السعودية ماضية في مسار تمكين المرأة في المؤسسات والهيئات الدينية

الرياض - مثل تعيين امرأة سعودية للمرة الأولى في منصب وكيل في وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد نقلة نوعية في مسار إشراك المرأة وتمكينها من مناصب قيادية في قطاعات لطالما كانت حكرا على الرجال داخل المملكة.
وأصدر وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ الأحد قرارا إداريا يقضي بتكليف ليلى بنت حمد القاسم وكيلة للتخطيط والتحول الرقمي لمدة عام في الوزارة.
وتعتبر بنت حمد القاسم أول وكيلة بوزارة الشؤون الإسلامية منذ تأسيسها في العام 1994. وقالت وسائل إعلام محلية إن تعيينها يأتي في “إطار تعزيز الجهود التي تبذل لتعزيز دور المرأة في المناصب والمهام القيادية بقطاعات الوزارة ووكالاتها المختلفة مواكبة لرؤية المملكة 2030، وإيمانا بأهمية تفعيل الدور المميز للمرأة السعودية في خدمة القطاعات الحكومية والاستفادة منها في تطوير وتحقيق مستهدفات الوزارة”.
وتعمل وزارة الشؤون الإسلامية على مسايرة نسق الإصلاحات التي بدأتها المملكة في السنوات الست الأخيرة، وينبني أحد مرتكزاتها على تمكين المرأة وتعزيز انخراطها في الحياة العامة بعد عقود من التمييز الذي عانت منه السعوديات.
وأسند آل الشيخ في قرار سابق لليلى بنت حمد القاسم خطة إدارة الحوكمة التي ترتبط بمكتبه في إطار ما قال إنه تطوير للعمل الإداري بالوزارة، وتحسين لجودة الخدمة المقدمة للمستفيدين وتعزيز مبدأ الشفافية.
ويرى مراقبون أن تعيين امرأة في منصب قيادي داخل وزارة الشؤون الإسلامية يندرج في إطار توجه يقطع مع هيمنة الرجال على هذه الوزارة الحساسة داخل المملكة، وضمن سياق إصلاحي شامل كشف عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العام 2016 ضمن رؤية 2030 ويقوم على انخراط المملكة بشكل تدريجي في المنظومة الحقوقية الكونية وإنهاء التمييز بحق المرأة السعودية.
تعيين امرأة في منصب قيادي داخل وزارة الشؤون الإسلامية يندرج في إطار توجه يقطع مع هيمنة الرجال على هذه الوزارة الحساسة داخل المملكة
وجاء منح بنت حمد القاسم منصب وكيل في وزارة الشؤون الإسلامية بعد أيام على فوز سيدة أعمال سعودية لأول مرة في تاريخ المملكة بعضوية مجلس إدارة الغرفة التجارية بمنطقة الشرقية بالبلاد.
ويلفت المراقبون إلى أن منح امرأة منصب وكيلة في الوزارة أمر ليس مستغربا أو مدعاة للدهشة، فقد سبق وأن تم تعيين عشر نساء في مواقع قيادية لإدارة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في مكّة والمدينة، في خطوة نادرة لم يكن لأحد أن يتوقع حصولها.
ومع تخفيف القيود على الاختلاط بين الجنسين والسماح للمرأة بقيادة السيارات وارتياد دور السينما والحفلات والأماكن العامة وتخفيف بعض جوانب وصاية الرجال على المرأة، ارتفعت نسبة توظيف النساء خاصة في القطاعات الحكومية ومن بينها تلك التي تحمل صبغة دينية.
وجاء هذا التوجه مع تراجع سطوة هيئة الأمر المعروف والنهي عن المنكر التي كانت تشبه الشرطة الدينية وتحظى بنفوذ وهيبة كبيرين في الشارع السعودي، حيث كان عناصرها يراقبون عن كثب تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في المملكة المحافظة ولاسيما في علاقة بنشاطات المرأة السعودية.
وكانت الهيئة تشن حملات مستمرة للتأكد من التزام النساء بارتداء العباءة السوداء حصرا وعدم مخالفتهن لقرارات منع الاختلاط أو الإتيان بفعل قد يفهم منه انتهاك للشريعة.
وترى ناشطات أن تراجع دور الهيئة وتحجيم نفوذها كانا انتصارا للمرأة السعودية وبداية مسار لفتح أبواب لطالما كانت موصدة أمامها ومنها المشاركة بفاعلية في الحياة العامة.
ولفتت الناشطات إلى أن إشراك المرأة في المؤسسات والهيئات الدينية من شأنه أن يكسر الحاجز النفسي الذي ما يزال موجودا داخل المجتمع السعودي والذي ينظر إلى المكتسبات التي تحققت على أنها محاولة لضرب أسس المملكة المحافظة وتنحو بها صوب التغريب.