السوداني يوحي بالتحلل من قيود إيران السياسية بانفتاحه عربيّا

القاهرة- قام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بأول زيارة له إلى مصر الأحد، بحث أثناءها حزمة من الملفات تتعلق بالتعاون المشترك بين بغداد والقاهرة، وبعث من خلالها رسائل ضمنية تشير إلى تمسكه بتطوير علاقاته العربية.
واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وكبار المسؤولين في القاهرة السوداني والوفد المرافق له، وجرت مناقشات حول سبل وضع مخطط تفصيلي للمشاريع المشتركة والأعمال التي يمكن لمصر أن تنهض بها في العراق.
وتشكل زيارة القاهرة محطة أخرى في جولات السوداني التي شملت من قبل الكويت والأردن والإمارات، لتأكيد حرصه على تعزيز البعد العربي في علاقات العراق الإقليمية، وهي إشارة توحي بأن بغداد لن تبقى حكرا على طهران.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي الأحد دعم القاهرة للعراق، والاعتزاز بالعلاقات الإستراتيجية معه، والثوابت الراسخة للسياسة المصرية فيما يتعلق بمساندة العراق وتقديم الدعم الكامل لشعبه على مختلف الأصعدة.
وأعرب الرئيس السيسي عن حرص بلاده على تفعيل وتنويع أطر التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، والإسراع في تنفيذ المشاريع المشتركة وفقاً لاحتياجات الشعب العراقي، بما يعزز التكامل ويحقق الأهداف التنموية ومواصلة العمل في إطار آلية التعاون الثلاثي مع الأردن.
وأشاد السوداني بالروابط الأخوية الوثيقة والتاريخية التي تجمع البلدين، معربا عن تقديره لجهود مصر الداعمة للعراق. وأكد أيضا حرص بلاده على تعزيز التعاون الثنائي واستطلاع آليات دفعها نحو آفاق أرحب.
وذكر حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري سابقا، لـ”العرب” أن زيارة السوداني “استكمال لسياسة سلفه (مصطفى الكاظمي) للانفتاح على الدول العربية والتعاون مع مصر والأردن ودول الخليج العربي، ومحاولة إحداث حالة من التوازن بين علاقات بغداد العربية وإيران”.
وأضاف أن السوداني مهتم بتسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المشتركة في إطار آلية التعاون الثلاثي بين بلاده ومصر والأردن، وهناك فرصة للتشاور بشأن ملفات ستطرح أثناء القمة العربية العادية المقبلة، أبرزها ملف عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة والوصول إلى توافق عربي ضروري في هذه المرحلة.
وأشار لـ”العرب” إلى استمرار التعاون في ملفات مكافحة الإرهاب وتذليل العقبات التي تواجهها الوزارات المعنية لدعم المبادرة المصرية في مجال إعادة الإعمار، وسط صعوبات أمنية تواجه العراق ويمكن أن تحول دون الشروع في تنفيذها.
◙ حكومة السوداني تعيش أوضاعا مستقرة، ولم تعد خاضعة لتجاذبات كبيرة من جانب أطراف سياسية متصارعة، ما يجعلها قادرة على تنفيذ المؤجل والمعطل
يمتلك العراق احتياطات نقدية ضخمة تمكنه من أن يوفر قاعدة للقيام بعدة مشاريع حيوية مع مصر في مجالات الربط الكهربائي والري وإنشاء الطرقات والمستشفيات والمدارس، ومشاريع تتعلق بصناعات محلية يمكن لمصر أن تقدم الخبرات فيها.
ويقول مراقبون إن الإنفاق على هذه المشاريع يخدم العراق من جهتين؛ تنفيذ مشاريع تنموية اشتدت الحاجة إليها بعد إهمال دام نحو عقدين من الزمن، وتحرير الاحتياطات النقدية الخاضعة لرقابة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
والتقى السيسي والسوداني من قبل في الأردن خلال مؤتمر “بغداد 2″، وضم اللقاء العاهل الأردني عبدالله الثاني، وتناول سبل تعزيز مسار التعاون بين الدول الثلاث.
وعبر السوداني حينئذ عن عزمه الارتقاء بعمل التكتل الثلاثي إلى مستويات أرقى، ووضع الأطر التنفيذية للمشاريع التي تناولتها القمم الثلاثية السابقة.
وترأس السوداني اجتماعات اللجنة العراقية – المصرية المشتركة في القاهرة، حيث تم بحث ورقة العمل العراقية التي تطرق إليها الاجتماع التحضيري الذي قاده وزير التجارة العراقي أثير الغريري الأسبوع الماضي.
وأوضح رائد العزاوي، مدير مركز الأمصار للدراسات والأبحاث في بغداد، أن زيارة السوداني إلى القاهرة تأتي ضمن جهود حكومته لتطوير علاقة العراق مع محيطه الإقليمي والعربي بشكل خاص، فمن الضروري أن يكون لمصر دور هام في إعادة تأهيل البنى التحتية وشبكة الكهرباء وقطاع الغاز الطبيعي والبترول لإمكانياتها الكبيرة.
ويأمل مسؤولون في الأردن ألّا تغفل الزيارة مشاريع العمل المقترحة بين الدول الثلاث، والتي تناولتها قمم عقدت بين زعماء البلدان الثلاث ولم تجد سبيلا للتنفيذ بسبب الأوضاع الحرجة التي كان يعانيها العراق.
وتفيد بعض التقديرات بأن حكومة السوداني تعيش أوضاعا مستقرة، ولم تعد خاضعة لتجاذبات كبيرة من جانب أطراف سياسية متصارعة، ما يجعلها قادرة على تنفيذ المؤجل والمعطل من المشاريع المشتركة، خاصة وأن العوائد المنتظرة منها تخدم جميع الأطراف، ولا تقتصر على تقديم الخدمات مقابل المال.
ويمثل توطيد العلاقات مع الأردن ومصر أهمية سياسية كبيرة بالنسبة إلى السوداني؛ إذ يؤكد ذلك على أن حكومته معنية بالمشاريع التي يجري تنفيذها على أرض الواقع.
وتحرص بغداد على بعث إشارات إلى واشنطن تفيد بأنها تسعى لتنفيذ أجندة معلنة وخاصة بحكومتها، وليست خاضعة تماما لنفوذ طهران.
كما أن الميليشيات التابعة لإيران في العراق لن تقف حجر عثرة أمام ما يريد السوداني تنفيذه من مشاريع؛ حيث ظلت ميليشيات عديدة تعرقل أي توجه عراقي نحو الدائرة العربية، وتعمل على تكريس كل المشاريع المحتملة لصالح إيران.
وشدد أحمد الصفدي، رئيس مجلس النواب الأردني، خلال كلمة له في أعمال المؤتمر الرابع والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي المنعقد في بغداد، على ضرورة العمل العربي المشترك، مؤكدا أن مصر والأردن حريصان على دعم أمن العراق واستقراره.
ولفت الصفدي إلى أن “الملك عبدالله الثاني وأخيه الرئيس السيسي ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كانوا يستكملون في الأردن قبل أشهر مشاريع ومبادرات مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بغية تحقيق أهداف التكامل الاقتصادي التي نأمل أن تنسحب فكرتها على بقية أقطار أمتنا، وهو هدف نبيل طالما آمن به الأردن ونادى به في سبيل تعزيز التضامن العربي”.
• اقرأ أيضا:
الكاظمي يحذر من مسار انتقامي يستهدف مسؤولين في الحكومة السابقة