السوداني يطلب من ترامب الوفاء بوعده بإنهاء الحروب في المنطقة

بغداد - أعرب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في اتصال هاتفي أجراه مع دونالد ترامب، عن أمله في أن يفي الرئيس الأميركي المنتخب بـ"وعوده" الانتخابية و"التزامه بإنهاء الحروب" في الشرق الأوسط، والمضي بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، على ما أعلن مكتبه في بيان صدر ليل الجمعة.
وتسعى حكومة بغداد التي وصلت إلى السلطة بدعم أحزاب موالية لإيران، إلى تحقيق توازن دقيق بهدف إبقاء العراق بمنأى عن التوترات في الشرق الأوسط في ظل حرب اسرائيل مع حركة حماس في قطاع غزة ومع حزب الله في لبنان.
وينتشر حوالي 2500 جندي أميركي في العراق في إطار التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.
واستهدف هؤلاء الجنود بعشرات الهجمات بالصواريخ والمسيرات، نفذتها جماعات مسلحة عراقية موالية لإيران أعلنت مسؤوليتها أيضا عن هجمات ضد إسرائيل.
وجاء في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أن السوداني أشار خلال الاتصال إلى "اطلاعه على كلام ووعود ترامب خلال الحملة الانتخابية، المتضمنة التزامه بإنهاء الحروب بالمنطقة" مضيفا أن "الجانبين اتفقا على التنسيق سوية لتحقيق ذلك".
ووعد ترامب بإحلال "السلام" في الشرق الأوسط من خلال سعيه لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، لكنه لم يقل كيف، إذ قال مرارا، إنه لو كان في السلطة بدلا من جو بايدن، لما هاجمت حماس إسرائيل، بسبب سياسته "الضغط الأقصى" التي ينتهجها على إيران، التي تمول حركة حماس.
ويرى البعض أن السياسة الأميركية لن تتغير تجاه تلك الملفات وأن الضغط سيستمر على كل من العراق وإيران، مقابل تقديم الدعم لإسرائيل، فيما يرجح آخرون أن يهتم ترامب بالشأن الداخلي للولايات المتحدة في هذه المرحلة، ومنح مستشاريه ووزير خارجيته صلاحيات إدارة الملفات الخارجية، مع محاولاته لإنهاء الحرب.
على مدى أكثر من واحد وعشرين عاما، جمع العراق والولايات المتحدة علاقة تحالف شابتها الكثير من التحديات، لكن بغداد وواشنطن تمكنتا من تخطيها والحفاظ على شراكتهما الاستراتيجية التي استفاد منها العراق في هزيمة الإرهاب وتحديث قدرات الجيش العراقي، بما يمكّنه اليوم من بسط الأمن على كامل التراب العراقي.
وقد تكللت هذه الشراكة بتوقيع اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الجانبين، والتي تحدد طبيعة العلاقة المستقبلية وتعد خارطة طريق لتعاون مثمر ينتفع منه الطرفان دون الإضرار بمصالح أي منهما.
وتنص الاتفاقية على إقامة علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد استنادا إلى مبدأ المساواة في السيادة والحقوق، المبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، والمصالح المشتركة.
وأكد السوداني وترامب على الرغبة في المضي بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتعزيز العلاقات الثنائية بطرق تتجاوز الجانب الأمني، من خلال التعاون الوثيق في مجالات الاقتصاد، والمال، والطاقة، والتكنولوجيا. وفق البيان
وعبّر الرئيس الأميركي المنتخب عن "الرغبة في العمل الإيجابي مع السوداني، واللقاء في القريب العاجل للبحث في توسيع العلاقات بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، والعمل على هذه الملفات المشتركة".
وبعد أشهر من المحادثات بين واشنطن وبغداد بشأن مستقبل التحالف الذي تأسس عام 2014 لمساعدة القوات العراقية في استعادة مساحات شاسعة سيطر عليها التنظيم المتطرف في العراق وسوريا المجاورة، تم الاتفاق على إنهاء مهمة التحالف العسكري "في موعد لا يتجاوز نهاية سبتمبر 2025".
وتنص خطة انتقالية على انسحاب التحالف من قواعد في العراق في مرحلة أولى تستمر حتى سبتمبر 2025، ثم من إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي (شمال) بحلول سبتمبر 2026.
وأثار فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، تساؤلات عن طبيعة المرحلة المقبلة التي سيشهدها العراق على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
ورأى السياسي العراقي البارز النائب السابق مثال الآلوسي أن وصول ترامب الى البيت الأبيض سيمنع أتباع إيران من المتاجرة بالعراق والمنطقة، من خلال إخراج القوات الأميركية من البلاد.
وقال الآلوسي لوكالة شفق نيوز الخميس إن "ترامب يختلف كليا عن بايدن خاصة فيما يتعلق بتقويض نفوذ ايران في الشرق الأوسط وكذلك أذرعها المسلحة في المنطقة، ولهذا هو بكل تأكيد لن يقدم على أي خطوة حقيقية لسحب قوات بلاده من العراق من أجل توسع النفوذ الإيراني بشكل اكبر وأخطر في العراق والمنطقة ككل".
وأضاف أن "ترامب سيعمل خلال المرحلة المقبلة على تقويض النفوذ الإيراني عبر خطوات مختلفة من العقوبات الاقتصادية، ولهذا هو سيبقي القوات الأميركية في العراق، كونها تعتبر قوة لمنع توسع النفوذ الإيراني وتمنع تحول العراق كأرض لنقل الأسلحة من إيران الى كل من سوريا ولبنان".
من جانبها، علقت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، الخميس، على مخاوف منع سحب القوات الأميركية من العراق بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وقال عضو اللجنة النائب علي نعمة، إن "السياسة الأميركية هي سياسة ثابتة مهما تغير الرؤساء فيها، وهناك اتفاق مبدئي ما بين بغداد وواشنطن على إخراج ما تبقى من القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات الأمريكية، وتم الاتفاق على خروج جزء من هذه القوات منتصف سنة 2025 خروج كامل القوات سيكون في نهاية سنة 2026".
وذكر نعمة أن "اتفاق العراق على هذا الأمر تم مع المؤسسات العسكرية المختصة في الولايات المتحدة، ولهذا قدوم ترامب الى البيت الأبيض لن يغير أي شيء بذلك ولا نتوقع هو سيعمل على عرقلة سحب قواته من العراق، بل ربما هو يريد سحب تلك القوات، وهذا ما سوف تكشفه الأيام المقبلة".
وأشار إلى أن "أي عرقلة من قبل إدارة ترامب لملف سحب القوات الأميركية من العراق، اكيد سيلاقي رفض عراقي رسمي وسياسي وحتى شعبي، والحكومة العراقية جادة بحسم هذا الملف والثبات على ما تم الاتفاق عليه وفق اجتماعات رسمية مثبتة، ولهذا لا يمكن الانقلاب على ما تم الاتفاق عليه بهذه السهولة من قبل الإدارة الأميركية الجديدة".
وخلال ولاية ترامب الأولى، قتل اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني وأحد أبرز مهندسي السياسة الإقليمية لطهران، بضربة أميركية بطائرة مسيّرة قرب مطار بغداد في الثالث من يناير 2020.
وقتل معه في الضربة ذاتها نائب رئيس الحشد الشعبي في العراق، وهو تحالف فصائل عسكريّة موالية لإيران، أبومهدي المهندس.
وأدى ذلك إلى تدهور العلاقات بين بغداد وواشنطن، وفي إطار التحقيق حول اغتيال سليمان والمهندس، أصدر القضاء العراقي في يناير 2021 مذكرة توقيف بحق ترامب.