السلطات السورية تقيد وصول الصحافيين إلى الساحل السوري

دمشق - أدان المرصد السوري لحقوق الإنسان منع السلطات السورية الصحافيين والوكالات الإعلامية الأجنبية من الوصول إلى محافظات الساحل، وإجبارهم على مغادرة البلاد خلال شهر، والسماح فقط لبعض وسائل الإعلام المقربة من السلطة للدخول بغرض التغطية الإعلامية مع تحديد مناطق معينة دون غيرها.
وذكر المرصد أنه وفقاً لمعلومات خاصة تم منع الصحافيين من الدخول للوقوف على حقيقة ما جرى من أعمال عنف طالت مناطق واسعة من مدن وقرى الساحل السوري، وأكد المصدر أن السلطات تمنع وصول الفرق الإغاثية والمساعدات إلى المدن الساحلية التي وصفها بأنها مناطق “منكوبة”.
واعتبر أن هذه الإجراءات تأتي ضمن سعي السلطات لإخفاء أدلة جرائم حرب وإبادة جماعية، مشيراً إلى أن تقييد حركة الإعلاميين يُعتبر جزءا من سياسة ممنهجة لطمس الوقائع ومنع توثيق الانتهاكات.
وحذر المرصد من أن عزل الساحل السوري عن العالم الخارجي يُمهّد لتغيير ديمغرافي قسري وطمس معالم جرائم ضد الإنسانية، داعيا السلطات الجديدة والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لضمان وصول الصحافيين وتوفير المساعدات اللازمة، وأكد أن الحجب الإعلامي يُسهّل إفلات الجناة من العقاب.
وشهدت مدن الساحل السوري موجة عنف غير مسبوقة ضد أبناء من الطائفة العلوية وصلت حتى الإبادة الجماعية، حيث راح ضحيتها 1476 مدنيا أعزل وفقاً لما استطاع المرصد توثيقه، فضلاً عن عمليات تخريب ونهب وحرق للممتلكات الخاصة من منازل ومحال تجارية وسيارات.
المرصد السوري لحقوق الإنسان يعتبر الإجراءات جزءا من سياسة ممنهجة لطمس الوقائع ومنع توثيق الانتهاكات
ويعيش الإعلام السوري بقطاعيه العام والخاص أسوأ مراحل تاريخه جراء عدم قدرته على مواكبة الحقبة منذ الاستقلال، ما ترك المجال مفتوحاً لقنوات عربية وأجنبية لملء الفراغ الذي خلّفه غياب الإعلام الوطني.
ووُجّهت إلى السلطات الانتقالية انتقادات كثيرة لتجاهلها القطاع الإعلامي، وذهب البعض إلى اتّهامها بتعمد إغلاق المحطات الفضائية لغايات تتقاطع مع سياسة الغموض التي تتبعها في الكثير من الملفات الداخلية.
غير أن وزارة الإعلام تتجاهل جميع الانتقادات وتكتفي بإصدار البيانات دون توضيح، ففي الوقت الذي تنتقد فيه الشائعات والأخبار الكاذبة على مواقع التواصل تمارس قيودا على الصحافة ما يفسح المجال لانتشار المعلومات المضللة بشكل أكبر.
وقبل أيام قليلة حذرت الوزارة من الحملات الإعلامية المضللة لإعادة تداول صور ومقاطع فيديو قديمة، بهدف التلاعب بالرأي العام وإثارة الفوضى ونشر التضليل في البلاد.
وقالت “تم رصد خلال اليومين الماضيين، محاولات ممنهجة لإعادة تداول صور ومقاطع فيديو قديمة، يعود بعضها إلى سنوات سابقة وأخرى مأخوذة من خارج البلاد، بهدف التلاعب بالرأي العام وتقديمها على أنها أحداث جارية في الساحل السوري، في محاولة واضحة لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار.”
وأضافت “نهيب بالمواطنين التحلي بالوعي وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة التي تستهدف النسيج الاجتماعي.”
كما أكدت “ضرورة الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة، لما لذلك من أهمية في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي.”
المرصد دعا السلطات الجديدة والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لضمان وصول الصحافيين وتوفير المساعدات اللازم
ونوهت بأن “وسائل الإعلام العربية والغربية تتحرى التعامل بدقة ومصداقية مع الأحداث الجارية وعدم الوقوع في فخاخ الشائعات التي يتم ضخها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متصاعد وممنهج.”
ويتساءل المواطنون السوريون عن مصير التلفزيون السوري، الذي تأخرت إعادة إطلاقه، بينما ذكرت مصادر أن التأخر سببه إشكالية لدى إدارة التلفزيون الجديد وعلى رأسها الناشط علاء بريستو، لجهة المواءمة بين الولاء الذي أصبح من أهم شروط العمل مع الإدارة الجديدة، والكفاءة المهنية التي لا تكفي الكوادر القادمة من إدلب لتغطية كل جوانبها.
وأخضعت إدارة التلفزيون السوري الجديدة المذيعين والمذيعات لعملية إعادة تقييم بهدف تحييد قسم كبير منهم عن الشاشة بذريعة عدم امتلاكهم المؤهلات والشروط اللازمة للوظيفة.
وبالرغم من أن يارا عاصي، وهي مذيعة في التلفزيون السوري منذ عام 2013، تجاوزت اختبار التقييم وحصلت على درجة جيد، تم إنهاء تكليفها، من دون اتباع الإجراءات القانونية، وأهمها التدرج بالعقوبة في حال ثبوت ارتكابها مخالفة وظيفية.
لكن الذريعة التي اعتمدتها الإدارة لفصلها هي إشكالية سبق أن أثيرت على نطاق واسع في الإعلام المحسوب على السلطات الانتقالية، وتتعلق بالفيديو الذي نشره الناشط الإعلامي جميل الحسن، عندما رافق جهاز الأمن العام للقبض على ثلاثة متهمين بارتكاب مجزرة حي التضامن.
وتعرض الفيديو لانتقادات كثيرة بسبب الأداء غير المهني للحسن، وهو ما برز في ناحيتين لاقتا القسم الأكبر من الانتقادات، هما ظهور مسدس على خصره لدى تصوير الفيديو، وإمساكه بعظمة من الأرض ومواجهة أحد المعتقلين بها على أنها عائدة إلى إحدى ضحايا المجزرة. هذا التصرف رأى كثيرون أنه يعبّر عن عدم احترام مشاعر أهالي الضحايا، وسط استغراب أن تظل العظام موجودة في شوارع الحيّ الذي عاد أهله إليه وشهد منذ فترة تظاهرة كبيرة احتجاجاً على تسوية وضع فادي صقر، وهو ما صب في خانة اتهام الحسن بالتضليل.
ومن بين المنتقدين يارا عاصي التي كتبت منشوراً على صفحتها في فيسبوك انتقدت فيه حمل صحافي مسدسا أثناء عمله.
وفوجئت عاصي بمديرتها تبلغها شفوياً بإنهاء تكليفها العمل في التلفزيون. وعند الاستفسار عن سبب فصلها علمت أنه يتعلق بمنشورها عن جميل الحسن.