السوداني يقيل محافظ البنك المركزي بعد تدهور سعر صرف الدينار العراقي

بغداد - أعفى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين، محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف من منصبه، وكلف علي محسن العلاق بإدارة البنك بالوكالة، وسط تدهور تشهده العملة المحلية مقابل الدول خلال الفترة الأخيرة.
وفيما ربط البعض القرار برغبة أحد الأحزاب الشيعية في السيطرة على المناصب الهامة في الدولة، ثمن الإطار التنسيقي الإعفاء واعتبر أنه ضروريا للمحافظة على استقرار السوق.
وأعلن السوداني خلال مؤتمر صحافي الإثنين "تمت الموافقة على طلب رئيس البنك المركزي بالإعفاء ورئيس البنك التجاري العراقي للإحالة على التقاعد".
وأضاف "تم تكليف إدارات مشهود لها بالتجربة والقدرة والنزاهة ولديها من الرؤيا لمواجهة لهذه المشكلة باجراءات سريعة سوف يكون لها أثر واضح على أسعار الصرف".
كذلك أفادت وكالة الأنباء الرسمية نقلاً عن مصدر حكومي بأن السوداني "قرر إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه بناءً على طلبه"، و"كلَّف علي محسن العلَّاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة".
وأحال سوداني مدير المصرف العراقي للتجارة سالم جواد الجلبي على التقاعد و"كلف بلال الحمداني لإدارة المصرف إضافة الى مهامه"، وفق وكالة الأنباء الرسمية.
و"مخيف" هو رجل قانون تولى منصب محافظ المركزي في سبتمبر 2020، وكان قبل ذلك يعمل مديراً للدائرة القانونية في البنك المركزي. فيما يشغل العلّاق منصب محافظ العراق في صندوق النقد الدولي منذ عام 2014، ورئيس مجلس محافظي صندوق النقد العربي منذ 2020، ومحافظ العراق في الصندوق.
ولم يقدم السوداني أي تفسير بشأن إقالة محافظ البنك المركزي، لكن يعتقد أن القرار محاولة لتحميله مسؤولية ارتفاع سعر الدولار دون سواه، رغم أن المحافظ السابق أكد في وقت سابق أن هذا الارتفاع مؤقت وأنه يحاول ضبط سعر صرف الدولار بما يضمن الاستقرار المالي بالأسواق العراقية.
واتهم النائب المستقل سجاد سالم، الاثنين، في تصريح لموقع " شفق نيوز" العراقي الكردي الإطار التنسيقي بمحاولة السيطرة على البنك المركزي العراقي، محذرا نتائج سلبية بالسلطة النقدية جراء هذه الخطوة.
ونفى سالم أن تكون أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار متعلقة بمحافظ البنك المركزي، مشددا على إعفائه من منصبه ليس حلا لهذه الازمة، ولن يكون هذا الإعفاء سبباً لخفض سعر صرف الدولار في السوق المحلي، بل هذه الخطوة ربما تكون لها نتائج سلبية خطيرة بسبب المساس بالسلطة النقدية".
وأكد أن "ارتفاع سعر صرف الدولار سببه الرئيسي تهريب العملة، وإعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف سببه أن قوى الإطار التنسيقي تستهدف محافظ البنك، لأغراض وأسباب سياسية وليس لأي سبب اقتصادي يتعلق بارتفاع سعر صرف الدولار".
واعتبر تعيين علي محسن العلاق محافظا للبنك بالوكالة لخدمة قوى الإطار التنسيقي التي تريد الهيمنة على البنك المركزي العراقي.
ولا يستبعد مراقبون أن تكون قوى الإطار التنسيقي الموالية لإيران قد ضغطت على السوداني لإقالة غالب مخيف وتعيين العلاق، فقد سبق أن خاضت بعد أسابيع على تقاسم الحقائب الوزارية تنافسا جديدا على مناصب رئاسة الهيئات المستقلة في الدولة
وأسند السوداني رئاسة العديد من الهيئات على غرار النزاهة والهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات وهيئة الإعلام والاتصالات، وظل منصب محافظ البنك المركزي دون تغيير منذ 2020، وقد تنافس عليه كل من كتلة (صادقون) الجناح السياسي لجماعة "عصائب أهل الحق" وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الذي يسعى أيضا إلى ضم هيئة الاستثمار.
وتدرك الكتل والأحزاب السياسية في العراق أن عدم وجود نفوذها لها في الدولة، ربما يؤثر على وضعها السياسي والانتخابي، ولهذا تعمل وتسعى لتقوية نفوذها داخل الدولة، بل وإنشاء دولة عميقة لها داخل الدولة الفعلية، حتى تستغل كل موارد الدولة لصالحها السياسي والانتخابي.
وثمن الإطار التنسيقي خطوة السوداني فقد أفاد القيادي البارز في الإطار حسن فدعم أن الكتلة ستدعم كل إجراء من شأنه معالجة ارتفاع سعر الصرف للدولار والمحافظة على استقرار السوق".
وأضاف في تصريح لوكالة "شفق نيوز' أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مدعوم من قبل الإطار التنسيقي بهذه الإجراءات ولا يتدخل في جزئيات وحيثيات طرق المعالجة وإنما الأمر يخضع لرأي المختصين والخبراء وتقدير الموقف المناسب من قبل رئيس الوزراء".
ويشهد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي منذ نوفمبر الماضي ارتفاعاً تدريجياً ليصل لأعلى مستوياته خلال الأيام الأخيرة، لكن فور الإعلان عن إقالة محافظ البنك المركزي سجل سعر صرف الدولار في السوق العراقية، الإثنين، انخفاضا طفيفا مقابل الدينار العراقي.
وذكر متعاملون في سوق العملات الأجنبية في العراق أن سعر صرف الدولار سجل صباح الاثنين انخفاضا مقابل الدينار وصل إلى 162 ألف دينار مقابل كل 100 دولار أميركي، بعد أن ظل مرتفعا حتى الليلة الماضية عند مستوى 164 ألف دينار لكل 100 دولار أميركي.
وذكر المتعاملون أن سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي لايزال مرتفعا في السوق الموازية، فيما تطرح المصارف العراقية الحكومية والخاصة الدولار الأمريكي أمام المواطنين لأغراض السفر من أجل العلاج والدراسة والتعاملات التجارية بالسعر الرسمي للبنك المركزي العراقي البالغ 146 ألف دينار لكل 100 دولار.
وانعكس تذبذب سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي سلبا على ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية مما أربك الوضع الاقتصادي في البلاد، وخاصة الفئات الاجتماعية الفقيرة وذات الدخل المحدود.