السنيورة يقطع مع إرث الحريري ويسعى لقيادة التيار السني

القيادة السنية تتحرك لملء الفراغ بعد امتصاص صدمة عزوف الحريري.
الخميس 2022/02/24
القطع مع الحريرية السياسية

مع بدء العدّ التنازلي للاستحقاق الانتخابي ستكون كل الأنظار موجهة إلى ما ستفرزه الساحة السنية من تطورات لجهة الانتخابات النيابية. ويتوقع مراقبون أن تحمل الأيام القادمة طرحا سنّيا جديدا بقيادة رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة.

بيروت - يسعى رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة للقطع مع إرث سعد الحريري وقيادة التيار السني في الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في الخامس عشر من مايو القادم، فيما يشاطره في هذا التوجه نادي رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى الرافضين للفراغ وتداعياته السلبية على الخارطة السياسية للبنان والطائفة السنية.

واعتبر السنيورة في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء في بيروت أن دعوة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى مقاطعة الانتخابات النيابية تنطوي على شبهة الرضوخ للهيمنة الإيرانية.

وأشار إلى أن الانتخابات النيابية “في ظل القانون الأعرج لن تشكل حلا بل هي محطة يجب عدم تفويتها، إذ يجب عدم إخلاء الساحة، والنضال البرلماني يجب أن يستمر ضد الارتهان لإيران وضد الفساد والعبث بالدستور”.

ودعا رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق اللبنانيين، وخاصة السنّة، إلى المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ترشّحا واقتراعا وعدم المقاطعة.

وتأتي تصريحات السنيورة في وقت تترقب فيه الطائفة السنية من سيقودها في المرحلة المفصلية القادمة بعد انكفاء سعد الحريري وعدم قبول الطائفة ومؤسساتها السياسية والدينية بشقيقه بهاء الحريري لقيادتها.

مصادر لبنانية سنية تؤكد الاتفاق على آلية لدعم المرشحين وإطلاق عجلة تشكيل لوائح بديلة عن لوائح تيار المستقبل

ووفق نتائج استطلاعات للرأي أجراها مركز الاستشراف الإقليمي للمعلومات في عدد من المناطق السنّية في البقاع وصيدا وبيروت وطرابلس بشأن الخيارات السياسية للمسلمين السنّة، لم ينل شقيق الحريري بهاء تأييدا واسعا، بينما بقي السنيورة إلى جانب الزعامات السنّية المحلية في كل منطقة.

وتقول مصادر سياسية لبنانية إن السنيورة يسعى للقطع مع الحريرية السياسية، إلا أن ذلك ينطوي على جملة من التحديات والتعقيدات، إذ أنه لا يزال يرفع نفس شعارات الحريري التي فشل في تجسيدها على الأرض رغم الدعم السعودي والخليجي اللامتناهي.

وأفادت المصادر أن السنيورة كان قد استبق مؤتمره الصحافي بمشاورات مع عدد من نواب تيار المستقبل الذين من المفترض أن يشاركوا في الانتخابات استنادا إلى الحيثية المناطقية التي لديهم للوقوف عند رأيهم في هذا الاستحقاق.

وفي المقابل أشارت مصادر مقربة من السنيورة إلى أنه أجرى جولة مشاورات خارجية وتحديدا مع مصر والكويت وبعض المسؤوليين السعوديين لمعرفة ما يمكن فعله بهدف عدم السماح باختراق الساحة السنية في لبنان.

وجرى حسب المصادر الاتفاق على آلية لدعم المرشحين وإطلاق عجلة تشكيل لوائح بديلة عن لوائح تيار المستقبل خوفا من تصدر المشهد السني من قبل حلفاء حزب الله.

ويشير مراقبون إلى أن حزب الله يدرس كيفية الاستفادة من غياب الحريري عن الاستحقاق الانتخابي لعله يتمكن في بعض الدوائر التي هي تقليديا موالية لتيار المستقبل (بيروت، البقاع الغربي، عكار، طرابلس وإقليم الخروب وغيرها) من تأمين فوز حلفاء سنة له إذا حصل تراجع في نسبة الاقتراع ضمن الشريحة المؤيدة للطائفة السنية.

ويرى قياديون في تيار المستقبل أن الوسطين السياسي والشعبي لم يخرجا من الصدمة التي أحدثها القرار بعد، وقد رافقتها الخشية من أنه إضافة إلى التنازع بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية على اجتذاب الأصوات السنية في بعض الدوائر المؤثرة، هناك خشية من سعي عدة فرقاء لملء الفراغ المستقبلي.

ويتحرك السنيورة داخليا بشكل ملفت للحيلولة دون فراغ سني يعقّد الحياة السياسية في لبنان ويؤثر على الطائفة برمتها. ولعل أبرز تحركاته الداخلية لقاؤه مؤخرا بمفتي لبنان عبداللطيف دريان الذي يمانع مقاطعة الانتخابات ويدفع باتجاه تلافيها.

ورغم أن دريان أكد مرارا أنه لا يدعم أي مرشح سني على حساب آخر، إلا أن تلاقي تصوراته مع السنيورة المدعوم من قبل رؤساء الحكومات السابقين قد يعزز قيادة السنيورة للتيار السني من وراء الستار.

وأجرى نادي رؤساء الحكومات مؤخرا لقاء مع مفتي لبنان في منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث وقع نقاش معمق عنوانه الرئيسي عدم ترك الساحة السنية شاغرة. وشدد المجتمعون، حسب مصادر مقربة من الرؤساء السابقين، على صيانة الواقع السني والنأي به عن أي إخلال وأي محاولة لإرباك الساحة السنية.

ويشير مراقبون إلى وجود جهات كثيرة من خارج الطائفة السنية تبدي حماسة نحو ملء الفراغ الذي سيحدثه غياب تيارالمستقبل، بالرغم من أن العديد من نواب الكتلة قرروا خوض المعركة الانتخابية المقبلة كمستقلين، في حين أن البعض الآخر منهم لا يزال يدرس خياراته قبل أن يحسم قراره بشكل نهائي.

ويؤكد هؤلاء أن الأمور لن تبقى على حالها في الأسابيع المقبلة، حيث من المتوقع أن تبدأ بالظهور معالم دور من المفترض أن تقوم به دار الفتوى بالتعاون مع نادي رؤساء الحكومات السابقين على قاعدة عدم ترك الساحة في حالة فراغ، في ظل المخاوف التي بدأت تظهر من إمكانيّة أن يقود موقف تيار المستقبل إلى موجة واسعة من المقاطعة السنّية، الأمر الذي من المفترض أن يظهر بشكل أساسي في مرحلة تشكيل اللوائح الانتخابية.

2