السعوديون يطالبون بمحاكمة "دعاة الفتنة" على مواقع التواصل بسبب وفاة الحجاج

ينشط السعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي في الرد على الحملات التي تستهدف المملكة بشأن وفيات الحجاج بسبب ارتفاع درجة الحرارة في ظل الجدل حول إمكانية الحد منها، ومسؤولية مخالفي الترخيص للحج في هذه الحادثة.
الرياض - تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية مطالبات حقوقية بالضغط على الدول الأوروبية والأميركية التي يقبع بها كل الذين قاموا بتحريض الحجاج على عدم الالتزام بالأوراق النظامية لدى المملكة عبر حساباتهم الشخصية من فتاوى وتغريدات، حيث ترى السعودية أن الحجاج بدون ترخيص قد ساهموا في زيادة عدد الوفيات.
ومع ارتفاع تكاليف السفر لأداء مناسك ركن الإسلام الخامس، وجد كثيرون خصوصا من كبار السن أن آخر فرصهم في أداء هذه الفريضة ستكون عبر “الطريق الخطير” من خلال الحج غير النظامي.
وبحسب تقرير لشبكة “سي.أن.أن” الإخبارية، فإن ارتفاع تكاليف الحج أدى إلى ظهور “صناعة مربحة” لوكالات السفر التي تعد بإيفاد الحجاج إلى السعودية بشكل غير رسمي، وغالبا مع ضمانات نقل وإقامة لا يتم الوفاء بها أو تكون أقل من المستوى المطلوب.
وإلى جانب ذلك، تسببت الحرارة الشديدة هذا العام في مأساة للعديد من الحجاج بعد أن أعلنت السلطات السعودية أن أكثر من 1300 شخص توفوا خلال أدائهم المناسك، مشيرة إلى أن غالبية المتوفين هم “من غير المصرح لهم بالحج”.
وتسببت وفاة الحجاج في جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي بين من رأى أن السعودية قامت بكل الإجراءات اللازمة لنجاح موسم الحج وبين من رأى أن هناك احتياطات كان يجب أن تراعيها المملكة في موسم الحج الذي صادف هذا العام ارتفاعا قياسيا لدرجات الحرارة، وهناك من استغل الحادثة لمهاجمة السعودية، إذ ليست المرة الأولى التي يحاول فيها معارضو سياسات المملكة اقتناص الفرصة لمهاجمتها.
وتحول هاشتاغ #محاكمة_المحرضين_قتلة_الحجاج إلى ترند سعودي في رد على حملات إعلامية عربية ودولية تستهدف موسم الحج هذا العام بسبب الوفيات وتتهم السعودية بالتقصير. وجاء في تعليق:
وقال آخر:
وعلق ناشط:
وتوجه ناشطون بالشكر إلى مصر والأردن على تحركهما بالقبض على المئات من الأشخاص واتهامهم بالتجارة بالبشر بعد احتيالهم على الحجاج المخالفين، وطالبوا الدول الإسلامية والعربية الحذو على مسارهما وتسليم هؤلاء أو من يساعدهم أو يتواصل معهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ليد العدالة، وكل من ثبت تعاونه من مكاتب أو رجال أعمال أو شركات في العالم الإسلامي والعربي والتعامل بعد ما قاموا به كإعلان حرب مباشر على المقدسات الإسلامية وعلى السعودية.
وبحسب تقرير الشبكة الأميركية، فإن كل دولة تحصل على رخصة حج واحدة لكل 1000 مسلم من سكانها، أي بمعدل 0.1 في المئة.
والأسبوع الماضي، قال مسؤول سعودي لفرانس برس دون الكشف عن هويته “نقدّر عدد الحجاج غير النظاميين بحوالي 400 ألف شخص غالبيتهم العظمى من جنسية واحدة” في إشارة إلى مصر.
وفي مصر، تبلغ تكلفة الحج الرسمي 150 ألف جنيه مصري (نحو 3091 دولارا) دون حساب تذاكر الطيران، مما جعل من رجل تجاوز الثمانين من عمره يلجأ إلى شركة غير مرخصة لتنظيم رحلات الحج بتكلفة أقل تصل إلى نحو 100 ألف جنيه.
وأوضح التقرير أن عدد الوفيات الأكبر خلال موسم الحج منذ سنوات، لفت الأنظار إلى وسائل غير قانونية يتم فيها استغلال رغبة المسلمين في أداء الفريضة من خلال الحج غير النظامي.
وقالت السلطات السعودية إن العديد ممن لقوا حتفهم ساروا لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس دون مأوى أو الحصول على الراحة المناسبة، في وقت وصلت فيه درجات الحرارة إلى 51.7 درجة مئوية.
ولا تسمح تأشيرة الزيارة بالوصول إلى مكة، ولذلك يضطر حاملوها الذين يرغبون بالحج إلى السير عبر طريق صحراوي طويل، في الغالب سيرا على الأقدام.
الحرارة الشديدة تسببت هذا العام في مأساة للعديد من الحجاج بعد أن أعلنت السلطات السعودية أن أكثر من 1300 شخص توفوا خلال أدائهم المناسك
وصار هذا الأمر متاحا بشكل خاص منذ عام 2019 عندما بدأت السعودية في إصدار تأشيرات سياحية عامة، وهو ما سهل السفر إلى المملكة.
وعدم التسجيل للحج يحرمهم من الوصول إلى الأماكن المكيفة التي توفرها السلطات السعودية لـ1.8 مليون حاج يحملون تصاريح.
ونقلت “سي.أن.أن” عن عضو غرفة شركات السياحة المصرية عاطف عجلان قوله إن هناك نقصا في الوعي بإجراءات الحج لدى الكثير من المصريين، ما يسمح لمنظمي الرحلات السياحية عديمي الخبرة وبعض أئمة المساجد باستغلال الفقراء ووعدهم برحلات حج بأسعار أرخص دون توفير التأشيرة أو الإقامة ووسائل النقل المناسبة.
وتابع “باتت مهنة من لا مهنة له. هذا قتل عمد، لأن السمسار يعلم أن درجات الحرارة تزيد عن الخمسين، ويعرف أن هؤلاء لن يحصلوا على السكن اللائق”.
كما أوضح أن الحج عبر شركة سياحة مرخصة تكلف الشخص نحو 4760 دولارا تقريبا، في حين الرحلات غير المرخصة تكلف نحو 3700 دولارا. ويبلغ متوسط دخل الأسرة السنوي في مصر حوالي 1429 دولارا سنويا عام 2019، وفق أحدث بيانات متاحة.
بحسب السلطات السعودية، فقد أدى 1.8 مليون حاج مناسك الحج هذا العام، وهو رقم مماثل للعدد المسجّل العام الماضي. ووفد 1.6 مليون من هؤلاء من خارج المملكة.
وكان نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” مايكل بيج قال إن العدد الكبير من حالات الوفاة بضربات الشمس خلال موسم الحج، يُظهر أن السعودية بحاجة إلى “بذل المزيد من الجهد لمعالجة هذه المخاطر الكبيرة على الصحة العامة”.
وكتب بيج على الموقع الإلكتروني للمنظمة، الثلاثاء، “يُعتقد أن الإجهاد الحراري تسبب في العديد من الوفيات، وهو أمر يمكن الوقاية منه تماما، مما يعزز الحاجة إلى تدابير أقوى للحماية من الحرارة، وخاصة لكبار السن وذوي الإعاقة”.