السلطة الفلسطينية تعتقل صحافيا لانتقاده الاعتقالات السياسية

الاعتقالات السياسية زادت منذ بداية العام الجاري بالضفة الغربية، تحديدًا بعد انتخابات مجالس الطلبة.
السبت 2023/07/15
استهداف من كل الأطراف

رام الله - أدانت أوساط صحفية وحقوقية اعتقال أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية الصحافي عقيل عواودة من مقر عمله في رام الله، بعد خروجه في مقطع فيديو ينتقد حديث الناطق باسم السلطة الذي نفى فيه وجود اعتقالات سياسية بالضفة.

وأطلق العشرات من النشطاء دعوات للإفراج العاجل عن الصحافي عواودة، ووقف الاعتقال السياسي في الضفة الغربية، مؤكدين أنه جريمة مخالفة للقانون.

وأشار الصحافي جهاد بركات إلى أنه تم اختيار يوم الخميس لاعتقال عواودة كي يعرض على الجهات القضائية يوم الأحد المقبل، وهي فترة عقوبة مسبقة استخدمها الأمن كثيرا ضد الخصوم السياسيين.

وأضاف بركات أن التهم التي ستوجه إليه، مثل “إثارة النعرات” أو “ذم السلطة العامة” أو “قدح المقامات العليا”، هي تهم فارغة لا وزن لها في الملفات التي ستعرض على القاضي، وهدفها فقط إطالة أمد التوقيف والعقوبة دون قرار محكمة.

عقيل عواودة: أنا جاهز لدفع ثمن الحرية وجاهز لاستقبال الضربات
عقيل عواودة: أنا جاهز لدفع ثمن الحرية وجاهز لاستقبال الضربات

وأوضح الناشط محمد علان دراغمة أن “عقيل شاب حر ويعبر عن رأيه بجرأة كبيرة، ومستعد لدفع ثمن حريته، لكنه لن يخسر ومن سيخسر هو الذي اعتقل عقيل، والذي يحاول تكميم أفواه من هو مثل عقيل”.

وتداول نشطاء وصية للصحافي عقيل عواودة، أودعها لدى صديقه قبيل اعتقاله، جاء فيها “هذه كلماتي لكم وأنا مقيد الآن في سجون البلاد التي نحب وقد أكون مصلوباً أتلقى عن حريتكم الضربات، كنت أعلم أن هذه الطريق لن تكون مفروشة بالورود، أتمنى أن تصلكم هذه الكلمات وأنا أتنفس من هواء البلاد”.

وقال عواودة “أنا جاهز لدفع ثمن الحرية التي ننشد وجاهز لاستقبال الضربات والشتم والصلب والإهانة بصدر قوي وقلب يحب البلاد، أنا الآن أسدد ثمن دفاعي عن كرامة ابني أحمد وكرامة البلاد كلها”.

وفي ختام وصيته قال عواودة “أيتها البلاد إني لك محب ولن تفلح العصا في قطع الطريق الذي اتخذته، وإذا قدر الله لي عودة سأخبركم بكل شيء”.

وزادت الاعتقالات السياسية منذ بداية العام الجاري بالضفة الغربية، تحديدًا بعد انتخابات مجالس الطلبة. لكن الموقف الرسمي للأجهزة الأمنية ينفي فكرة وجود اعتقالات سياسية بالضفة، أو وجود معتقلين في سجونها على خلفية قضايا محددة.

وتوجه إلى أغلب المعتقلين تهم تتعلق بقضايا محددة مثل غسيل الأموال أو إثارة النعرات أو إساءة استخدام التكنولوجيا، كما يتم اعتقال البعض بناءً على دعوة من النيابة العامة مع وجود بعض الشكاوى من المواطنين حول كتابات عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وحذر خبير قانون دولي قادة السلطة في الضفة الغربية من أن الاعتقالات السياسية التي تشنها شكل من أشكال الاضطهاد وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

وقال عصام عابدين، أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت، عبر صفحته على فيسبوك “إن حملة الاعتقالات السياسية التعسفية الممنهجة التي تقودها السلطة الفلسطينية لتكميم الأفواه، يُراد لها أن تكون علنية وعلى نطاق واسع؛ لتعزيز طباعة الخوف والهزيمة في عقل ووعي الناس ودفعهم للتسليم ‘بالتوريث السياسي’ غير الدستوري للسلطة والمال من دون معارضة”.

وتواصل أجهزة السلطة انتهاكاتها لحقوق المواطنين في الضفة الغربية، وملاحقاتها واعتقالاتها على خلفية سياسية بحق الطلبة والنشطاء والمحررين، حيث تعتقل في سجونها قرابة 40 ناشطا سياسيا، عدد منهم تواصل اعتقاله رغم وجود قرار بالإفراج عنه. ووثقت مجموعة “محامون من أجل العدالة” ما يزيد عن 300 حالة اعتقال سياسي منذ بداية عام 2023.

وبحسب أهالي المعتقلين السياسيين ارتكبت أجهزة أمن السلطة 411 انتهاكاً في الضفة الغربية خلال شهر يونيو الماضي، وذلك مع تسارع وتيرة انتهاكاتها لحقوق المواطنين وخاصة الأسرى المحررين والمعتقلين السياسيين السابقين.

300

حالة اعتقال سياسي منذ بداية عام 2023، وفق ما وثقته مجموعة "محامون من أجل العدالة"

وأعلنت ثمانية فصائل فلسطينية في بيان مشترك، الثلاثاء الماضي، رفضها للاعتقال السياسي الذي تنفذه الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، معتبرة أنه “انتهاكٌ خطير للقانون، وسلوك خارج عن الإجماع الوطني”.

ويطالب صحافيون وناشطون بضرورة إنهاء وطي صفحة الاعتقال السياسي، واعتبرت “كتلة الصحافي” أن اعتقال عواودة تجاوز لكل القوانين والأعراف التي تؤكد حرية الصحافة وتدين المساس بالصحافيين.

وقالت الكتلة في بيانٍ لها “من جديد وفي مشهد متكرر تقوم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة باعتقال الصحافي عقيل عواودة من مكان عمله في مدينة رام الله، في تجاوز لكل القوانين والأعراف التي تؤكد حرية الصحافة وتدين المساس بالصحافيين”. وأضافت أن اعتقال الصحافي عواودة جريمة يعاقب القانون مرتكبيها، مطالبة السلطة بالإفراج الفوري عنه ورفع يدها عن الصحافيين في الضفة المحتلة.

وأكدت أهمية وجود جسم نقابي يدافع عن حقوق الصحافيين الفلسطينيين ويرفع قضاياهم إلى المؤسسات والمحاكم الجنائية، مشيرة إلى غياب دور نقابة الصحافيين.

ودعت الاتحادات الصحفية العربية والدولية والمؤسسات الحقوقية والقانونية إلى متابعة جرائم السلطة تجاه الصحافيين وحرية الصحافة والعمل على إسناد الصحافيين ودعمهم، إذ أن الاعتقال يأتي على خلفية عملهم الصحفي وانتمائهم السياسي.

وكان جهاز المخابرات العامة الفلسطينية قد أفرج مساء الخميس عن الصحافي البيتاوي من نابلس، بعد ساعات من رفض محكمة الصلح الفلسطينية طلب النيابة إعادة النظر في قرار المحكمة الأربعاء إخلاء سبيله، حيث لم ينفذ جهاز المخابرات القرار.

5