السلطة الجزائرية ترفع احتكارها للدبلوماسية لصالح البرلمان والأحزاب

تنصيب جماعي للجان الصداقة البرلمانية ونشاط حزبي دبلوماسي حثيث.
الجمعة 2022/03/18
الدبلوماسية لم تعد حكرا على لعمامرة

الجزائر - فتحت اللجان البرلمانية وأحزاب سياسية في الجزائر قنوات اتصال دبلوماسي مع سفراء ومؤسسات إقليمية، بشكل يعطي الانطباع بأن السلطة تريد تفعيل آلياتها الدبلوماسية بأذرع جديدة، بعدما ظلت لعقود من اختصاصها الحصري، لتكون بذلك الدبلوماسية الشعبية والحزبية رافدا جديدا في جهود إخراج البلاد من عزلة خيّمت عليها خلال السنوات الأخيرة، بسبب شلل هرم السلطة وتحييد الآليات الأخرى عن أداء وظائفها كاملة.

وسرعت إدارة البرلمان بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) من وتيرة تنصيب لجان الصداقة مع مختلف مكونات الدولة والتكتلات الإقليمية والدولية، في خطوة تستهدف تفعيل نشاط الدبلوماسية الشعبية بعد سنوات من الشلل، بسبب الظروف السياسية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.

واستطاعت الهيئة بإيعاز من السلطات في البلاد حلحلة الشلل الذي كان يخيم على الهيئة بسبب الاستقطابات والتحالفات المصلحية، حيث تم التوصل إلى توزيع مناصب لجان الصداقة بشكل أفقي على القوى السياسية الفاعلة داخل البرلمان، ومباشرة تنصيب تلك اللجان، في خطوة تستهدف تفعيل الدور الدبلوماسي للبرلمان ودعم المواقف والمقاربات التي تتبناها الدولة.

وتم تنصيب اللجنة البرلمانية المشتركة البرلمان الجزائري - البرلمان الأوروبي، وذلك بهدف تعزيز الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي وتفعيل الصداقة البرلمانية، وتم ذلك بحضور سفير الاتحاد الأوروبي بالجزائر توماس إيكر وممثلي وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج وأعضاء غرفتي البرلمان.

بيان مجلس الأمة ذكر أن تنصيب لجنة الصداقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي يأتي لإعطاء دفع من أجل تعزيز الشراكة القائمة منذ أكثر من 30 سنة بين الطرفين

وذكر بيان مجلس الأمة أن تنصيب لجنة الصداقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي يأتي لـ"إعطاء دفع من أجل تعزيز الشراكة القائمة منذ أكثر من 30 سنة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي وتفعيل الصداقة البرلمانية من أجل حوار برلماني يرافق العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي".

وتظهر تشكيلة اللجنة تنوع الانتماءات السياسية والحزبية للأعضاء، الأمر الذي يترجم حرص مسؤولي الغرفة البرلمانية على تحقيق التوازن بين القوى الفاعلة وسد المنافذ أمام الخلافات المصلحية التي عادة ما شلت عمل الهيئات البرلمانية في وقت سابق. 

وأضاف "حضر عملية التنصيب أيضا أعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة المكونة من ليلى براهيمي عضو مجلس الأمة عن المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي نائب رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة الجزائر - البرلمان الأوروبي، والحاج عبدالقادر بن قرينة نائب رئيس مجلس الأمة عن المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، ومحمد بخشي عضو مجلس الأمة عن المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، ومحمد العيد بلاع عضو مجلس الأمة عن المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، وبشير ولد زميرلي عضو مجلس الأمة عن المجموعة البرلمانية لحزب التجمع الوطني الديمقراطي".

وعلى الصعيد الحزبي استقبل رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة السفير الروسي بالجزائر إيغور بيليايف، في إطار قنوات اتصال حثيثة يكون الرجل قد فتحها مع عدة قوى سياسية في الجزائر، حيث سبق له خلال الأيام الأخيرة أن نزل ضيفا على حزب جيل جديد والتجمع الوطني الديمقراطي، في خطوة يرجح أن تكون ذات صلة بالوضع القائم في أوكرانيا والصراع المستجد بين موسكو والغرب.

وأوضح بن قرينة، الذي كان أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في ديسمبر 2019، بأن "اللقاء جاء لتثمين العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين الجزائر وروسيا، وأن اللقاء تم بطلب من السفير الروسي الذي كان مرفوقا بالمستشار السياسي والقنصل الروسي في الجزائر".

ورافع السفير الروسي في الجزائر عن مواقف بلاده في التطورات التي تشهدها الأزمة الأوكرانية، واستغل ما يعرف بـ"العلاقات الاستراتيجية والتاريخية" لتمرير رسائل موسكو وتوسيع حضورها، خاصة في ظل الحرج الدبلوماسي الذي بات يخيم على القنوات الرسمية بسبب مسعى الجزائر للظهور في ثوب البلد المحايد.

السلطات الجزائرية تريد تفعيل آلياتها الدبلوماسية بأذرع جديدة بعدما ظلت لعقود من اختصاصها الحصري لتكون بذلك رافدا جديدا لإخراج البلاد من عزلتها

وأفاد بيان لحركة البناء الوطني بأن لقاء السفير الروسي بقيادة الحركة تناول "موقف موسكو في الدفاع عن أمنها وشعبها أمام التهديدات الغربية التي حاولت جعل أوكرانيا منصة لها بعيدا عن الاهتمام بمتطلبات السلام العالمي".

ولفت إلى أن بن قرينة عبر عن "تثمينه للرؤية المتوازنة للحركة تجاه التحولات الكبيرة في العلاقات الدولية والقراءة العميقة للتحولات الحاصلة، وأن رؤية الحركة للأحداث العالمية تنطلق من القراءة العميقة لإعادة رسم عالم جديد متعدد الأقطاب والاستفادة من دروس الحرب على العراق وسوريا وليبيا.. وغيرها".

كما عبر عن حرص حركته السياسية على "المساهمة ضمن الرؤية الجزائرية في بناء علاقات مستقبلية تخدم مصالح الشعوب وتساهم في الاستقرار العالمي، وتقاوم محاولات الهيمنة وتهميش الجنوب وعموم دول العالم الثالث، وأن موقف حركة البناء الوطني هو جزء من موقف الدولة الجزائرية، ولا يشذ عن القرار الوطني الذي يسعى للأمن والاستقرار".

واستقبل رئيس حركة البناء الوطني الشيخ علي بلعربي الخليفة العام للطريقة التيجانية بالجزائر والعالم، وأفاد بيان للحركة بأن "الجانبين تبادلا وجهات النظر تجاه الأوضاع الوطنية والتحولات الدولية والتحديات المحيطة بالجزائر، والدور المطلوب من كل القوى الوطنية الصادقة في هذه المرحلة الحساسة من عمر بلادنا".

وحرص الطرفان على "الدعم المستمر للمحافظة على فضائل استتباب الأمن والاستقرار والحرص على تقوية الجبهة الداخلية للبلاد، والدفع لإنجاح الإنعاش التنموي الذي يحتاجه المواطن، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار البترول وتجاوز البلاد لأزمة الوباء واستمرار الجزائريين بغيث الرحمة".

4