة النيل الأزرق (الخاصة) مساء الثلاثاء، إن الجيش السوداني إبان العقوبات الأميركية اتجه لروسيا وارتبطت مصالحه العسكرية بموسكو خلال الأعوام الماضية.
وأشار إلى أن الجيش السوداني أجرى ويجري مباحثات بشأن الاتفاقية العسكرية، لافتا إلى أن آخر تلك المباحثات كانت في 20 مايو الماضي مع نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين، خلال زيارته للخرطوم.
وأضاف الحسين موضحا أن "الاتفاقية لم تعرض على المجلس التشريعي ولم تتم إجازتها، ونعتبر أن عدم الاعتماد من البرلمان فرصة لمراجعتها".
وتابع "الآن الاتفاقية تحت المراجعة مع الجانب الروسي ويمكن أن تلغى أو تعدل"، مؤكدا أنه ستتم إعادة النظر في الاتفاقية مع روسيا ببنودها السابقة.
وشدد رئيس أركان الجيش السوداني على أن "الاتفاقية مع روسيا بها بعض البنود المضرة بالبلاد".
وفي 2017 لم تتحمس موسكو لطلب الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير (1989 – 2019)، إنشاء قاعدة عسكرية روسية في بلاده.
وفي السنوات الأخيرة عملت موسكو على تعزيز نفوذها في أفريقيا من بوابة السودان، خاصة في المجال العسكري عبر إقامة مشاريع في المجال النووي المدني، في موازاة مع واشنطن أيضا الساعية لتركيز نفوذها في المنطقة.
ونشطت موسكو مؤخرا في الحديث عن اتفاقية وقعتها مع الخرطوم لإقامة قاعدة عسكرية روسية شرقي السودان على البحر الأحمر، فيما تعاملت الخرطوم مع الأمر بالنفي.
وفي مايو 2019 كشفت موسكو عن بنود اتفاقية مع الخرطوم، لتسهيل دخول السفن الحربية إلى موانئ البلدين، بعد أن دخلت حيز التنفيذ.
وصادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 16 نوفمبر 2020 على إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان، قادرة على استيعاب سفن تعمل بالطاقة النووية.
وبشأن العلاقات مع واشنطن قال الحسين إنها "بدأت تعود إلى سابق عهدها ولا يزال الأميركيون يتلمسون طريقهم مع السودان بعد انقطاع طويل"، مضيفا "نحن منفتحين على علاقتنا مع واشنطن والتعاون معها".
وفي 14 ديسمبر الماضي أعلنت السفارة الأميركية لدى الخرطوم عن بدء سريان قرار إلغاء تصنيف السودان "دولة راعية للإرهاب".
وكانت الولايات المتحدة تدرج السودان منذ عام 1993 على قائمة ما تعتبره "دولا راعية للإرهاب"، لاستضافته آنذاك الزعيم الراحل لتنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن.
ويثير التقارب السوداني الروسي مخاوف الإدارة الأميركية الجديدة، التي ترى في موسكو تهديدا لتواجدها في مناطق النفوذ، وخاصة في أفريقيا.
ولا تخفى محاولات واشنطن التي تشعر بالقلق من الوجود الروسي لقطع الطريق على طموحات موسكو، خاصة بعد نشر نص اتفاقية بين روسيا والسودان حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر.
وشهدت العلاقات السودانية الأميركية تقاربا كبيرا بعد رفع اسم السودان من قوائم الإرهاب، وتوقيع الخرطوم اتفاق سلام مع إسرائيل برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وقال الحسين إن قوات بلاده استردت 92 في المئة من أراضيها على الحدود الشرقية مع إثيوبيا.
وأضاف أن "الجيش السوداني يسيطر على 92 في المئة من أراضي الفشقة على الحدود الشرقية للسودان مع إثيوبيا، وتبقت نسبة 8 في المئة وتشمل 4 مواقع – لم يحددها – لم تصلها قواتنا في حدودنا السودانية مع إثيوبيا".
وردا على سؤال بخصوص هل ستتقدم القوات السودانية لاسترداد بقية الأراضي من الإثيوبيين، قال الحسين "للظرف الحالي توقفنا هنا ولكن المواقف قد تتغير من حين إلى آخر وهذا شأن عسكري".
وتابع "القوات المسلحة لا تخوض حربا عند حدودنا الشرقية مع الجارة إثيوبيا، وإنما هذه الأراضي التي انفتحت فيها قواتنا المسلحة هي أراض سودانية كانت موجودة بها قواتنا قبل 25 عاما، قبل احتلالها من قبل إخوتنا الإثيوبيين".
وحول المبادرات الإقليمية بخصوص الحدود بين السودان وإثيوبيا والاستثمار في أراضي الفشقة، رد الحسين "مهما تعددت المبادرات نحن يهمنا أن تكثف علامات الحدود بيننا وبين الجارة إثيوبيا كما نصت اتفاقية عام 1902، أما أمر الاستثمار في الأراضي فهذا شأن مؤسسات سودانية أخرى".
وفي 27 مايو الماضي أكد الجيش السوداني هدوء الأوضاع عند الحدود الشرقية مع إثيوبيا، نافيا أنباء تناقلتها العديد من وسائل الإعلام، وأشارت إلى وقوع اشتباكات بينه وبين نظيره الإثيوبي.
ومنذ أشهر تشهد الحدود السودانية الإثيوبية توترا أمنيا، بعد إعلان الخرطوم نهاية 2020 السيطرة على أراض قالت إنها تتبعها في منطقة حدودية مع إثيوبيا، بينما تتهم أديس أبابا الجيش السوداني بالاستيلاء على معسكرات داخل أراضيها، وهو ما تنفيه الخرطوم.
ورأى الحسين خلال رده على أسئلة القناة حول التخوف الإثيوبي من تكثيف المناورات العسكرية السودانية والمصرية، بأنه "مبرر إذا حدث".
وأردف "التخوف الإثيوبي إذا حدث مبرر، من المنطق أن إثيوبيا لديها مشكلتان معنا في الحدود وفي سد النهضة، ومع مصر لديها مشكلة واحدة، لكن الإثيوبيين يعلمون أننا منفتحون على كل دول الإقليمين العربي والأفريقي من حيث التدريب وتوقيع الاتفاقيات العسكرية".
وأضاف "بل نحن منفحتون في التدريب العسكري حتى مع الدول الصديقة التي لا تجاورنا، لدينا اتفاقيات مع باكستان والصين والهند وكينيا ودول شرق أفريقيا".
وأكد أن المشاريع العسكرية التدريبية خلال الفترة الانتقالية أقل بكثير عما كانت عليه قبل النظام السابق.
وأشار إلى أن التركيز في التدريب العسكري مع مصر بسبب التقارب الحدودي بين البلدين، الذي يسهل حركة تنقل القوات من بلد إلى آخر.