السلام بين روسيا وأوكرانيا ينتظر ضوءا أخضر أميركيّا

زيلينسكي يروّج لخطة سلام مع موسكو عرضها على البيت الأبيض.
الخميس 2022/12/29
هل تنجح الدبلوماسية في وقف التصعيد العسكري

رغم التصعيد العسكري في أوكرانيا لا تزال القنوات الدبلوماسية مفتوحة، إذ يجمع محللون وخبراء على أن السلام هو السبيل الوحيد لوقف الحرب الروسية - الأوكرانية. ولا ترفض روسيا كما أوكرانيا التفاوض بشأن وقف الحرب لكن الخلافات تكمن في الشروط.

كييف - يروج الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحماس لخطة سلام من عشر نقاط ناقشها مع الرئيس الأميركي جو بايدن من بين آخرين، ويحث زعماء العالم على عقد قمة عالمية للسلام بناء على تلك الخطة، فيما تشترط روسيا أن تتضمن خطة السلام الأوكرانية أربع مناطق ضمتها روسيا إليها بعد بدء غزوها في فبراير.

وأعلن زيلينسكي للمرة الأولى خطته للسلام في قمة لمجموعة العشرين في نوفمبر الماضي. وتدعو الخطة إلى:

- ضمان السلامة الإشعاعية والنووية، بالتركيز على استعادة الأمن حول أكبر محطة نووية في أوروبا وهي محطة زابوريجيا في أوكرانيا التي تخضع حاليا للسيطرة الروسية.

- تحقيق الأمن الغذائي، بما يشمل حماية وضمان صادرات الحبوب الأوكرانية إلى أفقر الدول في العالم.

- تحقيق أمن الطاقة، بالتركيز على قيود الأسعار على موارد الطاقة الروسية إضافة إلى مساعدة أوكرانيا على إصلاح وتأهيل البنية التحتية للكهرباء التي تضرر نحو نصفها من الهجمات الروسية.

ديمتري بيسكوف: لا يمكن أن يكون هناك سلام لا يراعي الحقائق
ديمتري بيسكوف: لا يمكن أن يكون هناك سلام لا يراعي الحقائق

- الإفراج عن كل السجناء والمُبعدين بما يشمل أسرى الحرب والأطفال الذين تم ترحيلهم إلى روسيا.

- إعادة وحدة الأراضي الأوكرانية وتأكيد روسيا عليها بموجب ميثاق الأمم المتحدة في بند قال عنه زيلينسكي إنه “غير قابل للتفاوض”.

- سحب القوات الروسية ووقف العمليات القتالية وإعادة الحدود بين أوكرانيا وروسيا إلى سابق عهدها.

- تحقيق العدالة، بما يشمل تأسيس محكمة خاصة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب من روسيا.

- منع إبادة البيئة الطبيعية والحاجة إلى حماية البيئة بالتركيز على إزالة الألغام وإصلاح منشآت معالجة المياه.

- منع تصعيد الصراع وبناء هيكل أمني في الفضاء اليورو - أطلسي بما يتضمن ضمانات لأوكرانيا.

- تأكيد انتهاء الحرب من خلال توقيع وثيقة من كافة الأطراف المعنية.

وفي ديسمبر حث زيلينسكي زعماء مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى على تأييد مقترحه عقد قمة عالمية للسلام في الشتاء تركز على خطة السلام “بأكملها أو على بعض النقاط المعينة بشكل خاص”.

ورفضت روسيا مقترحات السلام التي طرحها زيلينسكي هذا الشهر وأكدت أنها لن تتخلى عن الأراضي التي استولت عليها بالقوة، والتي تشكل حاليا نحو خُمس مساحة أوكرانيا، وتقول إنها ضمتها بالفعل.

وأعلن الكرملين الأربعاء رفضه خطة سلام مؤلفة من عشر نقاط وضعها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “لا يمكن أن تكون هناك خطة سلام في أوكرانيا لا تراعي حقائق اليوم فيما يتعلق بالأراضي الروسية مع انضمام أربع مناطق إلى روسيا. والخطط التي لا تراعي هذه الحقائق لا يمكن أن تكون سلمية”.

وأعلنت روسيا ضم مناطق دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانية في سبتمبر بعد استفتاءات أدانتها أوكرانيا والدول الغربية. ولا تفرض روسيا سيطرتها الكاملة على أي من المناطق الأربع.

وبذل زيلينسكي جهودا دبلوماسية حثيثة لتقديم خطته إلى زعماء العالم ومن بينهم بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي ترأس بلاده حاليا مجموعة العشرين.

وبلغ حجم دعم الغرب لأوكرانيا عسكريا مليارات الدولارات بقيادة واشنطن وسارعت دول إلى مساعدتها أيضا على إزالة الألغام وإصلاح شبكة الكهرباء.

لكن ردود الفعل على خطة زيلينسكي للسلام وعلى مقترحه عقد قمة للسلام جاءت حذرة أكثر.

وقال بايدن خلال زيارة زيلينسكي إلى واشنطن في 22 ديسمبر ضمن تصريحات علنية إنه يتشارك مع زيلينسكي في “الرؤية ذاتها” بشأن تحقيق السلام وإن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.

زيلينسكي يبذل جهودا دبلوماسية حثيثة لتقديم خطته إلى زعماء العالم
زيلينسكي يبذل جهودا دبلوماسية حثيثة لتقديم خطته إلى زعماء العالم

وقال مودي بعد تقديم زيلينسكي للخطة إنه “يكرر وبقوة” دعوته إلى الوقف الفوري للعمليات القتالية وأبدى دعم الهند لأي جهود للسلام.

وقال زعماء مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى إنهم ملتزمون بسبل إحلال السلام في أوكرانيا “بما يتسق مع حقوقها الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة”.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن فرص إجراء أي محادثات سلام في أي وقت قريب ضئيلة.

وأضاف “أعتقد أن المواجهة العسكرية ستستمر، وأعتقد أننا سنضطر إلى الانتظار أكثر لتوقيت يمكن فيه أن تكون المفاوضات الجادة من أجل السلام ممكنة”.

ومع دخول الحرب الروسية – الأوكرانية شهرها العاشر دون حسم عسكري، بدأت الأصوات الداعية إلى التفاوض تتعالى من قبل حلفاء أوكرانيا الغربيين، بينما لا تمانع روسيا أيضا في البدء بمحادثات سلام مع أوكرانيا دون شروط مسبقة.

وأشار رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي إلى أن الدعم الأميركي لم يتضاءل، لكنه قال “إن كييف كانت في وضع جيد لبدء محادثات سلام، إذ تمكن جنودها من الوقوف في وجه روسيا”.

مارك ميلي: إن كييف في وضع جيد لبدء محادثات سلام إذ تمكن جنودها من الوقوف في وجه روسيا
مارك ميلي: إن كييف في وضع جيد لبدء محادثات سلام إذ تمكن جنودها من الوقوف في وجه روسيا

وأوضح أن “الروس يعززون الآن سيطرتهم على 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية، والخطوط الأمامية من مدينة خاركيف إلى مدينة خيرسون تشهد استقرارا”.

ورأى ميلي أن “احتمال تحقيق نصر عسكري أوكراني يقوم على طرد الروس من جميع أنحاء أوكرانيا بما في ذلك شبه جزيرة القرم، واحتمال حدوث ذلك قريبا، ليس كبيرا من الناحية العسكرية”. وأضاف “يمكن أن يكون هناك حل سياسي حيث ينسحب الروس سياسيا، هذا أمر ممكن”.

وأكد البيت الأبيض أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو وحده الذي خُوّلت له الموافقة على بدء مفاوضات سلام بين أوكرانيا وروسيا، رافضا أي زعم يفيد بوجود ضغوط أميركية على كييف.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي “قلنا أيضا إن الأمر متروك للرئيس زيلينسكي ليعبّر عما إذا كان مستعدا للمفاوضات ومتى وما الشكل الذي ستتخذه تلك المفاوضات”.

وأضاف “لا أحد في الولايات المتحدة يشجعه أو يطلب منه بإلحاح أو يدفعه إلى طاولة المفاوضات”.

ولا يزال دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا قويا، ولكن في الوقت نفسه لم يعارض البيت الأبيض تصريحات الجنرال ميلي الذي أشار إلى أن أوكرانيا تكبدت خسارة في الأرواح تقدر بمئة ألف قتيل وجريح في ساحة المعركة، وهو عدد قريب من تقديرات الجيش الروسي، بالإضافة إلى سقوط أربعين ألف ضحية في صفوف المدنيين.

وتوقع الجنرال ميلي أن يرتفع هذا الرقم إذا استمرت أوكرانيا في القتال لاستعادة حدود ما قبل عام 2014.

ويقول تشارلز كوبشان، الأستاذ في جامعة جورج تاون الأميركية، “إن إدارة جو بايدن ربما تحاول التأكد من أن الباب لا يزال مفتوحا للمفاوضات”، مضيفا أن ميلي “أكثر تطلعا إلى المستقبل”.

وتابع “لا أعتقد أن هذا سابق لأوانه. أعتقد أنه من الحكمة أن يُبقي الروس والأوكرانيون على إمكانية وجود قناة دبلوماسية”.

5