السودان أمام تحدي الالتزام باتفاق السلام

توقيع اتفاق السلام خطوة أولى نحو استقرار البلاد وتحقيق التحول الديمقراطي في السودان.
السبت 2020/10/03
مطلب شعبي

جوبا – وقعت السلطة الانتقالية بالسودان والجبهة الثورية التي تضم في عضويتها حركات مسلحة وتنظيمات سياسية، على اتفاقية سلام السبت، تهدف لحل عقود من الصراعات الإقليمية التي أدت إلى تشريد الملايين ووفاة مئات الآلاف.

ووقع عن وفد الحكومة السودانية نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو حميدتي، وعن “حركة العدل والمساواة” جبريل ابراهيم، و”الحركة الشعبية،شمال” مالك عقار.

كما وقع عن “الجبهة الشعبية المتحدة، مسار شرق السودان” خالد إدريس، و”مؤتمر البجا المعارض، مسار شرق السودان” أسامة سعيد، و”مسار شمال السودان” رئيس “حركة كوش” محمد داؤد و”ممثل كيان الشمال” محمد سر الختم، وعن “مسار وسط السودان” التوم هجو.

وفي بدء مراسم التوقيع، قال رئيس وساطة دولة جنوب السودان، توت قلواك، “نحن سعداء جدا.. مبروك للشعب السوداني أولا، والحمد لله وبتوفيق ربنا، تحقق السلام (السوداني) في جوبا”.

وحضر مراسم التوقيع، رئيسا مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إضافة لرؤساء دول جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وجيبوتي إسماعيل قيلي، والصومال محمد عبد الله فرماجو، وتشاد إدريس ديبي.

ووقع سلفاكير وديبي والبرهان وممثلو دول قطر ومصر والإمارات والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة، كشهود وضامنين للاتفاق.

وخلال مراسم التوقيع، منحت الفيدرالية الدولية للسلام سلفاكير وتوت قلواك وضيو مطوك جائزة “سفراء السلام ” لدورهم في تحقيق السلام بالسودان.

بدوره، قال المبعوث الأمريكي للسودان دونالد بوث إن بلاده ستتصدى لكل من يحاول زعزعة الانتقال الديمقراطي في السودان.

ودعا بوث، رئيسا الحركة الشعبية لقطاع الشمال،عبد العزيز الحلو وحركة “تحرير السودان” عبد الواحد محمد نور للانضمام إلى السلام في البلاد.

وقال توت قلواك كبير وسطاء جنوب السودان في تصريح قبيل حفل السبت المقرر في جوبا إن الهدف هو توقيع اتفاقيات مع كل الجماعات المسلحة، موضحا أن “الأطراف ستوقع على اتفاقها النهائي…وانطلاقا من ذلك سنواصل الانخراط مع جماعات المقاومة الأخرى”.

وكان رئيس لجنة الوساطة قد أعلن في مؤتمر صحافي الخميس أن التوقيع النهائي سيحضره رؤساء دول وحكومات في الإقليم، والعالم العربي، وممثلون عن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وستوقع الأطراف على ستة برتوكولات لإنهاء الصراع في السودان.

وسيحضر المراسم زعماء كينيا وإثيوبيا وتشاد ومصر ووزير الخارجية السعودي.

ويخشى متابعون استمرار حالة الفوضى والاشتباكات المتقطعة التي تندلع بين قبائل شرق السودان عقب التوقيع على السلام، ما قد يؤدي إلى التهديد بانفصال جزء آخر من السودان، يشكل أهمية اقتصادية واستراتيجية باعتباره المنطقة الوحيدة المطلة على سواحل البحر الأحمر.

وعقدالجمعة بالقصر الرئاسي بمدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان اجتماع ثلاثي ضمّ رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفاكير ميارديت ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس الحركة الشعبية شمال القائد عبد العزيز الحلو.

وتداول المشاركون في الاجتماع تطور العملية السلميّة بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية مؤكدين أن استكمال السلام العادل الشامل بالسودان هو أمر مصيري لدولتي السودان وجنوب السودان بما يخدم الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلدين.

وفي وقت سابق الجمعة، أعلن محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عبر حسابه على تويتر: "التقيت، الجمعة، بجوبا (عاصمة جنوب السودان)، المبعوث الأميركي للخرطوم دونالد بوث، وناقشنا اتفاق السلام الذي سيوقّع السبت".وأضاف: "دار بيننا حوار جيد، حول خطوات تنفيذ الاتفاق، ودور المجتمع الدولي الذي يجب أن يلعبه، وأكدنا ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بدوره في دعم عملية السلام في السودان".

ونقل مجلس السيادة، في بيان، عن بوث، قوله إنه "سيواصل العمل مع السودان، من أجل حث الأطراف الأخرى غير الموقعة على اتفاق السلام، والوصول لسلام شامل وكامل".

وتابع بوث: "تناقشت مع رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال، عبد العزيز الحلو، ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، بشأن العودة إلى طاولة المفاوضات".

من جهته قال رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس، في تصريحات سابقة، إن الثالث من أكتوبر "سيكون يوما عظيما في تاريخ السودان".

وأوضح أن إيقاف الحرب من الأشياء الأساسية التي تم الاتفاق حولها عقب ثورة ديسمبر لتحقيق التحول الديمقراطي، قائلا "نحن على أعتاب سلام شامل يؤسس لاستقرار البلاد وتحقيق التحول الديمقراطي".

ووقعت ثلاث جماعات رئيسية متمثلة في فصيلين من إقليم دارفور بغرب البلاد وفصيل ثالث من جنوب البلاد، على اتفاق مبدئي في أغسطس، وذلك بعد محادثات سلام استمرت عدة أشهر في دولة جنوب السودان.

ويتضمن الاتفاق مسألة مهمة تتعلق، بالدرجة الأولى، بالسلام والعدالة والحقوق والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وهو يقضي بإنهاء التمييز من خلال إجراءات محددة من بينها جعل لغات الأقليات رسمية، كما يفترض أن يحمي الاتفاق الحريات الدينية ويضمن للمسيحيين وأتباع الديانات المحلية بأن يتعبدوا في سلام.

وبموجب الاتفاق، يتعين أن تشكل المرأة 40 في المئة من الوظائف الحكومية على كل المستويات وسيكون للمتمردين دور في حكومات الولايات. 

ولم توقع على الاتفاق حركة تمرد رئيسية أخرى يقودها عبدالعزيز الحلو ولكن الأخير وقع مطلع سبتمبر اتفاقا منفصلا مع الحكومة السودانية. وتعتبر جبال النوبة في جنوب كردفان معقل الحلو وهي منطقة تعيش فيها طائفة مسيحية كبيرة.

وبموجب هذا الاتفاق المنفصل ستحتفظ قوات الحلو بسلاحها من أجل “الحماية الذاتية” إلى أن يتم تغيير الدستور السوداني لينص على الفصل بين الدين والدولة.

ووافقت في الشهر الماضي الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة الحلو، على إجراء محادثات جديدة تستضيفها جنوب السودان.

ويضع الاتفاق شروطا لدمج المتمردين في قوات الأمن وتمثيلهم سياسيا وحصولهم على حقوق اقتصادية وحقوق حيازة أراض. وسيقدم صندوق جديد 750 مليون دولار سنويا على مدار عشر سنوات لمناطق الجنوب والغرب الفقيرة كما يضمن الاتفاق فرصة عودة المشردين.

وقال جاك محمود جاك المتحدث باسم فصيل الحلو إن جماعته لن تشارك في الحفل لكنه أوضح أنها مستعدة لبدء مفاوضات منفصلة مع الحكومة السودانية.

وجرى التفاوض بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية على أساس المسارات، وهي شمال وشرق ووسط السودان، إضافة إلى مساري دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).

وبموجب الاتفاق، سيشارك قادة الجبهة الثورية في إدارة البلاد، على مستوى المجلس السيادي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي، إضافة إلى المشاركة في حكم موسع لإقليمي دارفور والمنطقتين.

ومن المفترض أن يتم إدماج مقاتلي المجموعات المتمردة تدريجيا في قوات الأمن الحكومية، عقب توقيع اتفاق السلام. وقد تم وضع جدول زمني لتدريب ثم إدماج هؤلاء المقاتلين، ولكن ذلك مرتبط أيضا بكيفية تقاسم السلطة بين هذه الأطراف.

واندلع التمرد في إقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق جنوب البلاد في العام 2011 بعد سنوات من توقف الحرب بين شمال وجنوب السودان، التي استمرت من 1983 حتى 2005.