السعودية وروسيا.. من يصرخ أولا من آلام تراجع أسعار النفط

لندن - على مدى عقود كدس العملاقان النفطيان روسيا والسعودية احتياطيات مالية هائلة ستساعدهما على خوض حرب أسعار طويلة. لكن في لعبة عض الأصابع هذه، من سيصرخ أولا؟
انهارت أسعار النفط بمقدار الثلث بعد أن خفضت الرياض أسعار خاماتها وأعلنت أنها ستزيد الإنتاج، لتهوي أسهم شركتي النفط الوطنيتين أرامكو وروسنفت.
والبلدان هما أكبر مصدرين للنفط في العالم ولدى كل منهما احتياطات مالية كبيرة للوقاية من الصدمات الاقتصادية بينما يباهي كلا الخصمين بقدرته على الصمود.
تقول موسكو اليوم إن بوسعها تحمل أسعار النفط بين 25 و30 دولارا للبرميل لفترة تصل إلى 10 سنوات. في حين تستطيع الرياض تحمل تلك، عبر بيع المزيد من الخام لتخفيف الأثر عن إيراداتها.
غير أن حرب استنزاف ستكون مدمرة على أي حال وستجبر كلا البلدين على تغييرات اقتصادية صعبة كلما طالت. ويرى حسنين مالك، مدير استراتيجية الأسهم في تليمر أن الأمر يعتمد على حجم الألم الذي يستطيع كل جانب تحمله. ويضيف أن نقطة التعادل المالي السعودية، أي سعر النفط الذي يحقق ميزانية بلا عجز، تقع عند حوالي 80 دولارا للبرميل، بما يعادل ضعف نقطة التعادل لروسيا.
وتتمتع الرياض باحتياطيات أجنبية تبلغ 500 مليار دولار ونسبة منخفضة للدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 25 في المئة مما يتيح مجالا واسعا للاقتراض.
وقد تمكنت من اقتراض أكثر من 100 مليار دولار بالعملة الصعبة منذ 2016 لتعويض أثر انخفاض أسعار النفط.
وهوت سندات السعودية وأسهم أرامكو الاثنين بشكل حاد، كما انخفض الريال أمام الدولار في السوق الآجلة، لكنها استعادت معظم خسائرها أمس.
ومع تدني أسعار الفائدة العالمية والخفض الحديث المرشح للمزيد من التراجع، يمكن للرياض أن تطرق أبواب مستثمري أدوات الدين بأسعار رخيصة نسبيا بصرف النظر عن تقلبات السوق. لكن المشكلة بالنسبة للسعودية تتمثل في أن بقاء أسعار النفط منخفضة على نحو مستدام قد يكبح الإنفاق الحكومي على مشاريع ضمن مساعي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع موارد الاقتصاد.
وترى مونيكا مالك، كبير اقتصاديي بنك أبوظبي التجاري، أنه في ظل تراجع أسعار النفط إلى أوائل نطاق الثلاثين دولارا للبرميل، فإن السعودية ستسجل عجزا في خانة العشرات كنسبة من الناتج الإجمالي هذا العام، ارتفاعا من 6.4 في المئة متوقعة في الميزانية.
أما روسيا فقد كدست في عهد فلاديمير بوتين احتياطيات بنحو 570 مليار دولار وحررت سعر صرف الروبل، مما يسمح له بالتجاوب السريع مع أوضاع السوق والانخفاض.
ويرى محللون أن موسكو في وضع أفضل بكثير لتحمل صدمة اقتصادية كتلك التي في 2014 عندما فرض الغرب عقوبات بسبب ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، أو مثل التي في عام 2008 عندما عصفت بها الأزمة المالية العالمية.
وفي الأسبوع الماضي، قال وزير المالية أنطون سيلوانوف إن كثيرين انتقدوا في السابق مراكمة الاحتياطات المالية وقالوا إن موسكو “تكنز الذهب… لكن الوضع قد يتغير الآن وسنمول جميع النفقات التي تحملناها ونحن ملتزمون باستخدام صندوق الكنز هذا”.
تشمل احتياطيات روسيا صندوق الثروة الوطني، البالغ حجمه 150 مليار دولار بما يعادل 9.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتقول وزارة المالية إنه يمكن استخدام الصندوق لتخفيف تراجع إيرادات النفط.
وأكد البنك المركزي أنه سيعلق مشتريات النقد الأجنبي لثلاثين يوما في محاولة لتخفيف الضغوط عن الروبل وأنه سيأخذ أوضاع السوق في الحسبان عند البت في المضي قدما في عطاءات السندات الحكومية المقومة بالروبل الروسي في المستقبل.