السوداني يلمح إلى استيراد الغاز القطري والتركمانستاني عوضا عن الإيراني

بغداد – دفعت عودة انقطاعات التيار الكهربائي بفعل إيقاف إيران لإمدادات الغاز بعد تعثر سداد ديون بغداد المستحقة لطهران نتيجة العقوبات الأميركية، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى توجيه تعليمات بإيجاد بدائل عن الغاز الإيراني، مع الاستمرار بالجهود التي بدأتها الحكومة لاستيراد الغاز من تركمانستان وقطر.
وزادت في الآونة الأخيرة شكاوى العراقيين من كثرة انقطاعات التيار الكهربائي والتي تصل إلى 16 ساعة يوميا في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة بلغت مستويات قياسية في بعض المحافظات على الصعيد العالمي.
وعزت وزارة الكهرباء العراقية في وقت سابق عودة الانقطاعات إلى وقف إيران إمدادات الغاز التي تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية نتيجة عدم تسديد العراق ديونا مستحقة لها.
وتشكل هذه الانقطاعات إحراجا كبيرا للسوداني والمظلة السياسية الداعمة لحكومته ولاسيما الإطار التنسيقي الذي يخشى من عودة الاحتجاجات إلى الشارع، في وقت لا يزال يحاول فيه لملمة جراح حراك تشرين.
وعقد السوداني اجتماعا عاجلا مساء الاثنين مع مسؤولي الطاقة في العراق ضمّ الكوادر المتقدمة في وزارتي الكهرباء والنفط، وعدداً من المستشارين لمتابعة واقع إنتاج الكهرباء في البلاد.
وأكد السوداني خلال الاجتماع أن "الحكومة الحالية شخصت منذ استلامها المسؤولية، الأسباب الحقيقية لأزمة الكهرباء، وعملت على وضع الحلول بثلاثة مستويات، الحلول الآنية والمتوسطة والبعيدة، حيث تمثلت الحلول الآنية بإكمال مشاريع الصيانة واستكمال المحطات وتفعيل منظومات التبريد، وتنفيذ مشاريع فك الاختناقات المتعلقة بتوزيع الطاقة الكهربائية".
وأضاف أن "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تكللت بإيصال إنتاج الطاقة الكهربائية إلى مستوى 26 ألف ميغا واط، وهو الإنتاج الأعلى بتاريخ البلد، لكن استقرار هذا الإنتاج كان مرهونا بشرط استمرار الغاز الإيراني".
وأشار إلى أن "العقوبات الأميركية وعدم الالتزام بآلية دفع مستحقات الغاز المتفق عليها عام 2018، تسببتا بخفض التجهيز من الغاز الإيراني إلى أكثر من النصف، ما انعكس سلبا على منظومة الإنتاج الوطنية".
وبفعل العقوبات الأميركية على طهران، لا يمكن لبغداد أن تدفع مستحقات استيراد الغاز من إيران مباشرةً، بل ينبغي أن تستخدم طهران تلك الأموال لشراء سلع غذائية أو صحية. لكن هذه الآلية معقدة وغالباً ما تكون هناك تأخيرات.
ولترغم بغداد على دفع تلك المستحقات، تقطع إيران مراراً الإمدادات الضرورية لتشغيل محطات الكهرباء وتغطية ثلث احتياجات البلد الغني بالموارد النفطية، من الغاز.
وأوضح السوداني وفقا للبيان أن "الحكومة ماضية بخططها المتوسطة المتمثلة بتنفيذ العقود المبرمة مع شركة "توتال"، وأيضا عقود تراخيص الجولة الخامسة التي ستُسهم بإيجاد البدائل للغاز المستورد".
ووقّع العراق وشركة توتال إنرجيز الفرنسية العملاقة للنفط الاثنين اتفاقا مؤجلا منذ فترة طويلة بقيمة 27 مليار دولار لتنفيذ أربعة مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة ولمدة تصل إلى 30 عاما.
كما وقعت بغداد في الرابع والعشرين من فبراير الماضي عقودا مع شركات أجنبية ضمن جولة التراخيص النفطية الخامسة الخاصة بالرقع النفطية والحقول الحدودية.
وتكمن أهمية جولة التراخيص الخامسة في أنها ستستثمر في الحقول الحدودية مع دول الجوار، إذ سيتم تحويلها لحقول منتجة تضيف كميات كبيرة من النفط الخام والغاز للإنتاج المحلي، وذلك بحسب المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد.
ووجه السوداني خلال الاجتماع تعليمات بالعمل على إنجاز البدائل والحلول السريعة، وبحث تزويد المولدات الأهلية بالوقود مجانا أو بأسعار رمزية، مع الاستمرار بالجهود التي بدأتها الحكومة لاستيراد الغاز من تركمانستان وقطر.
كما أمر وزارة النفط بضرورة حسم ما تبقى من تراخيص الجولة الخامسة، والعمل مع الشركات العالمية لتطوير حقول الطاقة، كما شدد على أهمية إسراع وزارة الكهرباء بالمضي بالاستثمار في محطات التوليد والإنتاج، والعمل بشكل عاجل على مشاريع توليد الطاقة الشمسية.
وتأتي تحركات السوداني بعد يومين من دعوة الإطار التنسيقي الذي يمثل القوى الشيعية الموالية لإيران في العراق، وهو صاحب الكتلة النيابية الأكبر، وزارة الخارجية إلى التواصل مع الجانب الأميركي لحثّه على الإفراج عن مستحقات مالية لطهران يدفعها العراق مقابل استيراده للغاز من جارته إيران لتأمين احتياجات ضرورية من الكهرباء.
وحمّل الإطار التنسيقي الولايات المتحدة مسؤولية تردي خدمات الكهرباء في العراق، التي تراجعت في الأيام الماضية إلى أدنى معدلاتها بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة. عودة الانقطاعات في التيار الكهربائي في البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقي أحمد موسى في حوار تلفزيوني الأحد إيران قطعت الغاز عندما بلغت درجة الحرارة 51 درجة مئوية دون سابق إنذار ومحطاتنا أصبحت (طابوكة) كوننا لا نمتلك الغاز الكافي".
وأضاف أن "محطة المنصورية والصدر الغازية وجنوب بغداد والرشيد والتاجي وخور الزبير ومحطات أخرى تعرضت للإطفاء أو التحديد بسبب تخفيض الغاز المورد من الجانب الإيراني".
وتابع "لم نتسلم إشعارا من الجانب الإيراني بشأن خفض الغاز، بل كان التخفيض مفاجئا"، مبيناً "سألنا الجانب الإيراني عن سبب خفض الغاز المورد، فأجابوا بأن إيران لديها أموال لدى العراق يجب تسديدها".
وقال وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل الاثنين إن انخفاض تجهيز الطاقة جاء بعد تحقيق أعلى إنتاج بمعدل 26 ألف ميغاواط.
وأكد أن معدل التجهيز انخفض لـ20 ألف و600 ميغاواط بسبب نقص الغاز مضيفا إنه بمجرد عودة الغاز سيرتفع معدل الإنتاج وتعود ساعات التجهيز كما كانت.
وشدد على أن هناك مباحثات معمقة مع الجانب الإيراني خلال أيام بشأن إمدادات الغاز قائلا وزارة الكهرباء سددت الديون بالكامل إلا أن القضايا المتعلقة بمصرف الـTBI بسبب العقوبات الأميركية تمنع تحويل المبالغ.
من جانبه، نفى مدير شبكة التوزيع في شركة الغاز الوطنية الإيرانية قطع صادرات الغاز إلى العراق مؤكدا أن هناك تعطل في شبكة الغاز غرب البلاد تسبب بانخفاض الصادرات إلى العراق بحدود 5-10 مليون متر مكعب يوميا في الأيام القليلة الماضية.
وقال محمد رضا جولايي إن صادرات الغاز إلى العراق مستمرة وستسمر لكنه بسبب الحرارة الشديدة في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من البلاد، تعطلت كفاءة المعدات في قطاعي الإنتاج والنقل، مما أثر بشكل سلب على نقل الغاز إلى شبكة الغاز في غرب البلاد.
ونفى جولائي قطع صادرات الغاز الإيراني إلى العراق، وقال "بسبب تعطل عمل شبكة الغاز في غرب البلاد، خلال الأيام القليلة الماضية، تم انخفاض صادرات الغاز إلى العراق بحوالي 5 إلى 10 ملايين متر مكعب يوميا".
وأضاف المسؤول الإيراني أن متوسط صادرات الغاز اليومية إلى العراق كان 30 مليون متر مكعب الشهر الماضي وقد وصل هذا الرقم إلى 21 مليون متر مكعب هذا الشهر.